سياسات أردوغان من «صفر مشاكل» إلى معاداة العالم

  • 2/9/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

10 أعوام مرت على الاستراتيجية التي أعلنها الرئيس التركي طيب رجب أردوغان والمعروفة بـ«صفر مشاكل مع العالم الخارجي» والتي تحطمت وسط موجات الصراعات والأزمات التي فجرها الرئيس التركي في ليبيا وسوريا مختصماً فيها معسكر الدول العربية، وإقحام بلاده في معترك الأزمات مع روسيا وأميركا والتدخل في ليبيا ومحاولة الاستيلاء على غاز المتوسط والخلافات مع الجزائر وتونس. شتان بين سياسة (صفر مشاكل) التي كانت تحاول تقريب وتحالف تركيا مع دمشق، ومهادنة المقاتلين الأكراد بتوقيع هدنة معهم، وتلمسه للتعايش الحسن مع اليونان بما يدفعه للتركيز ومحاولة اغتنام الفرصة على الشراكة الأوروبية عبر ما أعلنه من دعم للاجئين، إضافة لاغتنام دعم عضوية بلاده في «حلف شمال الأطلسي – الناتو»، وما يحدث اليوم من عزلة لتركيا في المجتمع الدولي والشرق الأوسط بعد تورطه عسكرياً في شمال سوريا فضلاً عن إرسال المرتزقة والإرهابيين إلى ليبيا. يصف الكاتب كوري شاك، في موقع وكالة «بلومبرج»، تلك المفارقة الكبيرة في التحول التركي وخاصة في السياسة الخارجية خلال 10 سنوات بأن أنقرة «انحدرت من ديمقراطية نابضة بالحياة إلى دولة استبدادية قمعية». «الاتحاد» تكشف النقاب عبر بيانات رسمية موثقة لدول غربية وعربية، كيف كانت رحلة أردوغان لعزل بلاده عن العالم وتجربة الهبوط المفاجئ والتغيير السلبي في سياسته بإقليم الشرق الأوسط ومعاداته لأقطاب العالم. ولفهم أسرار تحول (الصفر مشاكل) إلى (500% مشاكل)، تحدثنا مع أتراك بالداخل والخارج وخبراء وباحثين فاعلين في أكثر من 4 دول عربية وأجنبية، في محاولة لرسم صورة دقيقة لما يحدث الآن، لاستكشاف تداعيات تلك السياسة في المستقبل. جرائم في سوريا والعراق يقول نواف خليل، رئيس المركز الكردي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن النظام التركي أصبح منعزلاً عن الجميع، وذلك بعدما أدركت كافة القوى الكبرى أن الوقوف إلى جانب رجب طيب أردوغان سيعرضها لخسران شعبيتها سواء في الداخل أو أمام المجتمع الدولي والشعوب بشكل عام، في ظل الجرائم التي ارتكبها أردوغان مستغلا الجيش التركي في سوريا وليبيا والعراق وغيرها من الأماكن التي أصبحت مناطق ارتكاز عسكري للجيش التركي بأوامر منه، ومن ثم أصبحت القوى الكبرى في معزل عن هذه التحركات التي تدينها الشرعية الدولية. خليل أضاف لـ«الاتحاد» أنه لا يمكن أن تتعامل القوى الكبرى مع النظام التركي بشكل مباشر وعلني في الفترة المقبلة، خاصة مع إثبات واضح حول تعامل النظام التركي مع المنظمات الإرهابية وهو ما يؤرق العالم أجمع، خاصة مع ما تقوم به العصابات الإرهابية من عمليات قتل ونهب سواء في منطقة الشرق الأوسط تحديدا سوريا وليبيا، أو فيما يتعلق في أوروبا حيث تقوم بعمليات الذئاب المنفردة، والتي تهدف إلى خلق بؤر صغيرة تنفذ من خلالها عمليات الإرهابية بحق المواطنين العزل. ومع تزايد المؤشرات والدلائل على تبني أردوغان لمثل هذه الجماعات فإنه لن يمكنه عدم الاعتراف بمسؤوليته عنها وهو ما يزيد من تخلي الحلفاء عنه وفي النهاية لن يجد أحد إلى جانبه وسيؤدي إلى سقوطه في النهاية. وبرصد بسيط ومُجرد لرحلة أردوغان وسياساته من رئيس لبلدية إسطنبول ثم رئيس للحكومة فرئيس لتركيا، سنجد أن أزمات