حينما تتجه أنظار الملايين من عشاق الكرة العالمية صوب البرنابيو، لمتابعة موقعة «تكسير العظام» بين ريال مدريد ومان سيتي في ذهاب دور الـ16 لدوري الأبطال، فإن البعد التاريخي لن يكون كافياً لمنح عشاق الملكي الشعور بالطمأنينة، صحيح أن الريال هو «ملك الأبطال» بـ13 لقباً، وأرقام قياسية تاريخية، إلا أن طموح مان سيتي في مواصلة المشوار القاري، وتحقيق الحلم للمرة الأولى في تاريخ النادي، الذي توهج في البريميرليج خلال العقد الأخير، يجعل المواجهة أقرب إلى الندية والتكافؤ بين الفريقين. الموقعة الواعدة بالإثارة ما هي إلا حوار بين التاريخ وهو ريال مدريد، والطامح لكتابته وهو مان سيتي، الذي ارتفعت دوافعه إلى سقف لم يسبق له مثيل للفوز باللقب القاري، في ظل القرارات الأخيرة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وقد شدد زين الدين زيدان المدير الفني للريال على أن القرارات التي تم اتخاذها ضد السيتي، تجعله أكثر خطورة ودافعية للفوز، ومواصلة المشوار القاري على أمل تحقيق اللقب للمرة الأولى في تاريخ النادي. الريال متوج باللقب القاري 13 مرة، والسيتي يحلم به للمرة الأولى، بعد أن تألق في الدوري الأقوى في العالم، وحصل على اللقب 4 مرات في الحقبة الظبيانية، ومن ثم أصبح الطموح هو المجد القاري، وفي المقابل حينما تكون المقارنة بين زين الدين زيدان، وبيب جوارديولا، فإن هناك مفاجآت ومفارقات عدة، وخاصة من الناحية الرقمية. صحيح أن الانطباع الأول أن بيب أكثر خبرة وبريقاً في عالم التدريب، إلا أن زيزو حصل على اللقب القاري 3 مرات في 3 مواسم متتالية مع الريال، أعوام 2016 و2017 و2018، فيما حصده بيب في مناسبتين فقط مع البارسا عامي 2009 و2011، ولم يتمكن من تكرار هذا الإنجاز مع البايرن أو السيتي، ما يجعله يتطلع بقوة للعودة من جديد لمنصات البطولة، التي يدرك أنها أكثر بريقاً من أي بطولة أخرى. مفارقة أخرى في المقارنة بين زيزو وبيب، فقد أكد الأول أن جوارديولا هو المدرب الأفضل في العالم، مشيراً إلى أنه يترقب بشغف كبير المواجهة الرسمية الأولى بينهما، وعلى الرغم من أن الانطباع السائد بأن بيب هو الأفضل، إلا أن الأرقام تبتسم لزيدان، الذي حصد 10 بطولات، وتبلغ نسبته بطولة كل 20 مباراة، فيما حصد بيب 28 بطولة بواقع بطولة كل 22 مباراة، ولم يتجاوز زيدان الحقيقة، حينما قال إن عقوبة السيتي القارية سوف تجعله أكثر خطورة على الريال في إشارة إلى ارتفاع الدوافع لدى البلومون لمواصلة المشوار القاري، وإثبات قدرة النادي على أن يكون بطلاً للقارة. وريال مدريد ليس في أفضل حالاته على الرغم من أن ذلك لم يكن يوماً سبباً في تعثره القاري، فقد تعادل في مباراة وخسر أخرى في الليجا ليتراجع إلى المركز الثاني، فيما يخوض السيتي المباراة منتشياً بالفوز على ليستر سيتي، مبتعداً بالمركز الثاني في البريميرليج، ومن المرجح أن يدفع بيب بتشكيلته الأفضل بالطبع في موقعة الليلة، والتي تتكون من إيدرسون حارساً للمرمى، وفي الدفاع ووكر، وفرناندينيو، ولابورت، وميندي، وفي وسط الملعب دي بروين، ورودري، وجوندوجان، وللهجوم الثلاثي