قررت السعودية أن تكون باكورة منتجات سوق المشتقات المالية السعودية منحصرة في عقود أسعار الفائدة والنقد الأجنبي في خطوة لتوسيع السوق المالية المحلية، وتنويع المنتجات المقدمة للمستثمرين، وسط التأكيد على تشريع أنظمة للبنية التحتية تعزز التوخي من حدوث أزمات مالية.وأعلن محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» الدكتور أحمد بن عبد الكريم الخليفي أول من أمس في الرياض أن حصول الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية «سمة» على ترخيص إنشاء وتشغيل أول مركز وطني لتسجيل المشتقات المالية؛ جاء بعد استكمالها متطلبات لوائح تشغيل مراكز حفظ بيانات التداول التي وضعتها المؤسسة.وأفصح محافظ «مؤسسة النقد» أن الغرض من المشتقات المالية هو توفير أدوات لإدارة المخاطر تؤدي دورا في استقرار الأسواق المالية، وعليه تم اختيار البدء بالمنتجات الأكثر شيوعا مثل مشتقات أسعار الفائدة، ومشتقات النقد الأجنبي اللتين تشكلان أكثر من 90 في المائة من المشتقات المتداولة، على أن يتم في المستقبل القريب العمل على تطبيق متطلبات الإبلاغ عن المنتجات الأخرى الأقل تداولا كمشتقات الأسهم، ومشتقات الائتمان، ومشتقات السلع. وتابع محافظ «مؤسسة النقد»: «رغم أن الأسواق المالية في المملكة صغيرة نسبيا من حيث عدد المنتجات وتعقيدها وتنوع المتعاملين فيها، فإن الاهتمام منصب على تعزيز شفافية أسواق المشتقات المالية غير المدرجة في منصات مركزية»، مشددا على أن المملكة معنية بإيجاد سوق منظمة تنظيما كافيا لتداول هذه المشتقات مع ضرورة تحقيق التوازن الصحيح في التنظيم.وأشار الخليفي إلى أن «مقدار حجم أسواق المملكة ومستقبلها الواعد يتيح لنا فرصة مواتية لتطويرها وتشكيلها على أساس سليم، على الرغم من توافر بعض التحديات»، مضيفا بالقول إن «سوق المشتقات المالية غير المدرجة في منصات مركزية عالمية بطبيعته، إلا أن كل دولة تضع لوائحها وفقا لاحتياجاتها المحلية، وهو ما أدى إلى حدوث تعقيدات للكيانات والمعاملات المتعلقة بأكثر من نظام». وبين الخليفي أن «مؤسسة النقد» استحدثت نظاما للترخيص لمراكز حفظ بيانات التداول يتطلب تلبية معايير الحوكمة والتشغيل التي أوصت بها لجنة المدفوعات والبنى التحتية للأسواق المالية (CPMI)والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (IOSCO)، ومنها المعايير المتعلقة بالحوكمة، وشفافية السوق وتوافر البيانات، والموثوقية التشغيلية، والوصول والمشاركة، وحماية البيانات، وحفظ السجلات، وإجراءات التواصل ومعاييره. وبشأن البنى التحتية للأسواق المالية كمراكز حفظ بيانات التداول، ومراكز المقاصة المركزية للأوراق المالية، ومنصات التداول عبر الإنترنت، وغيرها، أكد الخليفي أن هناك مجالا واسعا لتطويرها، وهو ما يتعين على «مؤسسة النقد»، وغيرها من الجهات التنظيمية المحلية العمل مع الكيانات الحكومية الأخرى لتطوير الأنظمة واللوائح القائمة ذات الصلة.وزاد الخليفي خلال كلمته: «ندرك ضرورة توحيد المعايير على مستوى العالم، ونرى أن إطار العمل الخاص بمراكز حفظ بيانات التداول في المملكة يتمتع بمرونة كافية تُمكنه من التوافق مع المعايير والممارسات الدولية ذات الصلة»، كاشفاً في هذا الصدد أن المملكة من بين الدول الأُول التي حققت التزامات مجموعة العشرين المتصلة بالإبلاغ عن المشتقات المالية خارج البورصة، معرباً عن شكره وتقديره لجميع المشاركين في فرق العمل من مؤسسة النقد، و«سمة»، ومتعاملي السوق من البنوك على هذا الإنجاز المهم للقطاع المالي.ويشير الخليفي إلى أن أسواق المشتقات المالية غير المدرجة في منصات مركزية أسهمت في حدوث الأزمة المالية العالمية في عام 2008 نتيجة أن العقود كانت ثنائية بين العميل والمؤسسة المالية، كما أنها كانت مرنة في شروطها وأحكامها وهياكلها، وهو الأمر الذي سبب قلقا كبيرا بشأن مخاطر الائتمان للأطراف المقابلة للمؤسسات المالية، وتدنت قدرة المتعاملين في السوق - والمعظم من البنوك - في تكوين معرفة كافية بالأنشطة والمراكز في السوق، مما أضعف قدرتهم على تقييم المخاطر المحتملة لعملياتهم بشكل أفضل، ومن ثم اتخاذ تدابير مناسبة لإدارتها بشكل يسهم في سلامة النظام المالي بشكل عام. وأضاف «نتيجة لذلك، أصبح تحسين مستوى الشفافية، وخفض مخاطر الائتمان للأطراف المقابلة للمؤسسات المالية في عقود المشتقات المالية غير المدرجة في منصات مركزية؛ من المحاور الرئيسة في دعم إنشاء بنية متينة للسوق المالية، وقد تبنت مجموعة العشرين في عام 2009م في بيتسبرغ توجهاً يقضي بوجوب تداول جميع العقود الموحدة للمشتقات المالية غير المدرجة في منصات بأسواق تداول أو في منصات تداول إلكترونية، حسبما هو مناسب، وأن تتم مقاصتها من مراكز مقاصة مركزية، وأيضاً وجوب إبلاغ مراكز حفظ بيانات التداول عن جميع عقود المشتقات المالية خارج البورصة».
مشاركة :