الداخل التي بالطبع بدأت في الانعكاس على الخارج قد بدأت في 2010 في ضوء اتهامات باختطاف القضاء العلماني، عبر تعديلات دستورية رفضتها المعارضة، وإرسال اردوغان لأسطول الحرية لغزة واعترضته إسرائيل، وبدأت العلاقات تتوتر بينهما، فيما حاول أردوغان استغلال الأمر لينصب نفسه «زعيما أصولياً يجابه إسرائيل» ليتم تمرير التعديلات الدستورية ويسيطر البرلمان على القضاء والجيش. الموجة الثانية بدأت مع موجات الربيع العربي في 2011 ليعلن انحيازه للجماعات المتطرفة في مصر، وينقلب على دمشق ويعادي بشار الأسد، ويستغل ورقة اللاجئين لابتزاز أوروبا، وداخلياً عمل على إجهاض أي محاولات لإبعاده عن السلطة من خلال اعتقال قادة جيشه من خلال استغلال ما قيل إنه محاولة انقلاب ضده، فضلاً عن اعتقال عشرات الآلاف من الأتراك من مدرسين ومهندسين ومختلف الطوائف، ثم تعديل الدستور لينصب نفسه ديكتاتوراً - حسبما وصفته المعارضة هناك - بعد الانقلاب الفاشل عليه. تجاوز الخطوط الحمراء يعتبر الدب الروسي أن أردوغان تجاوز الخطوط الروسية الحمراء بتكرار عدم اعتراف بلاده بروسية شبه جزيرة القرم وإعلانه نيته تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، وخاصة بعد قوله إنه «لم ولن نعترف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية بطريقة غير شرعية» قبل ست سنوات. فيما يحاول حالياً مشاركة نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «المجلس الاستراتيجي» لبحث «وضع تتار القرم وتعميق الشراكة الاستراتيجية» وهو ما أغضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشدة. في المقابل حاول أردوغان امتصاص موجات الغضب في تصريحاته بأنه «ليست هناك ضرورة للدخول في نزاع مع روسيا خلال هذه المرحلة، لدينا معها مبادرات استراتيجية جادة للغاية». كما يقف الرئيسان الروسي والتركي على طرفي نقيض في الحرب الليبية، أنقرة تدعم حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج وتمدها بالمقاتلين المرتزقة والعناصر الإرهابية من السوريين للدفاع عن طرابلس، وهو ما ترفضه موسكو. الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أوضح أن التدخلات التركية أدت إلى عزلته وتراجع حزب العدالة والتنمية، مشيراً إلى انخراط أنقرة في مزيد من التدخلات في الإقليم ليس فقط في ليبيا، فهناك تحركات في حزام التماس لدول النيجر وتشاد ومالي ومن قبلهم الصومال والسودان. وأضاف فهمي لـ «الاتحاد» أن الهدف من هذه التحركات هو فرض النموذج العثماني على هذه الدول وتطويع هذه الدول للسياسة التركية، لافتاً إلى أن ذلك دفع بعض الدول إلى فرض عقوبات عليه مثل الاتحاد الأوروبي. وشدد أستاذ العلوم السياسية على أن هذه التحركات في مناطق مختلفة في نفس التوقيت دفع تركيا نحو سيناريوهين، الأول هو دخول تركيا في حالة عداء وهذا العداء يتحول لعزلة دولية، والثاني عسكرة السياسية الخارجية عبر بناء القواعد في بعض البلدان بالمنطقة، مشيراً إلى أن سياسة حزب العدالة والتنمية تواجه مأزقاً حقيقياً في إقليم شرق الأوسط وأقاليم أخرى وهذه السياسية تسببت في أزمات داخلية وخارجية مثل انخفاض القوى الشرائية لليرة التركية، ووجود تحفظات عديدة من قيادات حزب العدالة وانشقاق قيادات من الحزب وتشكيل حزب جديد، بالإضافة إلى مزيد من العزلة. الأزمة مع أميركا بنهاية العام الماضي 2019 أعلنت أميركا عبر