يعود النقاش من جديد حول بنود السرية المصرفية تحت قبة البرلمان السويسري بمجلسيه، النواب والشيوخ، بعد أن قدمت الحكومة الاتحادية له مشروعا للتبادل الآلي للمعلومات، واقترحت على المجلسين إدخال التزامات جديدة للمصارف، في حين إن التوجه العام لأحزاب اليمين هو الحفاظ على السرية المصرفية التقليدية. وبعد إخفاق الحكومة في الإفلات من التبادل الآلي للمعلومات، اضطرت لأن تُجمِّد في نهاية عام 2013 مشروعها في إجبار المصارف على التأكد من أن عملاءهم الأجانب لا غبار عليهم، وأنهم ماضون على الصراط المستقيم مع سلطات الضرائب في بلدانهم، وأوضحت في ذلك الوقت أنها تفضل انتقال المصارف نحو آلية التبادل الآلي للمعلومات. وأدى هذا التحول في حينه إلى إغضاب المصرفيين، ودفع الأحزاب اليمينية نحو مزيد من الاستياء، ولهذا السبب قامت الحكومة الآن بتنقيح نسختها، بوضع مزيد من الدعائم لهيكل السرية المصرفية. ويشير التنقيح ضمناً إلى أنه لا ينبغي للمصرفيين القلق من تهرُّب عملائهم الأمريكيين من دفع الضرائب، ولا أولئك الذين يقيمون في البلدان التي ستطبق اتفاقات التبادل الآلي للمعلومات مستقبلاً، وكل ما في الأمر أنه ينبغي للمصرفيين التحقق ذاتياً من الالتزام الضريبي، وذلك بإجراء استعراض على أساس المخاطر، بمعنى آخر أنه ينبغي رفض العميل الجديد إذا كانت هناك أدنى شبهة حوله فيما يتعلق بالتزامه الضريبي في بلده. أما العميل القديم فيتم تأطيره بالقواعد والأنظمة الجديدة خلال فترة زمنية معقولة تحت طائلة عقوبة إغلاق حسابه في أي لحظة، ومع ذلك، فإن هذه التفاصيل لن يتم إدراجها في القانون. وتؤيد الرابطة السويسرية للمصرفيين أن هذا الإصدار الجديد للقانون، هو بحسب ما ذكرته، إيفلين فيدمر ـ شلومبف، وزيرة المالية للصحفيين. وفي موازاة ذلك، أحالت الحكومة إلى مجلسي النواب والشيوخ الأسس القانونية لتطبيق التبادل الآلي للمعلومات وفقا لمعايير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وعلى الرغم من موافقة أغلب الأحزاب والمقاطعات، إلا أن أحزاب اليمين المُمثلة بأكبرها، حزب اتحاد الوسط الديمقراطي، أعلن معارضة قوية، في حين أيدتها أحزاب يمينية صغيرة، قائلة إنها أكثر عملية وواقعية من الحزب الكبير. من ناحية أخرى، ينبغي للبرلمان أن يصادق على اتفاقية مجلس أوروبا، ومنظمة التعاون والتنمية المتعلقة بالمساعدة الإدارية بين الدول الأعضاء في المسائل الضريبية، وهي اتفاقية وضعت معياراً جديداً للمساعدة الإدارية بحيث لم يبق لسويسرا نظامها الخاص المتشدد في تقديم المساعدة القضائية حول الحسابات المصرفية المطلوبة من الدول الأخرى، وستقدم الدولة المعلومات بناء على طلب، أو عفويا، أو تلقائياً، من دون نقاش. لكن وزيرة المالية كرِّرت القول إن سويسرا ستظل محمية بالسرية المصرفية، فأموال العميل لن يُكشف عنها لهيئة الضرائب السويسرية أو أي جهة أخرى محلية، غير أن الأمر سيختلف إذا كان لديك حساب في خارج البلاد. ومع ذلك، فإن هذه المسألة ينبغي أن تناقش، ولن يكون نقاشها إلا مع مبادرة شعبية طرحها عدد من السياسيين اليمينيين في محاولة لحماية المعطيات الخاصة لعملاء المصارف، وإعطاء نفحة من الحياة للسرية المصرفية. ووضعت الحكومة عديدا من التحفظات على اتفاقية مجلس أوروبا ومنظمة التعاون والتنمية، فمن المستحيل تقديم المساعدة القانونية لدولة بهدف إفادة دولة أخرى بها، وأيضاً يستحيل إعطاء معلومات عن ضرائب أخرى غير الضرائب المفروضة على الدخل أو الثروة. ومن الأمور الأخرى التي تصر عليها بلاد المصارف هو أن الوقائع السابقة لعام 2014 لن تكون مادة، ولا عرضة للملاحقة القضائية الجنائية. ومن حيث المبدأ سيتم إحاطة العميل بأي بلاغات ومراسلات تخصه، سواء جاءت بناءً على طلب، أو تم تقديم المعلومات المتعلقة به آلياً أو عفوياً. واستبعد القانون تماماً إمكانية إجراء أي شكل من أشكال التدقيق والتحقيق الضريبي من قبل سلطة ضريبية أجنبية في سويسرا، وعدم تقديم أي مساعدة للاطلاع على الوثائق، أو تسليمها. والاتفاقية في حد ذاتها غير قابلة للتطبيق مباشرة، فالحكومة السويسرية تقترح إبرام إتفاقية متعددة الأطراف تُحدد على سبيل المثال مَن الذي ينقل المعلومات، وما هو نطاق المعلومات، ومِن أي حسابات، وتحديد الأسس القانونية بما فيها العقابية في حالة حصول مخالفات. ويمكن تنفيذ التبادل التلقائي بطريقتين، إما عن الطريق الثنائي بين الدول، أو على أساس اتفاق متعدد الأطراف بين السلطات المختصة استناداً إلى اتفاقية مجلس أوروبا ومنظمة التعاون والتنمية. وحتى مع المسار المتعدد الأطراف، فإن تبادل المعلومات لن يحدث إلا إذا قامت دولتان معنيتان بتفعيل هذه الآلية، وينبغي للبرلمان أن يعلن في وقت لاحق البلدان التي يُريد أن يُطبق معها التبادل الآلي للمعلومات. ووفقا للمشروع المقدم إلى البرلمان، فإنه إذا انتهك مصرف ما التزاماته، أو إذا كان هناك خلل في تقديم البيانات، فسيكون عرضة لغرامة تصل إلى 250 ألف فرنك سويسري (271 ألف دولار). وهناك أكثر من 100 دولة تعهدت بتنفيذ التبادل التلقائي، منها نحو 50 ستلتزم بها بحلول عام 2016-2017، ودول أخرى بما في ذلك سويسرا ستطبقها في 2017-2018. ومن المقرر أن يدرس البرلمان في مجلسيه هذه القضية في الخريف المقبل، وتأمل الحكومة تنفيذ التبادل الآلي ابتداء من عام 2018، حتى في حال تحديد موعد لاستفتاء شعبي قد يقع بعد هذا التاريخ.
مشاركة :