تحيي الأوساط الثقافية العربية، اليوم الثلاثاء، ذكرى رحيل الشاعر اللبناني الكبير أنسي الحاج، والذي رحل عن دنيانا في مثل هذا اليوم من العام 2014.وأصدر عدة مجموعات شعرية: "لن"، "الرأس المقطوع" "ماضي الأيام الآتية"، "ماذا صنعت بالذهب ماذا فعلت بالوردة"، "الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع"، "الوليمة"، وله كتاب في التأمل الفلسفي والوجداني هو "خواتم".وتنشر "البوابة نيوز" قصيدة "ماذا فعلت بالذهب ماذا فعلت بالوردة؟" للشاعر الراحل أنسي الحاج بمناسبة ذكرى رحيله.قولوا هذا موعدي وامنحوني الوقت.سوف يكون للجميع وقت، فاصبروا.اصبروا عليَّ لأجمعِ نثري.زيارتُكم عاجلة وسَفَري طويلنظرُكم خاطف وورقي مُبعْثَرمحبّتُكم صيف وحُبّيَ الأرض.مَن أُخبر فيلدني ناسيًاإلى مَن أصرخ فيُعطيني المُحيط؟صــار جسدي كالخزف ونزلتُ أوديتيصـارت لغتي كالشمع وأشعلتُ لغتيوكنتُ بالحبّ.لامرأةٍ أنهَضتُ الأسوار فيخلو طريقي إليها.جميلةٌ كمعصيةٍ وجميلةٌكجميلة عارية في مرآةوكأميرةٍ شاردة ومُخمَّرة في الكرْمومَن بسببها أُجليتُ وانتظرتُهاعلى وجوه المياهجميلةٌ كمَركب وحيد يُقدّم نفسهكسريرٍ أجده فيُذكّرني سريرًا نسيتُهجميلةٌ كنبوءة تُرْسَل إلى الماضيكقمر الأغنيةجميلةٌ كأزهارٍ تحت ندى العينينكسهولة كلّ شيء حين نُغمض العينينكالشمس تدوس العنبكعنبٍ كالثّدْيكعنبٍ ترْجع النارُ عليهكعروسٍ مُختبئة وراء الأسوار وقد ألقتْ عليَّ الشهوةجميلةٌ كجوزةٍ في الماءكعاصفةٍ في عُطلةجميلةٌ أتتنيأتت إليّ لا أعرف أين والسماء صحووالبحر غريق.من كفاح الأحلام أقبلتْمن يَناع الأيّاموفاءً للنذور ومكافأةً للوَردولُمّعتُ منها كالجوهرة.سوف يكون ما سوف يكونسوف هناك يكون حُبّناأصابعه مُلتصقة بحجار الأرضويداه محفورتان على العالم.أُنقلوني إلى جميع اللّغات لتسمعني حبيبتيانقلوني إلى جميع الأماكن لأحْصرَ حبيبتيلترى أنّني قديمٌ وجديدلتسمَعَ غنائي وتُطفىء خوفي.لقد وَقعْتُها وتهتُهالقد غِرْتُهاأعيروني حياتكم لأنتظر حبيبتيأعيروني حياتكم لأُحبّ حبيبتيلأُلاقيها الآن والى الأبد.لَكُم أنتم لتدقَّ الساعاتمن سراجكم ليؤخذْ نور الصباحفأنا بريءٌ وحبيبتي جاهلةآه ليُغدَق علينالنُوفَّرْ لنُجْتنَبْوليُغدَقْ علينافحُبّي لا تكفيه أوراقي وأوراقي لا تكفيها أغصانيوأغصاني لا تكفيها ثماري وثماري هائلةٌ لشجرة.أنا شعوبٌ من العُشّاقحنانٌ لأجيالٍ يقطر منّيفهل أخنق حبيبتي بالحنان وحبيبتي صغيرةوهل أجرفها كطوفانٍ وأرميها؟آه من يُسعفني بالوقت من يُؤلّف ليَ الظلال مَن يوسّع الأماكنفإنّي وجدتُ حبيبتي فلِمَ أتركها..ما صَنَعَتْ بيَ امرأةٌ ما صنعتِرأيتُ شمسكِ في كآبة الروحوماءكِ في الحُمّىوفمكِ في الإغماء.وكنتِ في ثيابٍ لونُها أبيضلأنّها كانت حمراء.وأثلجَتْوالثلج الذي أثلجت كان أحمرَلأنّكِ كنتِ بيضاءورَدَدْتِ عليَّ الحُبّ حتّىلا أجد إعصارًا يطردكِولا سيفًاولا مدينةً تستقبلني من دونكِ.