وزير خزانتها ستيفن منوتشين أن الرئيس دونالد ترامب فوض مسؤولين أميركيين بصياغة مسودة لعقوبات جديدة «كبيرة للغاية» على تركيا بعد أن شنت هجوماً في شمال شرق سوريا، مضيفاً أن البنوك تصلها إخطارات بذلك، لافتاً إلى أن هذه عقوبات قوية جداً قد تصيب الاقتصاد التركي بالشلل التام. في المقابل كانت تركيا قد فرضت زيادات كبيرة على الجمارك المفروضة على الواردات الأميركية بما فيها السيارات والمشروبات الكحولية والتبغ، وتزامن ذلك مع اتهام أردوغان للولايات المتحدة بالسعي إلى «إخضاع تركيا من خلال التهديد بسبب القس أندرو برونسون، الذي يرعى كنيسة «القيامة» الصغيرة في مدينة إزمير، والذي قالت أميركا أنه «ضحية اعتقال مجحف»، وهو من ولاية نورث كارولاينا، وتم اعتقاله من قبل السلطات التركية قبل نحو عامين لاتهامه بالارتباط بحزب العمال الكردستاني المحظور وحركة جماعة فتح الله جولن، التي تتهمها تركيا بتنظيم انقلاب فاشل في عام 2016، وهو ما ينفيه محامو برونسون والولايات المتحدة نفياً قاطعاً. واستمر مسلسل الأزمة بين الجانبين بعد تهديد الرئيس التركي بإغلاق قاعدتي «إنجرليك» و«كوراجيك» التركيتين أمام القوت الجوية الأميركية، في حال فرض واشنطن عقوبات على تركيا بسبب شرائها منظومات «إس-400»، الخطوة التي أعلنت واشنطن مراراً معارضتها لها. انتفاء فكرة المؤسسات يعتبر الدكتور محمد عبد القادر، الباحث المختص في الشئون التركية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن التحول الذي حدث في تركيا لابد أن يؤدي إلى هذه النتيجة من العزلة، موضحاً أن هذا التحول ارتبط بالانتقال من الفكرة المؤسسية بأن وزارة الخارجية هي التي تكون العقل المفكر الذي يقود سياسات فيما يخص محيطها الدولي وعلاقاتها الدولية إلى انتفاء فكرة المؤسسات وتحولت الخارجية التركية إلى ما يشبه السكرتارية الملحقة برئاسة الجمهورية التي سيطرت على كافة المؤسسات ومنها وزارة الدفاع والتي كانت مؤسسة رئيسية في تحديد توجهات تركية وسياستها الخارجية. وشدد عبد القادر لـ «الاتحاد» على أن وزارتي الخارجية والدفاع تحولتا لأداة في يد الرئيس للتأكيد على تصريحات الرئيس دون الانتباه لمعايير العلاقات الدولية، موضحاً أن الرئيس شخصياً لديه انتماءات أيديولوجية وتوجهات فكرية وأحيانا يكون لديه انغلاق فكري ولا يكون لديه استيعاب لمدى تشابك العلاقات مع كل الدول ما يؤدي إلى تناقضات في السياسة وإلى تغيرات تبدو إيجابية مثل ما حدث مع بعض الدول الأخرى ثم تبدو تصادمية فيما يخص علاقتها بروسيا في أوكرانيا وسوريا وليبيا، موضحاً أن كل ذلك بسبب عدم وجود خيط ناظم في السياسة الخارجية، والخيط الناظم الوحيد هو أن المتحكم فيها شخص واحد وهو الرئيس التركي. وأكد عبدالقادر على أن ذلك أثر على مستوى سمعة الدولة التي باتت سمعة غير جيدة، وتحولت من دولة كانت معروفة في وقت سابق بأنها دولة ديمقراطية ولديها علاقات رئيسية مع قوى عديدة وثقل في المحافل الدولية والعديد من الدول تراعي مصالح تركيا في سياساتها، إلى دولة الكل يحاول أن يشتري الوقت تمريراً لمرحلة هذا الرئيس الذي بات يتبنى ليس توجهات سياسية على قدر آليات تنفيذ رؤيته الفكرية وأيدولوجياته التي تحكم توجهاته وأفكاره حيال المناطق المحيطة به، مشيراً إلى أن علاقته بأميركا أصبحت في أسوأ حالاتها فكل يوم فرض عقوبات واستبعاد من مشروعات عسكرية، وأيضاً