تواصل المملكة سياساتها عميقة الأبعاد متوازنة الرؤى كما عهدناها دائماً، فلا أحد يستطيع تجاهل جهود امتدت على مدى عقود أثبتت فيها السياسة السعودية قدرتها ومقدرتها على التخطيط السليم والتعامل مع الأحداث بحكمة وروية، وبصيرة نافذة تستشرف آفاق المستقبل وتعزز موقف الحاضر وتنهل من إرث هو أشبه بالمعين الذي لا ينضب. الدعوة التي وجهها خادم الحرمين لعقد قمة سعودية أفريقية في المملكة تأتي في إطار تحرك دبلوماسي انتهجته المملكة منذ عقود لتعزيز علاقاتها عبر قارات العالم واضعة نصب أعينها نشر ثقافة التسامح والتعاون والمصالح المشتركة، فالقارة الأفريقية تضم 58 دولة لنا مصالح معها منها 17 دولة تشارك في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب مما يعزز التواجد السعودي في القارة السمراء التي بنت المملكة معها علاقات منذ عقود خلت بجولة الملك فيصل -رحمه الله- عندما أطلقت المملكة دعوة التضامن الإسلامي في ستينات القرن الماضي، وكان لذلك التوجه آثاره الإيجابية على المملكة والدول الأفريقية التي تكن كل التقدير والاحترام لقيادة المملكة. الأهداف المرجوة من عقد قمة بهذا الحجم وذلك الزخم يعكس الاهتمام الذي توليه السياسة السعودية من خلال توجهها إلى القارة الأفريقية بتوثيق علاقاتها عبر العالم، فلم تكد تنتهي أعمال القمم التاريخية الثلاث في الرياض التي كانت مرحلة مفصلية في تاريخ العلاقات الخليجية العربية الإسلامية مع الولايات المتحدة إلا ودعا خادم الحرمين للقمة السعودية الأفريقية مما يؤكّد عمق أهداف السياسة السعودية وشمولها في رسم خريطة علاقات تعزز من الدور السعودي الدولي وتؤكّد مكانته ونواياه الحسنة التي عرف بها. كما أن الدور الإيراني المشبوه في القارة الأفريقية يجب أن تتم مجابهتها ووقفه عند حده، فإيران تعمل في القارة مستغلة الفراغ الثقافي والاجتماعي، وحتى السياسي، الذي أحدثه البعد العربي عن الساحة الإفريقية، فوجدت في بعض الدول أرضًا خصبة ومناسبة لنشر أفكارها ومعتقداتها، التي تمثِّل أحد أهم إستراتيجياتها، فكان لابد من مواجهتها وكبح جماحها في القارة الأفريقية من خلال إعادة رسم العلاقات مع دول القارة التي يسعدها أن تقوم المملكة بتعزيز علاقتها معها لمعرفتها أن العلاقات مع المملكة ستعود عليه بالنفع المبين.
مشاركة :