أيام قليلة ويبدأ العد التنازلي لبداية الإجازة الصيفية والتي يستقبلها الأهل قبل الأبناء بسعادة وبفارغ الصبر لأنها تمثل للجميع انتهاء فترة الامتحانات العصيبة بكل ما تحمله من توتر وقلق وتحمل في طياتها فرحة النجاح في إنهاء عام دراسي آخر ولكن بعد فترة وجيزة من بداية الإجازة يبدأ الأهل في الشكوى والتذمر من سلوكيات الأبناء في العطلة والترحم على أيام المدرسة التي كانت تشغل وقت الأبناء و تفرغ طاقتهم فيما يفيدهم. عن الظواهر السلبية للأبناء في الإجازة وكيفية تعامل الأهل معها دار هذا التحقيق. يروي المهندس طارق فجال من عجمان عن تجربته الشخصية مع أبنائه في الإجازة فيقول: أبنائي في سن المراهقة ولذلك يجب الانتباه لكيفية تمضية وقت فراغهم وفي الإجازة نعاني بالفعل بعض الظواهر السلبية في عاداتهم اليومية والمقترنة بسوء تنظيم الوقت فما إن تبدأ الإجازة حتى ينقلب اليوم رأساً على عقب فيبدأ النوم طوال النهار والسهر طوال الليل وتمضية ساعات طويلة في اللعب بالأجهزة الإلكترونية مثل البلاي ستيشن وبالذات لعبة الفيفا الخاصة بمباريات كرة القدم التي تمثل بالنسبة لهم هوساً حقيقياً وأحياناً تتفجر المشاكل عندما يتكرر تأخير ابني الأكبر خارج المنزل مع أصدقائه لساعات متأخرة بالليل، حيث يسهرون على شاطئ عجمان وبعدها قررت التدخل ومحاولة البحث عن وسيلة للتواصل معهم وتوجيههم بشكل غير مباشر نحو ملء فراغ الإجازة بشكل مفيد حيث لاحظت شغف ابني الأكبر بالهندسة والتصميمات الهندسية ولذلك بدأت أساعده في تنفيذ بعض النماذج وصنع بنفسه نموذجاً لمطار جوي باستخدام ورق الكارتون المقوى والصمغ والسيليكون وألوان الرش وأصبح الآن يجيد تنفيذ هذه النماذج بمفرده من دون مساعدتي ما وفر لي فرصة مشاركته هواياته وتنميتها وقضاء وقت الفراغ في شيء مفيد. ويضيف طارق: بالإضافة إلى تخصيص جزء من وقتهم لتعليمهم فنون ميكانيكا السيارات وقواعد المرور تمهيداً لأن ابني الأكبر سيتدرب قريباً على قيادة السيارات ليتقدم لنيل رخصة القيادة عندما يبلغ السن القانونية، وهذا أيضاً نشاط يسعدهم ويضيف لخبراتهم الحياتية ولثقتهم بأنفسهم ويعطينا فرصة لقضاء بعض الوقت سوياً وفي بعض الأحيان أجد مدرس التربية البدنية بالمدرسة ينظم لهم دورة كرة قدم بالصيف مع زملائهم فيتشاركون في تأجير ملعب كرة قدم ليتدربوا عليه في الإجازة الصيفية. أما بثينة خليفة وهي أم وجدة فتقول: مع بداية الإجازة الصيفية تبدأ المشاحنات بين الأحفاد ويزداد السهر والكسل والتمرد الذي يصل أحياناً لرفض الأبناء مشاركة العائلة في كثير من الأنشطة لأنهم يفضلون دائماً صحبة أصدقائهم والخروج معهم والأوقات التي يقضونها داخل محيط العائلة نجدهم يلزمون الصمت والعزلة حتى إنهم يجلسون معنا في نفس الغرفة ويكاد لا يراهم ولا يشعر بهم أحد بسبب انشغال كل منهم بمتابعة شاشات الآي باد أو الكومبيوتر أو الهاتف المحمول، ولا يوجد أي حوار يجمعهم أو يجمعنا بهم، ويبلغ بهم الكسل داخل البيت حتى إنهم يرفضون القيام بأي أنشطة أو أعمال بسيطة داخل المنزل بما في ذلك ترتيب أشيائهم الخاصة البسيطة. وتضيف: في الماضي كان شكل الإجازة يبدو مختلفاً فعندما كان أبنائي في سن الطفولة كان وقت فراغهم معظمه قراءة مجلات ميكي وماجد وغيرها من القصص المصورة وكانوا ينتظرون هذه المجلات بفارغ الصبر أو يقضون الوقت معاً يلعبون ألعاباً طريفة وأحياناً كنا نشترك معهم فيها قبل اختراع الهواتف المحمولة والكومبيوتر، فكنا نشترك معهم في ألعاب الورق والسلم والثعبان وبنك الحظ وكثيراً ما كانت هذه الألعاب تجمعهم مع أبناء الجيران أو يخرجون لممارسة رياضة كرة القدم، كانت العلاقات أكثر حميمية بين أفراد الأسرة والمجتمع أيضاً ولكن حالياً أجتهد لزيادة التواصل مع أحفادي وإقامة حوار معهم لأحدثهم عن أهمية تحملهم المسؤولية وأسرد لهم حكاياتي وأنقل لهم خبراتي الحياتية ليستفيدوا منها وتزداد سعادتي كثيراً عندما أقضي وقتاً مع حفيدتي الكبري (16 سنة) وأعلمها فنون الطهي وصنع الحلويات حتى أصبحت ماهرة