وصف بعض من العلماء العرب الغرور وقال إنه آفة من آفات الزمان، انه ليس وليد اليوم أو الساعة، كما انه ليس وقفاً على فئة من الناس. الغرور مرض مزمن يلازم أحياناً صاحبه حتى مماته، وهو يأتي على عدة أنواع وأشكال. بعض حالات هذا المرض يصاب به الإنسان بسبب وصوله إلى المركز أو الرتبة العالية في الوظيفة والبعض الآخر يصاب به صاحب المال أو الجاه بل حتى القبيلة، أما النوع الآخر الذي ربما نجده شائعاً عند البعض فهو لدى صغار الناس أو أولئك العاديين من البشر الذين ليس لديهم لا مال ولا مركز كبير مرموق ولا جاه انه مجرد غرور وتكبر على الناس من دون سبب ما.. بينما تجد لديهم الجيب خاليا والصندوق فاضيا.. انه كما قلت مرض يتشكل من عدة أنواع. أما هذا الغرور الحديث والغطرسة والتكبر التي بدأت تنتشر وتزداد بين أصحاب المراكز الوظيفية العليا أو المكانة الرفيعة في مجتمع البحرين فهي ذلك النوع الذي تجده بالأخص عند ذلك الذي وجد نفسه بين ليلة وضحاها وقد اعتلى فجأة المركز الكبير بعد أن كان شخصا عاديا مغمورا لا يعرفه الكثير من الناس. هنا تبدأ التغيرات والتبدلات في سلوكياته مع الناس وبالأخص مع المترددين على جهازه الإداري الكبير -إن وجد- وذلك في حالات الحاجة والضرورة إليه الخ الخ.. إذن هو النوع المنتشر بيننا اليوم وخصوصاً عندما أصبح صاحبنا ووجد نفسه فجأة وقد نصب أو اعتلى ذلك الكرسي الكبير الذي على أثره بدأ يخاطب الناس من وراء أنفه، ثم شيئاَ فشيئاً تبدأ عدوى غروره وتكبره تنتقل إلى المحيطين به أو التابعين له، أما الضحية في الأخير فهو ذلك الشخص العادي أو الضعيف الذي دعته الحاجة والضرورة في التردد على ذلك المتربع على الكرسي الكبير والمقام الرفيع وذلك إلى إنهاء أي طلب لدى هذا المسؤول، وكما قلت من قبل إن مرض الغرور أو الكبرياء على الناس كل الناس تجده اليوم في مواقع كثيرة مختلفة ليست بالضرورة حكومية أو أهلية أو غيرها.. لقد عشنا في السنين الماضية مع أولئك الرؤساء أو المديرين أو غيرهم من حملة المناصب العليا الذين تعادل مناصبهم أو رتبهم في زماننا اليوم مناصب الوزراء أو الوكلاء، أولئك الرجال الذين أنشأوا الأجهزة الحكومية وأسسوا مختلف الدوائر الرسمية، أعني الذين تولوا مناصب كبيرة ليس بالحظ أو النط والقفز فوق الآخرين بل بإخلاصهم وجهودهم ومقدرتهم، إلا اننا لم نسمع منهم أو من موظفيهم ولم نشعر من أحد منهم بمثل هذا الغرور والتكبر السائد اليوم على الناس وذلك طوال سيرة حياتهم من خلال مختلف المراكز العليا أو حتى دونها.إن الذي نشاهده اليوم ونلمسه سببه -كما اعتقد- أن بعضهم بمجرد أن يصل إلى الكرسي العالي من الوظيفة ويتولى المركز الكبير تبدأ التغييرات في معاملاته وسلوكياته، وفي غمرة فرحه وسعادته بالمنصب العالي ينسى أو يتناسى أن هذا الكرسي قد ينقلب عليه في يوم ما ويقذفه أو يسقطه ويعود صاحبنا من جديد ليفتش عن وظيفة أي وظيفة أخرى في الوقت الذي سبب له ذلك الكرسي الكراهية والتذمر من الناس والابتعاد عنه.. هنا لا ينفع الندم.يقول أحد الكتاب العرب المعروفين عن مرض الغرور وكذلك التواضع: ان التواضع من أجمل فضائل الإنسان، وأما الغرور فهو انتحار، أحياناً فردي وأحياناً يحوله الغرور إلى قتل جماعي لكن النهاية واحدة. لأن الغرور عمى بلا بصيرة والسقوط نهاية حتمية، أما ابرز شيء في التواضع فهو صفته الجمالية. انتهى. وأنا بدوري أقول إن الأخلاق العالية مع كل الناس والسمعة الطيبة وكذلك المعاملات الحسنة مع كل البشر هي قمة التواضع، أليس الله سبحانه وتعالى وهو يخاطب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم يقول -جل من قائل- «إنك لعلى خلق عظيم».. ثم لا ننسى ان صاحب التواضع يملك شيئا لا يملكه ذلك المغرور بنفسه.. انه يملك السمعة الطيبة والمحبة والتقدير من الناس والتودد إليه في أي مكان وزمان وليس الكراهية والغضب والتندر والتذمر الدائم من الناس كل الناس نحو هذا المريض بالغرور والابتعاد قدر الإمكان عنه وعن مجالسته.
مشاركة :