لا يختلف اثنان على عمق الروابط الأخوية والسياسية والاقتصادية التي تجمع بين قطر وتونس، والتي تجلت في كثير من المحطات السياسية والأحداث الاقتصادية الهامة قبل الثورة وبعدها، والدعم الكبير الذي قدمته حكومة قطر لتونس ووقوف الأشقاء القطريين إلى جانب الشعب التونسي بغض النظر عن الحاكم والقيادة السياسية التي تقود زمام السلطة في البلاد. ولعل الزيارات رفيعة المستوى والمتبادلة بين شخصيات سياسية ودبلوماسية ورجال أعمال بين كلا البلدين -والتي تواصلت مع كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، وستكلل إن شاء الله بتشريف حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى لتونس، لدعم مؤتمر الاقتصاد والاستثمار الذي تحتضنه بلادنا الثلاثاء- خير دليل على أن المصلحة واحدة والمبدأ واحد. مساهمة الشقيقة قطر في دعم الاقتصاد والاستثمار في تونس ظهر جليا وواضحا بلغة الأرقام، حيث حلت في المرتبة الأولى عربيا والثانية دوليا في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس، أي بنسبة %13 من جملة الاستثمارات الأجنبية، لتقود بذلك قاطرة الاستثمار في تونس. ويتعزز ذلك يوما بعد يوم حيث تستعد تونس في ديسمبر القادم لاحتضان أشغال اللجنة العليا التونسية القطرية المشتركة تحت إشراف رئيسي حكومتي البلدين، في ظل رغبة ثنائية لتطوير العلاقات، وسيكون هذا اللقاء واعدا للغاية وأتوقع أن تتمخض عنه قرارات هامة جدا على مستوى تدعيم علاقات الشراكة والاقتصاد بين البلدين، في ظل توافر كافة أسباب النجاح وبعد استقرار الأوضاع في تونس وعمل مخطط اقتصادي جاذب للاستثمار. كفاءات تونسية تزخر بها قطر وإذا تطرّقنا إلى علاقات تونس بقطر، فلا يفوتنا أن نتحدّث بالأساس عن قوة العلاقات الشعبية بين البلدين الشقيقين، وهنا نستحضر بكلّ عفويّة ومودّة تلك الفترة التي تعرضت فيها قطر للتشكيك في حقها باستضافة مونديال 2022، حينها تم التعجيل بتدشين مبادرة برلمانية شعبية في تونس لدعم استضافة قطر للمونديال ورفض كل الادعاءات ضدها، ما يؤكد عمق العلاقات بين شعبي البلدين، كما أن قطر تزخر بكفاءات تونسية شابة وخبرات عالية في كل المجالات، ولا تزال قطر تفتح أبوابها لاستقبال الجالية التونسية التي ارتفع عددها في ظرف 4 سنوات فقط لثلاثة أضعاف من 7 آلاف نسمة إلى 20 ألفا يعملون في مختلف القطاعات ويساهمون بجهدهم في مسيرة البناء والنهضة التي تشهدها دولة قطر الشقيقة. صندوق الصداقة التونسي القطري الرائد ويعد أيضا صندوق الصداقة القطري التونسي الذي أنشئ بعد الثورة من أهم روافد العمل الاقتصادي والتنموي المشترك بين البلدين، حيث أسهم هذا الصندوق بشكل كبير في إيجاد حلول ولو جزئية مع مشكلة البطالة بدعم العديد من المشاريع الصغيرة، وبحسب الأرقام المتوفرة لدينا فقد أسهم هذا الصندوق في دعم 1000 مشروع وفي خلق أكثر من 5600 فرصة عمل بشكل مباشر، وأكثر من 14 ألف فرصة عمل بشكل غير مباشر في المناطق الداخلية، ويتطلع القائمون على هذا الصندوق التنموي أن تبلغ نسبة مساهمته في التشغيل والتوظيف 50 ألف فرصة عمل بحلول سنة 2018. وفي هذا المقام لا ننسى أن ننوّه بحضور سعادة وزير الخارجية السابق خالد العطية حفل تكريم للمنتفعين من الصندوق منذ شهور في تونس. كما نثمّن أيضا الجهد القطري المبذول في إطار مساعدة تونس على تحقيق انتقالها الاقتصادي، من ذلك أنّ «شركة الديار القطرية» تبنّت إنجاز منتجع صحراوي وسياحي وثقافي في توزر بالجنوب التونسي بقيمة 80 مليون دولار، وأيضا شركة أوريدو للاتصالات التي ضخت حوالى 360 مليون دولار. كما ضخت قطر في البنك المركزي التونسي وديعة قدرت بنحو 500 مليون دولار لدعم احتياطي تونس من العملة الصعبة. ومن موقعنا كرئيس للحكومة التونسية، ندعو كل المستثمرين القطريين لزيارة تونس، ونقول لهم إن الفرص متاحة أمامهم للاستثمار في الكثير من القطاعات الحيوية كالسياحة والصناعة والعقارات والفلاحة والتكنولوجيا وغيرها من المجالات. كما يتم حاليا دراسة تطوير الصادرات والتجارة بين البلدين من خلال العمل على تجاوز مشكلة النقل بتنشيط مقترح سابق حول إنشاء خط بحري مباشر بين دول الخليج ودول شمال إفريقيا. كما ننوه في هذا السياق بأن العلاقات الاقتصاديّة وتحديدا منها التجارية ما زالت لم ترتق بعد إلى مستوى العلاقات المتميزة بين البلدين، ونتفهم ذلك في ضوء الأحداث التي شهدتها تونس في السنوات الماضية حيث وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين معدل 15 مليون دولار العام الماضي، منها %26 صادرات تونسية إلى قطر. وإذ تعول تونس من خلال استضافتها للمؤتمر الدولي للاستثمار ودعم الاقتصاد يومي 29 و30 نوفمبر 2016 على الشقيقة قطر وغيرها من الدول الصديقة الأخرى، فإنها أيضا ترفع الرهان الاقتصادي بحلول 2020 من خلال وضع خارطة طريق رائدة للنهوض بالمسار الاقتصادي والمناخ الاستثماري المحفز، بالتوازي مع مسار الانتقال الديمقراطي الذي نجحت تونس في تكريسه ضمن مناخ توافقي.;
مشاركة :