مساء أمس الأول، وبحضور مئات المثقفين والإعلاميين التونسيين، شهدت المكتبة الوطنية في تونس لقاء مع الكاتب الأرجنتيني الكندي الكبير، ألبرتو مانغويل، في حوار أداره الشاعر التونسي آدم فتحي. ويأتي هذا اللقاء، بعد جدل كبير آل في نهاية المطاف إلى أن تكفل مثقفون تونسيون بتكلفة إجراء اللقاء على حسابهم الشخصي، في ظل رفض وزير الثقافة المنتهية حكومته التكفل باللقاء. عرف ألبرتو مانغويل ككاتب عالمي، اخترقت روايته وكتابته كل الحواجز اللغوية، وسافر بأعماله إلى سائر أنحاء العالم، ومنها العالم العربي، حيث تُرجمت عدة أعمال أدبية له إلى العربية، منها «المكتبة في الليل» (دراسة)، و«يوميات القراءة» (دراسة)، و«تاريخ القراءة» (دراسة)، و«كل الناس كاذبون» (رواية)، و«عاشق مولع بالتفاصيل» (رواية)، و«مدينة الكلمات» (رواية). يرى مانغويل، أن المكتبات هي الأمكنة الوحيدة التي تحتويه، حيث يجد فيها عوالم مختلفة تحدد ذاته وهويته، فقد عرف الحب والموت والحزن في مختلف رفوف المكتبة المليئة بالمعرفة والأدب وهو في سن التاسعة. وقال الكاتب الأرجنتيني: إنه تأثر وتعلق بالكاتب والشاعر والناقد الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس، الذي يعتبره كاتباً وقارئاً واستثنائياً، وسار على دربه منذ سن المراهقة في ستينيات القرن العشرين، كما يشاطر مانغويل الكاتب بورخيس في كون الأدب لا يحمل جنسية ولا يندثر مهما مرت الأزمنة عليه، ويقول في هذا الصدد: إن الأدب يكسر الحدود التي يصنعها العالم. وتحدث الكاتب الأرجنتيني، خلال محاضرته، عن المجتمع الاستهلاكي الذي يتمظهر في انصراف الناس عن القراءة، وانشغالهم بشراء الملابس الجديدة، والأجهزة الإلكترونية الحديثة باهظة الثمن، مشيراً في هذا السياق إلى أن القارئ الحقيقي لا يشتري «سروالاً ممزقاً» بأغلى الأسعار، لمجرد كونه من الملابس العصرية التي يتهافت عليها الناس، فالسعادة التي يبحث عنها القارئ تتجسد في القراءة، التي تعتبر منظومة صعبة في المجتمع الاستهلاكي، الذي يبحث عن السهولة والسرعة، وفق تعبيره. وقال الروائي كمال الرياحي، مدير بيت الرواية في تونس: إنها ســــــعادة كبرى أن ترى الناس في تونس الجديدة يتدافـــعون لدخول لقاء أدبي، ورحب في كلمـــة مؤثرة بالكاتب الموسوعي الكبير ألبرتو مانغويل، الذي ناضل ضد الديكتاتورية في أميركا اللاتينية بمواقفه وكتبه، وهذا هو سبب من أسباب إصراره على المجيء في هذه اللحظــــة التاريخية التي تمر بها تونس، وهو بالإضــــافة إلى ذلك يعتبر الرجل المكتبة وعاشق التفاصيل. تضامن أبدى الكاتب العالمي ألبرتو منغويل، خلال لقائه في تونس، تضامنه مع القضية الفلسطينية، قائلاً: «ونحن بصدد الحديث عن الأدب، هناك أطفال يتعرضون للتشرد والإقصاء في العالم، مثلما يحدث في فلسطين».. وكان مانغويل دعا في وقت سابق، عندما كان يترأس المكتبة الوطنية بالأرجنتين، إلى إنشاء مكتبة وطنية فلسطينية افتراضية، بغاية إثبات وجودهم، وتخليد تاريخهم وهويتهم المطموسة.
مشاركة :