كتاب :الإمارات بلد مثالي للتنوع الثقافي

  • 6/1/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تعتبر الإمارات بشهادة القاصي والداني، بلداً نموذجياً في التعايش الثقافي والمعرفي المتوازن بين الجاليات المقيمة على أرضها في مناخ من الانفتاح على الثقافات الإنسانية ببعديها المعاصر والتراثي، وتعكس هذه الحالة الثقافية الإماراتية الاستثنائية مدى خصوبة وتنوع الساحة الثقافية الإماراتية التي من مكوناتها، وبحكم تواجد الجاليات الكثيرة في الدولة، ثقافات من الغرب وأخرى من الشرق والشمال والجنوب هنا على أرض لها تاريخها الثقافي والتراثي ذو المرجعيات العربية والإسلامية التي تمجّد العدل والتسامح والجمال. ويؤكد الخبراء مجموعة من الأسباب التي تجعل الإمارات تستحق هذا الوصف، وربما في مقدمتها السبب التاريخي والثقافي، حيث لم تعرف الإمارات في تاريخها القريب صراعاً عنيفاً، ولا برزت فيها تيارات متشددة كما هي حال كثير من بلدان الوطن العربي، كما أن الثقافة السياسية السائدة تميل إلى الاعتدال والتوازن والتسامح والانضباط في السلوك والتفكير، وكل هذه العوامل تشجّع على التعايش الذي يستشعره أولئك الذين يعيشون على أرضها ممن ثمّنوا هذه الميزة التي جعلت الإمارات قبلة المصطافين والزائرين والمقيمين، ممن يشعرون بالرضا عن هذا البلد الذي يجسّد قيم المحبة والتكافل والتسامح. يقول محمد بن جرش المدير العام للمدينة الجامعية في الشارقة : يبحث الإنسان دائماً عن الاستقرار والأمان ليستطيع أن يعيش بحرية ويمارس نشاطه وسط مجتمع تسوده قيم التسامح والعدل والمساواة واحترام الآخر، دون النظر لعقيدته أو دينه، واحترام العلاقات الإنسانية، وهنا في الإمارات ومنذ نشأة دولة الاتحاد، حرص المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه على غرس قيم المحبة، وتعزيز ثقافة التعايش السلمي في الإمارات، رغم وجود ما يزيد على 200 جنسية تعيش على أرضها، ولتصبح الإمارات نموذجاً للاستقرار السياسي والاعتدال واحترام الحريات الشخصية، وهو الذي انعكس إيجاباً على الحياة الاقتصادية ودفع عجلة التنمية الشاملة قدماً إلى الأمام. ويتحدث ابن جرش عن ثقافة التعايش في الإمارات تلك التي تؤثر في كل تفاصيل الحياة التي يعيشها الأفراد، وهي تعكس ملامحها في الأطر التنظيمية والتشريعية، وبفضل هذا التعايش، ولد ما يعرف بالثقافة السياسية على المستويين المحلي والدولي، فأغلقت الأبواب أمام التيارات الإرهابية كما أغلقت منافذ التشدد بكافة أشكاله، من أجل الحفاظ على نسيج المجتمع وتعزيز تماسكه، ومن جهة أخرى فقد نجحت الإمارات في التعامل مع كافة أشكال العولمة الثقافية بمنهجية علمية وبفكر واعٍ، لتصبح في المرتبة الأولى عالمياً في التعايش السلمي بين الجنسيات، تلك التي تعيش حالة تناغم بشري أذهل العالم وفتح أبواب السعادة لكل مواطن ومقيم. وقالت الشاعرة الهنوف محمد إن وجود نحو 208 جنسيات تنتمي إلى ثقافات متعددة وحضارات مختلفة يعتبر عنصر ثراء وتنوع في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي آلت منذ البداية الانفتاح على الآخر وزرع ثقافة التعايش