لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي، مهام منصبه رئيساً لمصر، بدأ في التعامل مع ملف العلاقات الخارجية، باعتباره إحدى أبرز الأولويات، لا سيما وأن مصر عانت على هذا الصعيد على مدار سنوات، ما أثر بالسلب على مكانتها الدولية. وفي هذا الصدد، اتخذ السيسي خلال عام رئاسته الأول عدداً من الخطوات والتحركات الخارجية على أكثر من صعيد، وهي التحركات التي أكد الخبراء أنها حققت طفرة نوعية، عقب سنوات من الخمول الدبلوماسي، وأسهمت في استعادة مصر مكانتها الدولية السابقة. مع الخليج رغم أن مصر ترتبط بعلاقة أخوة تاريخية مع دول الخليج، إلا أن هذه العلاقات تهددت نسبياً بعد صعود جماعة الإخوان لسدة الحكم في مصر، لتأتي ثورة 30 يونيو وتصلح ما أفسده الإخوان، حيث كان لمؤازرة دول الخليج لمصر أثر كبير في عودة العلاقات لسيرتها الأولى. ووفق أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة د. محمد حسين، فإن دول الخليج وقفت إلى جوار مصر بعد ثورة 30 يونيو وأمدتها بالكثير من المعونات المادية والدعم السياسي، وكذلك طيلة حربها على الإرهاب وجماعة الإخوان وحلفائها، وفي المقابل كذلك عندما احتاج الخليج مصر وجدها إلى جواره، خاصة في الحرب على الانقلابيين الحوثيين في اليمن. وأضاف حسين لـالبيان، إن السيسي طيلة السنة الأولى من حكمه حاول أن يضمد الجراح بين مصر ودول الخليج التي حدثت في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، خاصة مع دولة الإمارات العربية المتحدة بعد تصريحات مرسي والإخوان وتلميحاتهم السلبية بحقها، موضحاً أن العلاقات مع دول الخليج تسير من الجيد للأفضل. وأكد أن المجريات السياسية على الساحة تشير إلى أن مصر ودول الخليج قد يقودون الدول العربية كافة للتوحد لمواجهة الأخطار التي تواجه المنطقة من دول الجوار، سواء كانت تركيا أو إسرائيل أو إيران. وتبنت مصر في عهد السيسي فكرة تشكيل قوات عربية مشتركة. مع إفريقيا وفيما تولى السيسي مهام منصبه، في ظل شبه حالة انفصال مصري عن القارة الإفريقية، حيث انحسر الدور المصري في إفريقيا، وهو الأمر الذي ترتب عليه أمور كملف سد النهضة. وإدراكاً من السيسي لمدى أهمية القارة الإفريقية بالنسبة لمصر، شهد العام الأول لحكمه تحركات موسعة في هذا الاتجاه، الأمر الذي ظهرت ثماره. وأكدت المساعدة السابقة لوزير الخارجية للشؤون الأفريقية السفيرة منى عمر لـالبيان، أن أداء مصر فيما يخص ملف القارة الإفريقية كان إيجابياً، حيث كان هناك توجه قوي نحو إعادة العلاقات المصرية الأفريقية لمسارها، موضحة أن مصر دعمت العلاقات مع إثيوبيا وتحويل العلاقات من المواجهة إلى الحوار والمصالح المشتركة، كذلك ملف سد النهضة. مع أميركا وفي سياق آخر، تمكن السيسي من مواجهة الضغوط الدولية وبعض التعليقات والإشارات السلبية، لا سيما في ضوء محاولات جماعة الإخوان تشويه الصورة. ونجح ببراعة في أن يتفادى تلك المطبات الإخوانية، ويتعامل مع الأمر بصرامة شديدة حققت ما نادت به ثورة 25 يناير من استقلال عن أية تبعية، لا سيما للولايات المتحدة، فاتجه السيسي شرقاً، ووطد علاقات مصر مع عددٍ من الدول وعلى رأسها روسيا والصين. ووفق سكرتير عام اتفاقية الشراكة المصرية الأميركية السفير جمال بيومي، فإن العلاقات المصرية الأميركية مرت بمحاور عدة، وكان هناك شد وجذب بين الدولتين، فبعد ثورة 30 يونيو مباشرة كانت العلاقات في أسوأ حالاتها. وأوضح أن الإرادة الشعبية المصرية واختيارها الحر وضعت الولايات المتحدة تحت الأمر الواقع، وبفضل الدبلوماسية المصرية تم الإفراج عن المساعدات والأسلحة المصرية. البحر المتوسط فيما فتح السيسي طريقاً نحو علاقات خارجية جديدة، من خلال جيران مصر على البحر المتوسط، وهي العلاقات التي تعتبر البوابة المثالية لدول الاتحاد الأوروبي. ووفق مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير حسين هريدي، فإن مصر اتجهت لتفعيل علاقاتها مع دول البحر الأبيض المتوسط مثل إسبانيا وقبرص واليونان، لا سيما وأن مصر تربطها مصالح مع كل دول العالم، وبخاصة تلك الدول التي نشترك معها في ملف التنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، وهو أمر كان مهماً في العقود السابقة، وأعاد السيسي الاهتمام به. روسيا والصين مما لا شك فيه أن السيسي، قد تبنى سياسية خارجية مختلفة عن السياسيات المصرية الخارجية السابقة، حيث الانفتاح على الجميع، وعدم الاعتماد على قوة دولية واحدة، وهو الأمر الذي ظهر جلياً من خلال ذلك التقارب الذي حدث خلال العام المنصرم من مدة حكمه، مع روسيا والجانب الآسيوي، وبالتحديد الصين. وفي هذا السياق أكد خبير العلاقات الدولية بمعهد الأهرام للدراسات السياسية د. سعيد اللاوندي، أن الرئيس السيسي منذ توليه منصب رئيس الجمهورية وهو يؤسس لدولة جديدة تعمد أن تكون السياسة الخارجية متوازنة وأن تكون هناك علاقات مع جميع الأطراف والأقطاب الدولية، سواء كانت الولايات المتحدة أو منافسيها في الصين وروسيا. وأوضح أن الرئيس قام بزيارة روسيا والصين وكذلك قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة مصر، مؤكداً أن مصر لن تقع في فخ استبعاد أية دولة من علاقاتها الخارجية مرة أخرى كما كان يحدث طيلة العقود الماضية. نجاح مع توطيد القاهرة علاقاتها مع الجميع، ونجاح الرئيس عبد الفتاح السيسي في إعادة رسم خريطة العلاقات الخارجية على نحوٍ مثالي، فإن ذلك قد أعاد القاهرة لوضعها بالمنطقة، ومشاركتها في محاولات حلحلة الأزمات المحيطة، فكان للقاهرة دور في الدعوة لحل سياسي للأزمة السورية، باحتضان لقاءات المعارضة في الفترة من 22 وحتى 24 يناير الماضي، فضلاً عن المؤتمر الثاني يومي 8 و9 يونيو، بالإضافة إلى الدور المصري في الأزمة الليبية، وكذلك دورها في مشاركة دول الخليج في عاصفة الحزم، وهو ما أعاد لمصر مكانتها بالمنطقة.
مشاركة :