شيئان في الشرق لا يتغيران، الأهرامات وأم كلثوم. هكذا قرر أحد المحللين السياسيين الغربيين في خمسينات القرن الماضي، في تقرير يتناول أحوال المنطقة الحافلة بالتقلبات السياسية آنذاك. ومنذ ذلك الحين والزمن يمر ويجمع العرب صوت «كوكب الشرق»، في حياتها وحتى بعد سنوات طويلة من رحيلها. ويظل دائماً التوحّد نفسه، والمشاعر نفسها تتكرر مع كل مناسبة يأتي فيها الذكر على «كوكب الشرق». ومساء أول من أمس، وفي إطار فعاليات مهرجان الموسيقى الدولي الثامن عشر، أحيت فرقة أم كلثوم للموسيقى العربية حفلاً غنائياً مبهراً، على مسرح عبدالحسين عبدالرضا، حضره حشد من محبي أغاني «كوكب الشرق»، حيث اكتظت الصالة، واضطر الكثيرون إلى حضور الحفل جلوساً على الأرض، للاستمتاع والسلطنة. ساعات من السلطنة والطرب، عاشها كل من حرص على عدم تفويت الحفل، خصوصاً أن أغاني «كوكب الشرق» تعيش في الذاكرة، فضلاً عن أنها تظل الرقم الصعب في تاريخ الغناء العربي، وتعتبر تحدياً أصعب لكل فنان يحاول أن يغنيها بصوته، لكن أعضاء الفرقة التي تخصصت في تراث «كوكب الشرق»، ومع اختلاف مستوى الأداء من مطرب إلى آخر، قادرون دائماً على تحقيق المعادلة الصعبة، وإمتاع عشاق فن أم كلثوم، وغنوا على مسرح عبدالحسين عبدالرضا بإحساسهم، الذي وصل مباشرة إلى الجمهور. وصدحت الأصوات المتميزة، بتشكيلة متنوعة من أغاني كوكب الشرق، ملأت بها أرجاء مسرح عبدالحسين عبدالرضا، وحركت أصوات رحاب عمر ونهاد فتحي ونيللي زيدان ورحاب مطاوع وإيمان عبدالغني جنبات المسرح، وهي تصدح بـ «القلب يعشق كل جميل»، «هجرتك»، «أنت عمري»، «سيرة الحب»، «عن العشاق»، «أروح لمين»، «الأطلال»، و«بالسلام»، وغيرها. يذكر أنه شهد النصف الثاني من القرن العشرين توجهاً في مصر بتكوين فرق متخصصة للموسيقى العربية، تقدم أنماطاً وأنواعاً مختلفة من فنون الموسيقى للجمهور، بهدف نشر الاهتمام بالموسيقى العربية وتذوقها. لذلك حرصت عميدة المعهد العالي للموسيقى العربية الراحلة الدكتورة رتيبة الحفني، على أن يتحمل المعهد هذه المسؤولية العلمية والفنية، فأنشأت أول فرقة أكاديمية لرعاية وتقديم الموسيقى العربية بإطار حديث، وأشرفت على تكوين هذه الفرقة في العام 1965.
مشاركة :