جدد الكرملين أمس، التأكيد على دعم العمليات العسكرية التي تشنها القوات الحكومية السورية في إدلب، وقلل من احتمالات التدخل الأميركي في المواجهة الجارية، مصعدا لهجته تجاه تركيا، في استباق لجولة محادثات جديدة بين موسكو وأنقرة على المستويين العسكري والدبلوماسي.وحملت عبارات الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف تأكيدا على دعم عمليات الجيش السوري في إدلب، وإدانة جديدة لتحركات أنقرة. ورأى مراقبون أن القلق الروسي تزايد أخيرا، بسبب رفع درجة سخونة التهديدات التركية من خلال توجيه إنذارات وتحديد مهل زمنية لتصعيد عسكري جديد، كما لفت بعضهم إلى أن موسكو تراقب تعزيز الوجود العسكري التركي، وتدرس تقارير عن احتمال أن تكون تركيا زودت أطراف المعارضة بأسلحة نوعية مضادة للجو.وقال إن الكرملين «لا يرى فيما يحدث في إدلب نزاعا بين أطراف، بل محاربة للإرهاب تقوم به القوات المسلحة السورية على أراضيها». وعلق على تصريحات للمبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري حول احتمال أن تقدم واشنطن دعما عبر تزويدها بمعلومات استخباراتية وتقنيات عسكرية، مشيرا إلى أنه «لا يمكن في الوقت الحالي الحديث عن تدخل أميركي مباشر في منطقة إدلب». وقال بيسكوف: «الحديث لا يدور حول نزاع، بل حول عدم تنفيذ اتفاقات سوتشي، وحول الالتزامات التي أخذتها الأطراف على نفسها وفق الاتفاقات».وجاءت إشارة الكرملين والانتقادات الجديدة لتركيا، بعد تصعيد قوي في اللهجة الروسية ضد تركيا من جانب وزارتي الدفاع والخارجية الروسيتين اللتين أصدرتا بشكل متزامن تقريبا بيانين حملا اتهامات مباشرة لأنقرة بتأجيج الوضع حول إدلب. وكانت موسكو تجنبت في الفترة الأخيرة توجيه انتقادات مباشرة للجانب التركي، ما دفع محللين إلى الإشارة إلى أن موسكو بدأت تمارس ضغطا مباشرا من أجل حمل أنقرة على «تخفيف اندفاعها» في إدلب، والعمل على التوصل إلى تفاهمات مقبولة مع موسكو.وأعلنت وزارة الدفاع أن «السبب في أزمة إدلب هو عدم تنفيذ تركيا لالتزاماتها».وأضافت أن العسكريين الروس يعملون في سوريا على ضمان تنفيذ اتفاقات سوتشي، مؤكدة أن «نقل تركيا مزيدا من المدرعات والأسلحة عبر الحدود إلى منطقة إدلب يفاقم الوضع هناك». وأكدت أن المهمة الأساسية في الظروف الحالية، تكمن في خفض مستوى العنف على الأرض، وتأمين حماية العسكريين من الدول الضامنة، الموجودين داخل وخارج منطقة خفض التصعيد، وكذلك منع إشعال مواجهة داخلية نتيجة عمليات عسكرية غير مدروسة. وأكدت موسكو على ضرورة أن يواصل المسؤولون الروس والأتراك في الفترة القادمة العمل على وضع حل شامل لقضية إدلب.من جانب آخر، أشارت الوزارة إلى أن عمليات الجيش السوري في المنطقة سوف تساعد على «تنفيذ أفضل لاتفاقات سوتشي». وأشارت إلى الطريق السريع الذي يربط دمشق بحلب، تم تحريره بشكل كامل من المسلحين.وكذلك «نجاحات الجيش السوري في إدلب باتت تسمح بإنشاء المنطقة الآمنة التي نصت عليها مذكرة سوتشي، بعد أن فشلت تركيا في تنفيذ هذه المهمة».وأوضح مدير مركز حميميم لمصالحة الأطراف المتناحرة في سوريا، التابع لوزارة الدفاع الروسية، يوري بورينكوف، أن «الجيش السوري نجح في بسط السيطرة على جانب من طريق M5 الدولي، يمر عبر أراضي منطقة إدلب لخفض التصعيد، وهزم التشكيلات المسلحة الإرهابية التابعة لهيئة تحرير الشام والقوى المتحالفة معها، التي كانت تستولي عليه، ما يعني أن ذلك يتيح إنشاء المنطقة الآمنة وفقا للمذكرة الموقعة بين موسكو وأنقرة».وأوضح مدير مركز حميميم أن «عملية الجيش السوري حملت طابعا اضطراريا ويعود سببها إلى فشل الجانب التركي في تنفيذ البنود ذات الصلة في مذكرة سوتشي حول إقامة المنطقة منزوعة السلاح على طول حدود منطقة إدلب لخفض التصعيد».وشدد على أن أعمال القوات الحكومية «سمحت بإنهاء هجمات الإرهابيين، ووضع حد لسقوط قتلى بين المدنيين جراء الاعتداءات وعمليات القصف من قبل المسلحين».بدورها حملت الخارجية الروسية الجانب التركي المسؤولية عن تصعيد التوتر في منطقة إدلب شمال غربي سوريا، ورأت أن تركيا لم تلتزم على مدى الفترة الماضية بتعهداتها في إطار مذكرة سوتشي. وقالت الناطقة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا: «نرى أن سبب التدهور الحالي يعود إلى عدم التزام تركيا بشكل مزمن بتعهداتها في إطار مذكرة سوتشي، المبرمة يوم 17 سبتمبر (أيلول) 2018 ونقل أنقرة لعناصر مما يُسمى بالمعارضة السورية المعتدلة الموالية لها إلى شمال شرقي سوريا».وأكدت أن روسيا «لا تزال متمسكة بالاتفاقات التي تم التوصل إليها في إطار عملية آستانة، ومصممة على مواصلة العمل المشترك الرامي إلى تنفيذها بصورة كاملة». وتابعت: «نتوقع أن يواصل المسؤولون الروس والأتراك في الفترة القادمة العمل على وضع حل شامل لقضية إدلب. ومؤخرا زار وفد روسي من وزارتي الخارجية والدفاع أنقرة، ويجري الآن وضع جدول أعمال للاتصالات الجديدة عبر القنوات الوزارية».
مشاركة :