والتسامح بين المواطنين والقاطنين على أرضها، مشيرة إلى أن وجود هذا الكم من الثقافات يضفي على المشهد الإماراتي حالة خاصة، وإضافة نوعية تشجع الكتّاب والمثقفين الإماراتيين على الاطلاع على تجارب الآخرين والتواصل معهم، كما يتيح هذا الحضور اللافت للثقافات المتعددة كذلك فرصة للتحاور والتبادل الثقافي والتلاقح الحضاري بين الشعوب. وأكدت أن الإنسان الإماراتي والمبدع على وجه الخصوص محظوظ بوجود مثل هؤلاء لما يسهم فيه من التواصل المثمر بين ثقافات الشعوب المختلفة، وإتاحة الفرصة لتناقل التجارب والخبرات، وقالت إن ما يميز الإمارات هو هذا الانفتاح المهم على ثقافة الآخر وتشبع أبنائها واستفادتهم منه، فبدل أن يسافروا إلى الآخر لاستكشاف ثقافته بمقدورهم أن يطلعوا عليها بين ظهرانيهم من خلال ثقافة الجاليات المقيمة. وقال الكاتب والباحث الأكاديمي الدكتور عبد الله المغني إن ثقافة الشعوب ونجاحها يقاس بقدر تفاعلها وتواصلها واستيعابها لثقافات الآخر ومدى استفادتها منه، وهذا ما تحقق في دولة الإمارات التي قطعت أشواطاً لافتة في ظرف قياسي نحو ترسيخ مبدأ التعايش والانفتاح على الآخر وفق استراتيجية محكمة تهدف إلى مد جسور التواصل والتعاون مع مختلفة ثقافات الشعوب الأخرى. وأكد أن الثقافات المتعددة التي تعيش على أرض الإمارات تختزل تاريخ شعوبها وحضاراتهم، وتظهر صورة مضيئة عن الإمارات الحاضنة والراعية والداعمة للسلم العالمي والحوار بين الحضارات والتصالح معها والاستفادة من تجاربها على كافة المستويات، في البناء والتنمية والتفكير والتدبير والتطوير، لافتاً إلى أن حضور تلك الثقافات يتجلى حتى في ثقافة الأكل التي تنتشر عبر المطاعم المتعددة التي تتوزع في إمارات الدولة كافة، كما يبرز بوضوح في المواسم والأنشطة الثقافية التي تنظمها الجاليات المقيمة في الدولة. وقال الشاعر الموريتاني أحمد محمد محمود إن دولة الإمارات العربية المتحدة تقدّم اليوم نموذجاً فريداً للعالم من خلال ما تحتضنه من جنسيات تشكل مختلف ثقافات العالم، تتعايش في سلام ووئام، تتناقل التجارب، وتتواصل مع بعضها البعض، ويطلع كلٌ منها على ثقافة الآخر وما تزخر به من ثراء. وأشار إلى أن الإمارات تمكنت من خلال ذلك من تحقيق التوازن الثقافي والانفتاح الحضاري، وإثراء التجربة بما يتناسق مع الأسس الراسخة التي قامت عليها الدولة، ولا تزال تسير عليها إلى اليوم، لافتاً إلى أنه ليس من السهل ولا الهيّن وجود هذا الكم من الجنسيات والثقافات في مكان واحد، والأصعب تحقيق التناغم والانسجام بينها، وترسيخ مبدأ التعايش وتعزيز التسامح بين كافة أفراد الشعوب الأخرى، مؤكداً أن دولة الإمارات العربية المتحدة تمكنت بالفعل من تحقيق هذه المعادلة الصعبة والمهمة في الوقت نفسه. وقال د. إياد عبد المجيد العبد الله نائب عميد شؤون الطلبة في جامعة العين: رغم كل المتغيرات على الساحة الدولية التي تهدد استقرار المجتمعات مازال والحمدلله سجل دولة الإمارات العربية المتحدة مشرفاً على صعيد السلم الاجتماعي، حيث أسهمت السياسة الخارجية المعتدلة والمحايدة لدولة الإمارات في تعزيز مكانتها بين