العلاقات مع روسيا أحيانا تبدو جيدة وأحياناً أخرى تبدو سلبية للغاية وفي غاية جوهرها تعاني من مشاكل هيكلية رئيسية، موضحاً أن منظومة التسلح ومنظومة التحرك كانت جزءاً من التحالف الغربي ومن ثم الانتقال واتباع سياساتها الماضية أو أكثر استقلالية سيكون له تبعات. حلم أردوغان.. نظام الخلافة آخر الأزمات التركية كان في مطلع فبراير من العام الجاري 2020، بعدما أعلنت الرئاسة الجزائرية أنها فوجئت بتصريحات - أردوغان حول طلبه من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تسليمه وثائق تخص المجازر الفرنسية خلال الفترة الاستعمارية للجزائر، وأنه أبلغ عبد المجيد تبون، أن رئيس فرنسا ماكرون لا يعرف شيئاً عن هذه المجازر، وسيقدم له هذه الوثائق لأنهم قاموا بهذه المجازر في الماضي بالجزائر، مستطرداً أن الرئيس الجزائري اعترف له بأن فرنسا قتلت 5 ملايين جزائري – متهمة إياه بأنه أخرج حديث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن سياقه وأن كل المسائل المعقدة المتعلقة بالذاكرة الوطنية لها قدسية، وذات حساسية خاصة عند الشعب الجزائري. ويؤكد أنور المشرف، مستشار الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، على أن العزلة التي دخلت فيها تركيا في الفترة الأخيرة، لا يتحملها سوى أردوغان الذي يمتلك رغبات قديمة في السيطرة حاملاً مشروع جماعة الإخوان الإرهابية، وإقامة نظام الخلافة العثمانية من جديد، وهو النظام الذي عفى عليه الزمن ويتكشف مع الوقت حجم الجرائم التي ارتكبها بحق الشعوب العربية وفي مقدمتها مصر وسوريا، مشيراً إلى أنه يجب توحيد الجهود الدولية لوضع النظام التركي في مزيد من العزلة السياسية والاقتصادية، خاصة مع إجماع الداخل التركي نفسه على ما يقوم به أردوغان من جرائم حقوقية أدت لعديد الأزمات للدولة التركية واقتصادها. وأضاف المشرف لـ «الاتحاد» أن ما تعرضت له الشعوب بسبب الطموحات التي يروجها الرئيس التركي لتحقيق مآربه وتبرير جرائمه، لن تمر مرور الكرام، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتورط في أن يصف نفسه شريكاً في الدماء التي تسال سواء بشكل مباشر من الجيش التركي أو الجماعات التي يدعمها من المرتزقة والإرهابيين الذين يقومون بقتل الآمنين ويغتصبون السيدات لتحقيق حلم أردوغان، في الوقت نفسه يعاني الاقتصاد التركي بشكل لم تشهده تركيا في أوقات سابقة، ما يثبت مخطط أردوغان للتوسع الجغرافي الذي يحاول القيام به سواء على المستوى البحري مع رئيس الوزراء الليبي فايز السراج أو على المستوى البري من خلال الدخول إلى الحدود السورية بحجة عمل منطقة عازلة للاجئين السوريين، وهو الأمر الذي شهد معه ارتكاب جرائم حرب ضد الشعب السوري. أزمة المتوسط الاستفزازات التركية لا تتوقف عند حد تحدي الدول والضرب بعرض الحائط العلاقات الدولية وعلاقات حسن الجوار، ما أدى إلى توتر العلاقات مع كل من اليونان وقبرص ومصر وسوريا، خاصة بعد استفزاز أردوغان لجيرانه في شرق المتوسط عندما أعلن، الشهر الماضي، أن بلاده ستبدأ التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط هذا العام، ويأتي ذلك بعدما وقعت تركيا اتفاقاً بحرياً مع ليبيا، يمنح أنقرة سيادة على مناطق واسعة من البحر المتوسط. وأكد اردوغان عزم أنقرة على حماية مصالح ما يعرف باسم «جمهورية شمال قبرص التركية» في البحر المتوسط، لافتاً إلى أنه