تحوّل حزب قلب تونس الذي يترأسه المرشح الرئاسي السابق نبيل القروي من موضع ضعف إلى موضع قوة بعدما تشبثت أحزاب تونسية عدة بوجوب أن يقوم رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ بإشراكه في مفاوضات الحكومة الجديدة. وتلقف قلب تونس مواقف أحزاب كحركة النهضة وتحيا تونس والكتلة البرلمانية “الإصلاح الوطني”، والتي تمثلها أحزاب مشروع تونس والبديل ونداء تونس، حيث اشترطت مشاركة قلب تونس في الحكومة قبل التوقيع على الوثيقة التعاقدية لعمل الحكومة. وأعلن حزب قلب تونس، الثلاثاء عن دعمه لتشكيل حكومة وحدة وطنية في خطوة لإنهاء المسار المتعثر في مفاوضات رئيس الحكومة المكلف. ويأتي إعلان الحزب الذي حل ثانيا في الانتخابات التشريعية، عقب اجتماع مجلسه الوطني، ردا على قرار استبعاده من الفخفاخ في مشاورات تشكيل الحكومة. ويتماهى موقف قلب تونس الرامي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية مع الحزب الأول، حركة النهضة، فيما طالب أيضا حزب حركة “تحيا تونس” بأن تشمل المشاورات أكبر عدد ممكن من الأحزاب من أجل ضمان حزام سياسي واسع للحكومة المقترحة. وأكد حزب “قلب تونس” في بيان له، “على صواب خيار حكومة الوحدة الوطنية”، معتبرا أنها “الحل الأمثل للخروج من الأزمة الخانقة والعامة التي تمر بها البلاد”. وكان الفخفاخ قد قرر عقب تكليفه من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد بتشكيل الحكومة في 20 يناير الماضي، حصر المشاورات مع أربعة أحزاب رئيسية من بينها النهضة و”تحيا تونس” و”حركة الشعب” و”التيار الديمقراطي” إلى جانب أحزاب أخرى صغيرة. واستبعد “قلب تونس” و”الحزب الدستوري الحر” بدعوى أنهما لا ينسجمان مع المرحلة ولم يكونا من داعمي الرئيس سعيد في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية التي فاز بها أمام مرشح “قلب تونس” نبيل القروي. ويرى المراقبون أن الفخفاخ يجد نفسه اليوم في مأزق وفي مهمة أصعب مما كان يتصور خاصة أن تشريك قلب تونس في الحكومة لم يعد مطلب حركة النهضة فحسب بل باتت تنادي به جل الأحزاب المعنية بالمشاركة في الحكومة باستثناء حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب وكذلك ائتلاف الكرامة. والتقى الفخفاخ الثلاثاء الرئيس قيس سعيد وأطلعه على مستجدات تشكيل الحكومة خاصة في ما يتعلق بالحزام السياسي الذي سيدعمها. وقال النائب أسامة الخليفي عن حزب قلب تونس الثلاثاء إن قلب تونس مستعد لكل السيناريوهات القادمة بما في ذلك الانتخابات المبكرة. ورقة الانتخابات المبكرة التي تلعب عليها النهضة لتحسين شروط التفاوض مع الفخفاخ لم تعد مجرّد مناورة بل تحوّلت إلى سيناريو مزعج يقلق الداعمين لما يسمى بحكومة الرئيس وأكد المتحدث أن المكلف بتشكيل الحكومة، إلياس الفخفاخ ”هو الشخصية الأقدر على إفشال تشكيل الحكومة” معتبرا أن هناك مضيعة للوقت. ويسابق الفخفاخ مع الزمن لأنه يتعين عليه عرض حكومة مقترحة ونيل ثقة البرلمان في غضون شهر بحسب الدستور، لتفادي حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة. ولم يقتصر قلب تونس على تحميل فشل مسار المفاوضات للفخفاخ، حيث دعا في نفس البيان رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى وجوب تسبيق مصلحة الوطن على الحسابات الضيّقة. ومنذ تكليف الفخفاخ بمهمة تشكيل الحكومة، تحدث العديد من المتابعين عن أن قرار استبعاد حزب قلب تونس ناتج عن توافقات حصلت بين الرئيس قيس سعيد والفخفاخ وحزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب. وتحدثت العديد من التقارير المحلية التونسية عن أن ورقة الانتخابات المبكرة التي تلعب عليها حركة النهضة لتحسين شروط التفاوض مع الفخفاخ لم تعد مجرّد مناورة بل تحوّلت إلى سيناريو مزعج يقلق الداعمين لما يسمى بحكومة الرئيس. وانتقدت العديد من الأطراف السياسية المنهج الذي اختاره الفخفاخ في المفاوضات، معربة عن تخوفاتها مما اتخذها من سياسات منافية للدستور اختار على إثرها حزاما سياسيا على ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية وليس على ضوء النتائج البرلمانية. وفي ظل المشهد السياسي المتحرّك في تونس، يحذر العديد من المراقبين من يكرر الفخفاخ نفس الأخطاء التي كررها من قبله الحبيب الجملي الذي لم تنجح حكومته في نيل ثقة البرلمان. وتحتاج الحكومة التي سيطرحها الفخفاخ على البرلمان إلى الأغلبية المطلقة لنيل الثقة، وفي حال فشلت في ذلك فإن على الرئيس قيس سعيد حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة
مشاركة :