الدول واعتبارها صديقة للجميع، وقد أرسى بناء هذه العلاقات المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي جعل للجانب الإنساني بعداً أصيلًا في السياسة الخارجية للدولة، وسار على نهجه أصحاب السمو شيوخ الدولة، لإقامة علاقات طيبة ومتوازنة مع جميع دول العالم وشعوبه، قائمة على الاحترام المتبادل والمنافع المشتركة والتبادل الثقافي والسياحي، خدمة للسلام وترسيخاً لثقافة التعايش السلمي والتناغم الإنساني بين الإمارات وشعوب العالم وثقافاته. إن دولة الإمارات العربية المتحدة، ووفق السياسة الحكيمة التي تنتهجها بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات في نشر ثقافة التعايش السلمي وإعادة قيم التسامح والعدل والمساواة واحترام العقائد والأديان لجميع أجناس البشر وشعوبها، والتمسك بأخلاقيات التواصل والتعارف المبنية على المحبة والخير فإن في الدولة اليوم أكثر من 200 جنسية تعيش في أمان وسلام اجتماعي واستقرار لامثيل له على مستوى دول العالم، في إطار التعايش السلمي ووفقاً لقوانين الدولة التي تحترم الجميع وتساوي بين الجميع. إن نمط العيش ومستوى الحياة والرفاهية الذي توفّره الدولة للجنسيات المختلفة التي تعيش على أرضها فضلاً عن ملايين السياح سنوياً، وعما يسود المجتمع الإماراتي من قيم إيجابية يستلهم منها الجميع عناصر الحياة، كان ذلك كله السبب المباشر في تقدم الإمارات وفقاً للتقارير السنوية على أكبر الدول في العالم، إن سر هذا يتمثل في كون الإمارات بعيدة عن التعصب والتمييز والكراهية والتشدد، وأن احتضان هذه الجنسيات المختلفة جعلهم يتفاوتون في أعدادهم ومؤهلاتهم وأعمالهم، فالجميع تحت مظلة واحدة، يقيمون علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والمنافع المشتركة، والتبادل الثقافي والسياحي خدمة للسلام وترسيخاً لثقافة التعايش السلمي والتناغم الإنساني بين الإمارات وشعوب العالم وثقافاته.. كل هذا جعل دولة الإمارات تقيم أفضل العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع جميع بلدان العالم وتتصدر المراتب العالمية الرفيعة المرموقة. وقال هشام المظلوم رئيس مجمع الشارقة للآداب والفنون: إن التنوّع الحضاري والإنساني والتعايش السلمي، هو أحد الوجوه المشرقة لدولة الإمارات، وبحكم انفتاح الدولة على العالم وخصوصاً في الجانبين الاقتصادي والتعليمي، أدى ذلك بطبيعة الحال إلى الانفتاح الاجتماعي والثقافي. وقد سعت دولة الإمارات منذ قيام الاتحاد، إلى إنشاء وتكوين مؤسسات أهلية تعنى بتنظيم وتفعيل دور الجاليات الموجودة على أرض الإمارات للتعبير عن ثقافاتها، وإيجاد خطاب مشترك مع المواطنين في الدولة، كالمركز الثقافي العربي والجمعية الهندية، والنادي الثقافي الإيراني وكثير غيرهم.. كما كان للجانب الدبلوماسي دور كبير في جلب الفعاليات والأنشطة بمختلف المجالات من الخارج. وأضاف المظلوم، أن الرؤى المتبصرة لحكام الإمارات، ومعرفتهم المسبقة في أن الثقافة هي ملك للإنسانية جمعاء، مهّدت وفرشت هذا البساط للحوار مع الآخر، ضمن سعي دؤوب لتأمين كل وسائل الراحة والأمان والتطور المعرفي