الثورة السورية بين مصالح ومطامع أردوغان

  • 2/8/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بالرغم من مرور ثماني سنوات من عمر الثورة السورية ودخولها العام التاسع بعد شهر، حدثت فيها متغيرات كبيرة قلبت فيها الكثير من الموازين والاصطفافات بين القوى المحلية والإقليمية والدولية، ندخل الثورة والشعب السوري برمته راح ضحية البعض ممن ادّعوا المعارضة وراحوا يبيعون الثورة بأبخس الأثمان ليحولها لعملية جمع الثروة على حساب دماء الشعب السوري وتهجيره وتدمير الوطن.الكل فعل الخطيئة ولا أحد بريء منها، الوطن تحول لعاهرة تبحث عن من يحميها مما تبقى لها من شرف، المعارضة العثماسورية باتت لا تعي من الكرامة شيئا سوى تحولها لبنادق مأجورة ترتمي في أحضان من يدفع أكثر. كان من مصلحة الشعب السوري البدء بالثورة لتغيير العقلية الاستبدادية التي تأقلمت على نهب خيرات الوطن لاشباع نزواتها وجشعها السلطوي، ثورة كان الهدف منها تحقيق حياة رغيدة واسترجاع كرامة سلبت منهم بعصى البعث وهراوة الأمن، ثورة كان لا بدَّ منها لعودة الوطن لذاته بعد اغتراب دام عقودا من الزمن وهو يُسرق من طائفة لا يهمها من القيم المجتمعية سوى بناء ملكوتها المذهبي على حساب الشعب بأكمله. كانت المعارضة التي هي بالأساس وليدة نفس العقلية البعثية والتي لم تختلف عنه شيئًا سوى بالاسم مع بقاء الجوهر كما هو. الإقصاء والفساد والسرقة والمحسوبية والمافياوية وتحويل الوطن لمزرعة عائلية يرتع فيها الشعب ويُسمّن لحين ذبحه على وليمة الاستقرار الداخلي وشرب نخب الممانعة، لتعلو بعدها صيحات عهدنا: "أن نتصدى للامبريالية والصه......" إلى ما هنالك من نفاق ورياء وخداع للشعب ليبقى دائمًا مستعدًا للتضحية من أجل قضية"فلسطين" يستثمر بها وفيها. مصالح الشعب الذي فكر يومًا بالثورة باتت وبالًا عليه وتمنى بأن لا يعيدها ثانية وراح يعض أصابعه ندمًا على اليوم الذي فكر فيه بأن يبدأ بالثورة. كانت المصلحة الوطنية الشعبية تقتضي بأن يكون ثمة حراك ليقول الشعب كلمته ويُعلي صوته عاليًا ليعرف المستبد بأن الشعب لم يغفل ولم ينم، بل ينتظر ساعة مواجهة الحقيقة والتي إن طالت. بثورة الربيع العربي انقلبت الكثير من المصطلحات رأسًا على عقب وخرجت من معناها، فالصديق بات عدوًا، الوطن تحول إلى غربة، الهجرة باتت هدفًا، المصالح أصبحت مطامع حتى ضاع الوطن وتاهت الثورةبالتعريفات والمعاني، وبذلك تتحقق الفوضى الخلاقة التي أرادوها عنوانًا لشعب يسير نحو المجهول. وأكثر مصطلحين تعرضا للتحريف هما المصالح والمطامع، فالكل يعلم أن للدول مصالح مع بعضها كما الأفراد، يعملون مع بعضهم على أساس احترام كل طرف خصوصية الطرف الآخر مع بقاء هامش المصلحة للطرفين وفق تفاهم بينهما، بعكس المطامع تمامًا التي يتعبر أحد الأطراف أنه من حقه أن يفعل ما يريد بحق الطرف الآخر عنوة ومن دون رضاه لسرقته ونهبه وإن كان ذلك برضاه أو العكس، حينها فقط أحد الأطراف بفكر بما يريده هو على حساب الطرف الآخر. وهذا ما كشفته الثورة السورية أنه ليس ثمة أطراف لها مصالح فيها، بل الكل له أطماع في سوريا ولهذا حولوا سوريا لقطعة من التورتة "كاتو"، وكل طرف يسعى لقضم أكبر قطعة على حساب الطرف الآخر. المعارضة التي حولت المصلحة إلى أطماع لها باعت فيها الوطن مع الشعب وأخواتها في الثورة لتركيا وللأمن القومي التركي وشرعنت العدوان والاحتلال التركي لوطن كان يسمى عند المعارضة سوريا، وكذلك إيران التي لهاأطماع في سوريا لفرض هلالها الشيعي في المنطقة، والذي لا يخفى على أحد. أما روسيا وأمريكا، فحدث ولا حرج، فأطماعهما في سوريا فاقت درجة الجشع الاستعماري الكولونيالي الكلاسيكي وتحول لفرض وصاية على الشعب السوري وتحويل سوريا لرقعة شطرنج تبيع وتشتري وفق أجنداتها الانتدابية. أما العرب، فلا مصالح لهم في سوريا ولا أطماع، وهذا راجع لحالة الفراغ الفكري الاستراتيجي لهم وحتى أنهم لا يملكون مشروعا نهضويا يملأ الفراغ الذي تسعى مختلف القوى الطامعة لملئه. أردوغان الذي له أطماع في عثمنة المنطقة من جديد على حساب دولها وشعوبها، يعمل المستحيل للوصول لأهدافه، إن كان في الشمال السوري أو العراقي أو في ليبيا، لكن بقيت حتى الآن قوات سوريا الديمقراطية الشوكةفي حلق أردوغان التي أفشلت كل مخططاته وأجنداته في المنطقة، قوات سوريا الديمقراطية يمكن اعتبارها القوة الوحيدة التي لها مصالح في عودة سوريا لسيادتها ووحدة أراضيها، وأثبتت ذلك في حربها على أعتى فصيل ارهابي وهو داعش الذي تم القضاء على آخر بؤرة له في الباغوز في مارس من العام الماضي.

مشاركة :