في إعدادها وأجدها فرصة جيدة للمشاركة في نشاط مفيد وتبادل الأحاديث والنصائح. هديل ناصر (16 عاماً) طالبة في المرحلة الثانوية بالشارقة تقول: الهدف الأساسي من الإجازة في الأصل للراحة والاسترخاء والكسل أحياناً يكون مطلوباً لبعض الوقت بسبب التعب والإرهاق الشديد بعد عام دراسي كامل وفترة امتحانات صعبة تستهلك كل قوانا وطاقتنا، ولكنني أتفق مع الأهل في أن هذا الكسل يجب ألا يستمر طوال فترة الإجازة أو أن يزيد على حدود الاسترخاء والراحة لبعض الوقت فقط مع الوضع في الاعتبار خصوصية فترة الإجازة هذا العام حيث تنتهي الامتحانات في وقت متأخر ليبدأ بعدها مباشرة شهر رمضان الكريم ومع الصيام وارتفاع درجة الحرارة تصعب بالفعل ممارسة العديد من الأنشطة أو بذل أي مجهود وفي نهار رمضان تكون معظم مراكز التسوق خالية من الزوار والمطاعم مغلقة فلا توجد فرصة للخروج وفي المساء بعد الإفطار يشتد الزحام فيصعب أيضا الخروج من المنزل، ولكن ورغم هذه الظروف، أنوي الاستفادة بوقت الإجازة، فأنا أتعلم العزف على آلة الغيتار التي أحبها كثيراً وأخطط للالتحاق بدروس منتظمة لأتعلمها هذا الصيف لأنني أحب الموسيقى وأريد زيادة مهاراتي فيها، وأنوي أيضاً اقتطاع بعض الوقت خلال الإجازة للاطلاع واختيار المواد الدراسية التي سأقوم بدراستها في العام المقبل الذي يعتبر العام الأخير بالنسبة لي في الشهادة البريطانية الدولية، لأستعد بعدها للالتحاق بالجامعة والكلية التي تتناسب مع ميولي. تقول مريم مبارك، مدرسة ابتدائي في أبو ظبي: لم يعد هناك فارق بين الفتيات والأولاد فالكل يتسم بالكسل والأنانية ففي الإجازة الصيفية يبالغ الأبناء في طلباتهم من الأهل سواء على مستوى التنزه أو التسوق ويريدون تناول الوجبات السريعة وبشكل يومي وإنفاق مبالغ طائلة في مراكز التسوق والخروج مع أصدقائهم كل يوم لمشاهدة أفلام السينما ولعب البولينغ والبلياردو والألعاب الإلكترونية من دون مراعاة لظروف الأهل وإمكاناتهم أو محاولة تقديم العون لهم أو تخفيف العبء عنهم، ولكن رغم ذلك أجتهد في ملء وقت فراغهم حيث حجزت لهم في شهر رمضان في دروس تحفيظ القرآن الكريم وتجويده حتى يتعلموا أمور دينهم أكثر، ويعملوا بأخلاقه وفي هذا صلاح أمرهم وعلاج لكثير من مشاكلهم. سلوك سلبي مرفوض نادرة سليمان أم وجدة تقول: أفضل وقت الدراسة عن مدة الإجازة الصيفية التي تمثل لأحفادي مدة من الفراغ والاستهتار فكأنهم بانتهاء العام الدراسي يريدون التخلص من كل المسؤوليات والمهام وأن يصبح الكسل والإفراط في الراحة منهجهم حيث السهر للفجر والاستيقاظ عند العصر والتمرغ في الفراغ وإهدار الطاقة من دون الاهتمام بعمل أي شيء يزيد من مهاراتهم وخبراتهم في الحياة، وبما أن أحفادي فتيات فأجد ذلك غير مقبول بالمرة ورغم أنني ووالدتهم نبذل أقصى جهدنا لإشراكهم في أنشطة منظمة مثل السباحة وكرة السلة وحفيدتي الصغرى تتعلم فنون الباليه وتشارك في حفلات المدرسة إلا أن هذا كله لا يكفي لأن الفتاة ستتحمل ذات يوم مسؤولية الأسرة، ويجب إعدادها وتعليمها فنون العناية بالمنزل والطهي، وحفيداتي الكبيرات وصلن للمرحلة الجامعية والثانوية ولا يستطعن الاعتماد على أنفسهن في ترتيب غرفهن أو إعداد أي وجبة طعام لأنفسهن ويعتمدن على الخادمة كلياً وهذا لا يصح، ومعظم الوقت يضيع أمام جهاز التلفزيون وبرامج الفضائيات التي أصبحت أخشى عليهن منها بسبب تدني مستوى كثير منها ووجود ألفاظ ومصطلحات غير لائقة تتسرب أحياناً في الدراما والمسلسلات.وتضيف نادرة: في الماضي عندما كنت في سنهن كانت والدتي توقظني مبكراً في الإجازة لأتقاسم وأختي مهام ومسؤوليات المنزل وتدربني على إعداد الطعام وترتيب المنزل، فحتى في وجود الخادمة لا بد أن تحسن ربة البيت إدارة العمل والاعتناء بشؤون بيتها، فهذه مسؤوليتها أمام الله وأمام أسرتها ومجتمعها، ولذلك أصبحنا قادرين بسهولة على تدبر أمورنا ورعاية أنفسنا حتى عندما سافرت بعيداً عن أسرتي بغرض التعلم لم نواجه صعوبة ونجحنا في تحمل مسؤولية أنفسنا.
مشاركة :