تخطط دول الخليج العربية وإيران لبناء حوالي أربعين مفاعلاً نووياً. فالمملكة تخطط لإنشاء 16 مفاعلاً والإمارات والكويت كل منهما ينوي تشييد 4 مفاعلات، إضافة إلى إيران التي أعلنت عن نيتها بناء 16 مفاعلا عدا تلك الموجودة في الأصل، وهذا عدد ضخم مبالغ فيه بالمقارنة إلى حجم المساحة الجغرافية لدول الخليج التي تقدر مساحتها بثلاثة ملايين كيلو متر مربع وليست دولاً صناعية. ما يهمنا هنا هو الوضع الكارثي لمياه الخليج والتي تغذي ثماني دول بمياه الشرب. وإذا ما نظرنا إلى الخليج بوصفه حوضاً مائياً نجده "ضحلاً " محاطاً باليابسة من ثلاث جهات، كما أن المسافة بين أقصى نقطة شرقاً وغرباً حوالي 200 كيلومتر. في الوقت الحالي يوجد لدى الامارات خطط لبناء أربعة مفاعلات نووية في موقع "براكا" بالإضافة إلى وجود مفاعلين اثنين في بوشهر الايرانية وكلها على الساحل الخليجي. وللعلم فإن وجود المفاعلات النووية قرب مصدر للمياه هو أمر حيوي وإيجابي من أجل التبريد، لكن الوضع سيكون كارثياً لو حدث وتعرض أحد هذه المفاعلات لحادث خصوصاً من جانب السواحل الإيرانية التي تقع على حزام زلزالي نشط. وفي الواقع تعتبر الطاقة النووية من أكثر مصادر الطاقة أمناً وملاءمة للبيئة، إلا أن حادثاً واحداً كفيلٌ بجلب العطش لسكان دول الخليج الذين يعتمدون على المياه المحلاة بنسبة 80 % حسب تقرير أعدته أمانة مجلس التعاون الخليجي. في القمة الخليجية الأخيرة التي عقدت في الكويت عبرت دول المجلس عن قلقها بشأن الإعلان عن خطط لبناء المزيد من المفاعلات النووية على ضفاف الخليج وما يمكن أن يمثله من تهديد للنظام البيئي الهش، والأمن المائي في منطقة الخليج. وبالرغم من البيان هنا يلمز إلى إيران التي أعلنت مؤخراً نيتها تشييد مفاعلات جديدة على الساحل الخليجي، إلى أن الأمر يمكن أن يشمل أيضاً بعض الدول الخليجية الأخرى. إن من شأن اتفاق دول الخليج على مبادرة لإيقاف بناء المفاعلات النووية على "السواحل" أن يجلب الاستقرار البيئي للمنطقة التي يعيش سكانها واقتصادها على هذا الممر المائي. ويمكن للدول التي لم تبدأ بعد بناء مفاعلاتها العمل على تنصيب تلك المفاعلات بعيداً عن الشواطئ والاستفادة من التقنيات النووية الحديثة والاعتماد على المفاعلات الصغيرة. إن إقرار دول المجلس مؤخراً مركزاً لإدارة الكوارث البيئية، ورصد الإشعاعات خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن التنسيق وتبادل المعلومات مع الجانب الإيراني والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشفافية مهم بنفس الدرجة. إن قيام طهران بالترويج لأمان مفاعلاتها النووية في "بوشهر" أمر تنقصه البرهنة، خصوصاً بعد أن تسرب للإعلام ما قيل إنه حادث استدعى استنفارا كبيرا في محطتها في "بوشهر" ونتج عنه إغلاق المفاعل لمرتين. كما أن دول الخليج التي تشهد حركة غير مسبوقة لشركات الطاقة النووية والتي بدأت تؤسس مكاتب دائمة لها في المنطقة، بحاجة إلى التضامن بشكل جدي أمام تحديات البيئة بعيداً عن جدل السياسة..
مشاركة :