محرز، وبرناردو، سيلفا وأجويرو. وعلى الجانب الآخر، يفتقد زيدان النجم البلجيكي هازارد، وبيل، ومن المرجح أن يدفع بتشكيلة تضم كوراوا حارساً للمرمى، وفي الدفاع الرباعي كارفاخال، وفاران، وراموس، وميندي، وفي الوسط مودريتش الذي يستعيد بريقه مؤخراً، وإلى جواره إيسكو، وكاسيميرو، وكروس، وفي الهجوم فينيسيوس جونيور، وبنزيمة. السيتي يتحدى أوروبا في الداخل والخارج كشفت ستاندرد البريطانية، أن حوافز مان سيتي لإثبات الذات على الساحة القارية، لم تعد ترتبط بمباراة يواجه خلالها منافساً كبيراً يسيطر على دوري الأبطال، بل إن الأمر يتخطى ذلك بكثير، فالطموح المشروع للفوز على الريال والعبور إلى دور الـ8 في البطولة القارية هو نصف المعادلة، وجزء من الحلم الأكبر، والذي يتمثل في مواصلة المشوار للفوز باللقب، وكذلك هزيمة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم خارج الملعب، عن طريق تقديم الأدلة التي تكفي لإسقاط عقوبة حرمان النادي من المشاركة في البطولات القارية لموسمين. مهمة بيب جوارديولا داخل المستطيل الأخضر لن تكون أقل صعوبة أو أهمية وحساسية، من مهمة فيران سوريانو المدير التنفيذي للسيتي الذي أعلنها بصورة مباشرة، تعليقاً على العقوبات التي أصدرها يويفا، حينما أكد أنها سياسية، ولا علاقة لها بالتحقيقات التي حدثت على مدار فترة زمنية طويلة، أثبت خلالها السيتي أنه يحقق ربحاً وليست لديه أي ديون، ولم يتجاوز قوانين ولوائح اللعب المالي النظيف. مان سيتي يواجه التحدي في الوقت الراهن بكل قوة، وهو أمام فرصة تاريخية للفوز على أوروبا كروياً بتجاوز الريال ومواصلة مشوار الأبطال، وإدارياً أيضاً عبر محكمة التحكيم الرياضي الدولية «كاس»، لإثبات صحة موقف النادي، وفي حال نجح مان سيتي في كسب المعركتين، فإنها ستكون بمثابة الطفرة التاريخية، التي لم يسبق لها مثيل في مسيرته، لترتفع أسهمه بصورة غير مسبوقة على الساحة العالمية، سواء جماهيرياً أو إعلامياً، ومن ثم من الناحية التسويقية والمالية. وأضافت الصحيفة: «نجوم السيتي بقيادة جوارديولا يملكون القدرة على غزو أوروبا، فالفريق يملك الإمكانات الفنية والكروية التي تؤهله لذلك، وقد طال الانتظار لتحقيق هذا الحلم، وفي ظل الظرف الراهن لم يعد هناك مجال لمزيد من الانتظار، فالدوافع في أعلى مراحلها، سواء في المستطيل الأخضر، أو عبر أروقة المحاكم والساحات القضائية، إنه تاسع مواسم السيتي في البطولة الأوروبية منذ انتقال ملكيته إلى أبوظبي، وقد تألق الفريق في البريميرليج، ولا زال يتطلع إلى غزو القارة العجوز». وأشار التقرير إلى أن جماهير السيتي التي استخدمت لافتات «مافيا اليويفا»، وغيرها من اللافتات التي تندد بالفساد في الاتحاد القاري، ومحاولة عرقلة مسيرة النادي الأوروبية، فعلت ذلك في إشارة إلى وقوفها إلى جانب النادي وثقتها في إدارته، وقد أكد سوريانو على هذا الجانب المهم قائلاً: «ثقتنا في دعم جمهورنا بلا حدود، ونحن من جانبنا لن نخذلكم أبداً، لدينا ثقة كبيرة في كسب المعركة، واستعادة حقوقنا بالكامل، إنها عقوبة سياسية، ولا علاقة لها بالتحقيقات العادلة».
مشاركة :