والتكنولوجي ليكون الجميع متعايشين في فسيفساء ملونة قل نظيرها في العالم. و قال الشاعر الدكتور شهاب غانم: هذا الكم من الجاليات بخلفياتها الثقافية المتعددة، وبأنشطتها الثرية، وبالتعايش السلمي بينها، انعكس بشكل مباشر على الإنسان الإماراتي وجعل عقليته متفتحة يتقبل الآخر وعلى استعداد للتعاطي معه، وجعله بعيداً عن التطرف والتزمت والانغلاق، وهذا أعطى صورة جديدة للآخر عن العرب، وغيّر الرؤية النمطية التي كانوا ينظرون بها إلينا، فالإماراتي اليوم يثبت أن العربي طيب وقابل للانفتاح وللتعايش، وثقافته عميقة تتأسس على قيم إنسانية راسخة، وهي ثقافة تستطيع استيعاب الجديد ومحاورة الأفكار المختلفة. ويضيف غانم من خلال تجربتي في الترجمة من الثقافة الأوروبية والهندية واليابانية والصينية احتككت بأناس من مختلف هذه الثقافات وعرفت أن مفتاح فهم الشعوب، والدخول إلى وجدانها هو التعرف إلى ثقافاتها، لأنها هي التي تودعها هويتها، وحين نتعرف إلى ثقافة الآخر نكون أقدر على التعامل معه بسلام واطمئنان. ويقول الفنان التشكيلي أحمد حيلوز إن البيئة الإماراتية توفر ظروفاً جيدة لصناعة تعايش وتبادل ثقافي مثمر، وهذا واضح في كل مجالات الحياة، وعلى مستوى الفنون التي هي مجال اهتمامي شخصياً، ألاحظ هذا بشكل كبيراً، نظراً لاعتماد الفنون على التلقي البصري، فالفنان الذي يعيش في الإمارات لا بد أن تتسع الرؤية البصرية لديه، وتتسرب عناصر من ثقافات أخرى إلى أعماله، فأنا عندما أشاهد لوحة فنية أستطيع أن أحدد خلفياتها والبيئة التي جاءت منها، فلوحة الفنان الخليجي سيكون فيها أثر البيئة الخليجية ببحرها وأفقها الصحراوي الواسع، وسمائها العريضة، ولوحة الإفريقي ستكون غامقة الألوان داكنة تحيل على الغابة، وهكذا مع الوقت تنطبع تلك العناصر المختلفة في ذهني وتعطيني خيارات لا متناهية لتطعيم أعمالي بعناصر من تلك البيئات مع حفاظي على إيقاع الخصوصية التي تولدت معي من بيئتي، وهكذا يتجدد عملي باستمرار ويتطور. ويضيف حيلوز: كلما اتسع نطاق التبادل الثقافي فإن الرؤية الثقافية سوف تتسع، وتولد الجديد والمفيد، وكلما تقلص ذلك التبادل فإن الثقافة تتقوقع على نفسها، وتصبح غير منتجة، وخصوصية الإمارات هي أنها توفر هذا الاتساع باحتضانها لتنوع ثقافي كبير جداً، وقد استفادت الحركة التشكيلية الإماراتية على وجه الخصوص من هذا التنوع، وانخرط الكثير من الفنانين في الحداثة الفنية، وانطلقوا في تجارب فنية تستقي عناصر عالمية. وقالت الشاعرة والفنانة التشكيلية وفاء خازندار دولة الإمارات العربية المتحدة تمثل نموذجاً رائعاً ويحتذى في التعايش والتواصل بين الشعوب والجنسيات المختلفه، رغم هذا التعدد الكبير، إلا أن هناك طرقا ًكثيرة للتفاهم والتواصل بينهم. ولعل الفن هو خير لغة بين هذه الجنسيات فهو يتخطى كل الحواجز، فالفنون بمختلف أشكالها مستوياتها وتنوع أصولها تلعب دوراً مهماً في تقارب الشعوب، وتمهيد طريق الحوار، وما هو حاصل من تنوع في الإمارات يزود الثقافة بمعطيات وتحديات خارج حدود ما هو محلي، ويجعلها تسخّر إمكاناتها في أي مجال لخدمة قضايا إنسانيه عالمية.

مشاركة :