سيتم إرسال سفينة الاستكشاف السيزمي التركية «أوروك ريس» إلى المنطقة قريباً. وذلك بعدما وقعت اليونان وقبرص وإسرائيل على اتفاق، لبناء خط أنابيب «شرق البحر المتوسط» لإيصال الغاز إلى أوروبا، وهو المشروع الذي تعارضه أنقرة. وتؤكد التقارير أن تركيا ترسل حالياً الآلاف من عناصر التنظيمات الإرهابية إلى ليبيا، للمشاركة في الحرب وعلى رأسها سوريون ينتمون إلى تنظيمات إرهابية مثل «القاعدة» و«داعش» إلى ليبيا للقتال نيابة عما يسمى «حكومة الوفاق». كريم بالجي، الباحث التركي المتخصص في الشؤون التركية، أشار بدوره إلى أن هناك علاقات استراتيجية واضحة بدا أنه يجمعها موقف واحد من النظام التركي مع موجات العنف في 2011 والتي اجتاحت دولا عربية، حيث كان يتحلى النظام بمشروع واضح في هذه الموجات وعلاقات مع جماعة الإخوان الإرهابية الداعم الأول لها، وأصبح الوسيط للتعامل مع القوى الجديدة في الحكم لكل من روسيا والولايات المتحدة الأميركية والتي كان يبدو على قادتها السياسيين في هذه الفترة أنهم متوافقون مع الموجة الجديدة، ومع ذلك بدأ الأمر في الانحسار بفعل الدور المصري الهائل الذي بدا من التحرك الشعبي ودعمته المؤسسات الرسمية والقوى السياسية. وأضاف بالجي لـ «الاتحاد» أن الولايات المتحدة الأميركية أصدرت عقوبات كبرى على الدولة التركية فيما يتعلق بالاستيراد والتصدير، وأعلنت روسيا الحليف الأبرز لتركيا على المستوى الاقتصادي أنها رصدت دخول ميليشيات مرتزقة وإرهابيين إلى ليبيا بتسهيلات تركية، حتى على المستوى العربي ترفض تونس والتي يبرز فيها حزب النهضة ذو الخلفية الإخوانية، نزول قوات عسكرية برية تركية لتدخل إلى ليبيا، في الوقت الذي انتقد الرئيس الجزائري بشكل واضح النظام التركي ما يجعله بشكل واضح أكبر منبوذ سياسي في العالم. سياسات رعناء تقول إيرينا تسوكرمان، المحللة السياسية الأميركية، إن القادة الدوليين أصبحوا يتنصلون من علاقتهم بالرئيس التركي في الفترة الأخيرة، ولا أحد يعمل على لقائه أو طلب ذلك، حتى التنسيق العسكري في سوريا وليبيا أصبح يشوبه بعض الأزمات، وهو ما ظهر في إسقاط الجيش التركي طائرة عسكرية روسية في مناطق سيطرته، الأمر الذي أدى إلى وقف العلاقات لمدة، ومن ثم وقف تدفق السياح الروس إلى إسطنبول وتحقيق خسائر كبيرة لها، ما جعل تركيا في النهاية ترضخ للاعتذار للجانب الروسي وتقديم تنازلات في التعاملات العسكرية على الأراضي السورية، وهو ما يتكرر في الفترة الأخيرة داخل ليبيا مع إعلان تركيا التدخل العسكري بشكل مباشر. تسوكرمان أضافت لـ«الاتحاد» أن أردوغان ورط الدولة التركية في ما هو أصبح موصوما به، ومن ثم يتضرر الاقتصاد التركي في السياق الأول بينما في النهاية يبقى الرئيس شخصا لديه مجموعة من العلاقات بالتأكيد لن تدوم، بينما الأضرار الاقتصادية على الدولة التركية سيستمر الشعب نفسه في دفع ثمنها، مع السياسات الرعناء من قبل أردوغان، والذي يضع طموحاته ورغباته في المقدمة في التعامل مع قضايا المنطقة، بالإضافة إلى تحركاته التي تبقى جماعة الإخوان الإرهابية الركن الأساسي فيها لتنفيذها في المنطقة العربية، مع علاقاتها الكبرى مع الجماعات الإرهابية في المنطقة سواء تنظيم داعش الإرهابي أو النصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية، التي تم حظرها في معظم الدول العربية والمنظمات الدولية والدول الكبرى.

مشاركة :