لا اظن ان في العالم العربي اليوم دولة تسير بخطى واضحة وتعرف الى اين تسير كما تفعل قطر. منذ حركة التجديد التي قادها الامير حمد بن خليفة في اواسط التسعينات والدولة تسير بخطى ثابتة ومتوازنة نحو اهدافها وتحاول بجد وثبات ان تجد لنفسها مكانا تحت الشمس.النهضة العمرانية وحركة التعدين وايجاد برامج اكاديمية وبحثية مع الجامعات الرائدة في العالم كانت بعضاً من ملامح النهضة التي تبدت عوائدها على المجتمع القطري واثارت حفيظة البعض. بالرغم من الانفتاح الاعلامي الذي أخذ قطر الى آفاق تتجاوز حدود الجغرافيا واخرجها من سياق حسابات المسايرة التي اعتادت عليها المنطقة الا ان قطر لم تفقد انتماءها العربي او تضحي بهويتها الدينية فابقت على صلاتها مع المقاومة الاسلامية المشروعة وبقي القطريون على ما هم عليه من التزام بالقيم والاخلاق العربية الحميدة.في علاقتي الطويلة مع قطر ومؤسساتها الدولية الرائدة اطلعت على اللمسات الانسانية التي تركتها قطر على نوعية حياة الشعوب الافريقية والنامية في ارجاء كثيرة من العالم فقد اسهمت قطر في تاسيس صندوق " جنوب –جنوب" الهادف الى دعم الدول النامية لبعضها البعض وتبرعت بسخاء للمنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم ورعت الاكاديميين العراقيين بعد انهيار النظام العراقي ومحاولة البعض التدمير الكامل لهذا الكنز العربي.قبل الكثير من دول العالم النامية اهتمت قطر بتطوير التعليم وبنت استراتيجية رائدة لاعطاء الاهالي والمجتمعات المحلية دورا في التخطيط والاشراف على العملية التعليمية. في قطر كان الانسان ولا يزال محور التنمية وغايتها فقد تشكل المجلس الاعلى لشؤون الاسرة من اكثر من عقدين ليدير الاستراتيجيات والبرامج الكفيلة بنماء وحماية وتنمية ورعاية الطفولة والنهوض بالمرأة وتحقيق تكافؤ الفرص للاشخاص المعوقين وادامة الاهتمام بكبار السن.في سابقة هي الاولى في محيطنا العربي تنازل أمير البلاد حمد بن خليفه لابنه الامير تميم ليعطي للدولة دفعة قوية ويعزز ثقة المواطنين بفكرة الاستمرارية والمصلحة الوطنية ولتحقق البلاد انجازات اضافية في السياسة والاعمار والتجارة والتعليم والرياضة. فقد نجحت قطر في اقناع العالم باهليتها لاستضافة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022 في اول استضافة عربية على هذا المستوى.الطريقة التي تعاملت بها قطر مع الاشقاء الذين اتخذوا موقفا معاديا من سياساتها الخارجية نموذجا يستحق التدريس في الجامعات ومعاهد العلاقات الدولية . فقد ابقت قطر على شعرة معاوية دون ان تضحي باستقلالية قرارها وكبريائها الوطني. فمتنت علاقاتها مع اقطاب اقليمية مهمة حيث ذهبت باتجاه تركيا التي تتماثل معها في الهوية والاستقلالية والتطلعات ولم تقاطع ايران او تخسر الاتجاه المعتدل في مجلس التعاون الخليجي.استثمار قطر لظروف المقاطعة في بناء قدراتها الذاتية وانتاج احتياجاتها التي كانت تستوردها من الجوار عزز ثقة القطريين بدولتهم وقيادتهم واثار اعجاب العالم بهذا النموذج العربي الواعد.الاردنيون وبمختلف تشكيلاتهم يرحبون بزيارة سمو الشيخ تميم للاردن و يقدرون عاليا مواقف قطر الداعمة للحقوق العربية في فلسطين ووقوفهم الى جانب المقاومة الاسلامية المشروعة ورفضهم الانصياع للاجندات التي تحاول شيطنة التدين ومحاصرة كل من يظهر هويته الاسلامية باعتباره خطرا على الصهيونية ورعاتها.صبري الربيحات وزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية الاسبق ووزير الثقافة الاسبق
مشاركة :