الدوحة – قنا : بعد زيارتين ناجحتين لكل من المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة والجمهورية التونسية الشقيقة، بدأ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، اليوم، زيارته الرسمية إلى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة. ومن المؤكد أن جولة سمو الأمير المفدى في الدول العربية الثلاث، ستؤسس لشراكات جديدة وتفتح آفاقاً واسعة لمزيد من التعاون وإطلاق المشاريع المشتركة ذات المنافع المتبادلة التي تلبي احتياجات وتطلعات وطموحات الأشقاء في كل مكان، كما أن جولة سموه في هذا الوقت بالذات، تكتسب أهميتها البالغة، ليس فقط على صعيد تعزيز العلاقات الثنائية مع هذه الدول بل أيضا على صعيد توحيد المواقف والجهود إزاء أهم القضايا والأزمات والتحديات التي تواجه الدول والشعوب العربية، بما يؤكد أن بين المشرق والمغرب العربي أمة واحدة تجمعها آمال وطموحات وأهداف مشتركة، وأن بعد المسافات والانشغال بالمتطلبات الوطنية المحلية لا يمنع دولة قطر وقيادتها عن القيام بدورها القومي ومتطلبات الأخوة والتضامن العربي. ومن المقرر أن يعقد سمو الأمير المفدى خلال زيارته للجزائر مع أخيه فخامة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، جلسة مباحثات تتناول العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين ووسائل تعزيزها والارتقاء بها إلى مستوى الطموحات، وخاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، بالإضافة إلى استعراض وبحث القضايا السياسية وتطورات الأوضاع الراهنة بالمنطقة، والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك. وتتصف العلاقات القطرية الجزائرية بأنها تاريخية، متنامية صقلتها عقود من التعاون والتآزر بين قيادتي البلدين الشقيقين، إذ تعتبر دولة قطر من الدول التي دعمت نضال الشعب الجزائري وثورته منذ بداياتها ووقفت بكل ثقلها إلى جانب الشقيقة الجزائر، ولا تزال على عهدها حتى يومنا هذا، بما يدلل على عمق العلاقة الوطيدة والأخوة العميقة والثقة المتبادلة التي تجمع الدولتين. وقد تعززت العلاقات بين الجانبين وتوسعت وازدادت رسوخا عبر سلسلة من الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين، وكان من أحدثها زيارتا حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى /حفظه الله/ ، للجزائر خلال أبريل عام 2014 والثانية خلال نوفمبر 2016. وتؤكد هذه الزيارات ومثيلاتها التي يقوم بها الوزراء وكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين من البلدين الحرص الكبير على رعاية هذه العلاقات والارتقاء بها وتعزيزها في كافة القطاعات، وهو ما عكسته نتائج اجتماع الدورة الخامسة للجنة المشتركة العليا القطرية - الجزائرية التي انعقدت خلال نوفمبر 2014 بالدوحة . وللعلاقات القطرية الجزائرية خصوصيتها وتفردها باعتبار أن البلدين من أكبر مصدري الغاز الطبيعي في العالم، كما أنهما دولتان محوريتان داخل الجامعة العربية وفي المحيط الإقليمي، تجمعهما رؤى واحدة ومواقف مشتركة ومبادئ راسخة تجاه المصالح الثنائية والقومية والقضايا العربية والدولية والأمن والسلام الدوليين . وتنظم العلاقات بين الدوحة والجزائر مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة والتي تغطي مجالات عديدة منها الاقتصاد والتجارة، والصناعة والمناجم والاستثمار، والزراعة والسياحة، والصحة والإعلام والشباب والرياضة والتخطيط العمراني، والجمارك والقضاء والرقابة الاقتصادية ومكافحة الغش التجاري وتجنب الازدواج الضريبي، والصيد البحري والموارد المائية والمحميات الطبيعية، وقد عززت هذه الاتفاقيات العلاقات الأخوية بين البلدين ورسختها وارتقت بها من مرحلة التعاون الثنائي إلى الشراكة الإستراتيجية الطموحة الواثقة. كما شهد التعاون الاقتصادي بين قطر والجزائر قفزة نوعية جسدها بشكل جيد إنشاء الشركة "الجزائرية القطرية للصلب"، التي شيدت مجمعا ضخما للصلب في منطقة بلارة بولاية جيجل شرقي الجزائر العاصمة، بتكلفة استثمارية بلغت حوالي ملياري دولار، وكذلك مجموعة /أُريدُ/ الرائدة في قطاع الاتصالات التي حققت وتحقق نجاحا معتبرا في الجزائر. ويعد مصنع الحديد والصلب أكبر مشروع عربي مشترك بالجزائر، وقد شيد على مساحة تبلغ حوالي 216 هكتارا، مما يجعله أكبر مجمع صناعي للصلب في الجزائر والمنطقة. ووظف المصنع أكثر من ألف شخص، ومن المقرر أن يرتفع العدد إلى 1800 موظف، وهو معد لإنتاج نوعية نقية من الحديد بتقنية الاختزال المباشر النادرة في العالم، والتي تعتمد على الغاز ما جعل المصنع يحظى بسمعة عالمية، ويبرم اتفاقيات مع شركات دولية للتصدير، بعد أن دخل السوق المحلية بمنتجات جديدة، وقد صمم المشروع كي ينتج سنويا ما يقارب مليوني طن من الحديد، منها 1,5 مليون طن من الحديد المسلح، و 500 ألف طن من الأسلاك الحديدية. وتبدو آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري المستقبلي واعدة بين قطر والجزائر في ضوء قدرات وإمكانات الدولتين، وتعد الجزائر بوابة إفريقيا، نظراً لموقعها الجغرافي الهام بين القارتين الأوروبية والإفريقية، وتربطها علاقات متميزة مع دول المجموعتين، ويتمتع السوق الجزائري بإمكانيات طبيعية تتراوح بين التنوع المناخي والأراضي الزراعية بالإضافة لتوافر الأيدي العاملة الجزائرية المتخصصة والماهرة، ما يتيح الكثير من الإمكانيات والفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات كالتعدين والأدوية والسياحة والصناعة والخدمات والزراعة. ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مضاعفة الاستثمارات القطرية في الجزائر، وزيادة الصادرات الجزائرية إلى السوق القطرية، حيث تجري دراسة إمكانية فتح خط للخطوط الجوية الجزائرية، وكذلك خط ملاحي يربط بين ميناءي الجزائر وحمد، وهو ما سيساهم في تعزيز العلاقات الثنائية في العديد من المجالات، وترقية المبادلات بين الاقتصاديين والمستثمرين من البلدين. ويوجد نحو 115 شركة قطرية جزائرية مشتركة تعمل في أسواق البلدين، وقد تجاوز حجم التبادل التجاري بينهما 163 مليون ريال قطري خلال السنوات القليلة الماضية.
مشاركة :