هذا كُلّهجعلته في ندَميهذا كُلّه جعلْته في أخباريهذا كُلّه جعلْته في فضاءٍ باردهذا كُلّه جعلْته في المنفىلأنّي خسرْتكِإذ ملأتُ قلبي بالجنُون وأفكاريَ بالخُبثفكتمتِ وانفصَلتِوكنتُ أظنّكِ ستصرخين وتبكين وتُعاودين الرضىولكن كتمتِ وانفصَلتِوكنتُ أظنّكِ ستعرفين أنّ نفسيَ بيضاء برغم الشرّوأنّي لعبًا لعبتُ وحماقتي طاهرةوكنت أظنّ أنّكِ وديعةٌ لتغفري ليأنّكِ وديعةٌ لأفعل بكِ كالعبيدوكنتُ أظنّ أنّي بفرحٍ أظلمكِ وبفرحٍ تتنفّسين ظلميوكنتُ أظنّ أنّي ألدغكِ فتتّسع طمأنينتيوأنقضكِ كالجدار فَتَعْلَقين كالغبار بأطرافيلكنّي ختمتُ الكلام وما بدأتُهوأتفجّع عليكِ لأنّي لم أعرف أنْ أكون لكِ حُرًّاولا عرفتُ أنْ أكون كما تكون اليد للزهرةفكنتُ مغنّيًا ولكِ ما غنّيتومَلِكًا وأنتِ لم أملكوأُحبّكِوما أحببتكِ إلاّ بدمار القلب وضلال المنظروأُحبّكِوطاردتكِ حتّى أشاهد حُبّكِ وهو نائملأعرف ماذا يقول وهو نائمفحمَله الخوف وروّعه الغضبوهرب إلى البُرج عاليًاكاتمًا قد انفصلوأنا في جهلي أطوف وفي حكمتي أغرقعلى موضعٍ أدور على موضعٍ أهدأوحُبّكِ يقظان وجريح وراء الأسواروحُبّي بارّ بعد الأواننارُ البِرّ تأكله بعد الأوان.أحفظُ مظالمي وأعطي مبرّاتيأحفظُ مظالمي فمن يُعطيني مظالمهومن يأخذ مبرّاتي ويُعطيني الرجاءلأنّي لم أعد ألمح نورًا في الغابة.تذهب الريحُ بالثلج وبالثلج تعود.جسدي كالخزف ولُغتي كالشمع.اتّخذتُ آفاقًا عظيمة وجعلتُها حفرًااتّخذتُ اللّيل فأطفأتُه والنهار فأسلمتُهاتّخذتُ الأكاليل فاحتقرتُهااتّخذتُ الحُبّ فكسرتُهاتّخذتُ الجَمال وكرَجلٍ أفقرْتُهاتّخذتُ الحُبّاتّخذتُ الحُبّ الشبيه ببَرّ لا يحدّه ماءالشبيهَ بمياهٍ لا تحدّها برّيّةاتّخذتُ الحُبّ عوضَ كُلّ شيء مكانَ كُلّ مكانبدَلَ الجوهر ومحلَّ الشرّ والخيرأخذتُه أخذتُ الحُبّ وشكانيالذين صاروا في فاقةوتعالت جُفونهم الذين حسدونيونهش ضحكهم الهواء الذين تهكّمونيفماذا صنعتُ بالحُبّوأخذتُ ذهَبَ النساء وردةَ الذهبفماذا صنعتُ بالذهب وماذا فعلتُ بالوردة؟أُنقلوني إلى جميع اللّغات لتسمعني حبيبتيثبِّتوها على كُرسيّ وجِّهوا وجهها إليّامسكوا رأسها نحوي فتركض إليّلأنّي طويلًا وبّختُ نفسي ويأسي قد صار ماردًا.اطيعي دمعكِ يا حبيبتي فيُطرّي الحصىاطيعي قلبكِ فيُزيلَ السياجها هو العالم ينتهي والمُدنُ مفتوحةٌ المُدنُ خاليةجائعةٌ أنتِ وندَمي وليمةأنتِ عطشانة وغُيومي سودٌ والرياح تلطمني.العالمُ أبيضالمطرُ أبيضالأصواتُ بيضاءجسدُكِ أبيض وأسنانُكِ بيضاءالحبرُ أبيضوالأوراقُ بيضاءاسمعيني اسمعينيأُناديكِ من الجبالِ من الأوديةأُناديكِ من أعباب الشجرِ من شفاه السحابأُناديكِ من الصخر والينابيعأُناديكِ من الربيع إلى الربيعأُناديكِ من فوق كُلّ شيء من تحت كُلّ شيء ومن جميع الضواحياسمعيني آتيًا ومحجوبًا وغامضًااسمعيني اسمعيني مطرودًا وغاربًاقلبيَ أسوَدُ بالوحشة ونفسيَ حمراءلكنَّ لوحَ العالم أبيضوالكلمات بيضاء.
مشاركة :