تسليع التعليم - أيمـن الـحـمـاد

  • 6/8/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الذي يحضر الأبناء لاستلام شهادات نجاحهم من مدرستهم "الأهلية" هذه الأيام يذهب أولياء الأمور لمكتب تسديد الرسوم الدراسية للعام المقبل.. يتكرر هذا المشهد ويزداد مع رغبة المجتمع وإدراكه المطلق بأهمية التعليم وأن لا شيء يعدل ابناً متعلماً وواعياً ومتقداً، ولكن هل تقدم تلك المدارس الخاصة مدفوعة الثمن ما يطمح له كل ولي أمر؟ لا يبدو أن ذلك يحدث.. على نطاق واسع أصبح جليّاً أن المدارس الأهلية بوابة لعبور الطالب بكل سهولة ويسر مع أوراق معدودة يَختبر بها نهاية العام تسمى "ملخصات" دون تكبد عناء المدارس الحكومية المكتظة بالطلاب، والتي تدار بشيء من الصرامة لا تتناسب مع جيل أثقلت جيوبه وسائل التكنولوجيا الحديثة، ولكي نخرج من تعميم الحكم فنغدو جُهالاً، نقول إن هناك بعض المدارس الخاصة التي تهتم بنوعية وجودة ما تقدمه من علوم لطلابها، ولكنها لا تتعدى أصابع الكفين، ولا تتناسب مع متوسطي الدخل. أصبح من الملفت انتشار المدارس الأهلية، فغدت شبيهة بالدكاكين المتجاورة، وبسبب زيادة عدد السكان، ونمو معدل عدد أفراد الأسرة، وقلة المدارس الحكومية في بعض الأحياء، وارتفاع الدخل العام للعائلة، وتشجيع وزارة التعليم لتلك "المشروعات" عبر دعمها مادياً، أصبح التسجيل في المدارس الأهلية ضرورة، وبنداً رئيساً في ميزانية كل رب أسرة؛ الذي يرى أنه قد قدم ما عليه بإدخال أبنائه لتلك المدارس، ولا عزاء للأموال التي دفعها المواطن أو دفعتها الوزارة التي وافقت على منح ترخيص تعليمي لصاحب المدرسة الذي اتخذ من الوزارة قدوة له، فاستأجر فيلا خاصة أو عمارة تجارية وقسمها فصولاً دراسية واسمها مدرسة ولا تسل عن الحصيلة أو المنتج. إن التراخي والتلاعب أصبحا مقترنين بسمعة بعض المدارس الأهلية التي لا يرسب فيها أحد إلا من لم يحضر، فالكتب التي تكلف الدولة أموالاً طائلة تسلب منها قيمتها من خلال معلمين وافدين لا نعرف قدراتهم التعليمية، وهل تم إخضاعهم لمقاييس شبيهة بتلك التي يخضع لها المعلم المواطن عند رغبته الالتحاق بالتدريس، ثم إن وزارة التعليم التزمت بدعم تلك المشروعات مادياً ولا نعرف تبريراً واضحاً لتلك الخطوة، إذا كانت الوزارة تمنح كل مدرسة مبلغاً وقدره، على كل طالب سعودي يقبل لديها، فهي شريكة في تفريخ تلك المدارس، ألم يكن جديراً بها استثمار تلك الأموال في بناء مدارس نموذجية حكومية أو تطوير قدرات المعلم السعودي ليتواكب مع معطيات النماذج التعليمية الحديثة. في دول كفنلندا ذات سمعة عالمية في التعليم، تبقى المدارس خطراً لا يمكن تسليعه وتعريضه لمساومات التجارة؛ وذلك للخطورة التي يمكن أن تنعكس على أجيال من الطلبة الذين يخرجون للمرحلة الجامعية والمجتمع وهم في مرحلة هشاشة وخواء كلنا كنا شركاء فيها.

مشاركة :