محمد عبده يُكاتب تولستوي

  • 3/6/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

د. حسن مدن في عام 1908 بعث أحد المحامين الثوريين الهنود رسالة إلى تولستوي طالباً منه فيها دعم استقلال الهند عن الحكم الاستعماري البريطاني. لم يتأخر تولستوي في الرد. وحين نشر المحامي ردّ تولستوي في إحدى الصحف الهندية انتشر بسرعة، حتى وقع تحت بصر المهاتما غاندي الذي كان يومها يعمل محامياً في جنوب إفريقيا، فسارع بمراسلة تولستوي طالباً الإذن ‏بإعادة نشر رده مترجماً للإنجليزية في صحيفة «الرأي الهندي» التي كان يصدرها من منفاه، وهذا ما كان بالفعل حيث نشرت تحت عنوان: «رسالة إلى هندوسي»، وكان طلب غاندي ذاك إيذاناً بما وصف ب «سيل من المراسلات» بين غاندي وتولستوي. لكن هناك مراسلات أخرى تعنينا نحن العرب مباشرة، وتعيدنا إلى زمن عربي كان واعداً، هي تلك التي جرت بين الإمام محمد عبده وتولستوي. يُروى أن الإمام اطلع، بإعجاب، على ما كتبه تولستوي حول الإسلام، ما خلق في نفسه ودّاً تجاه الكاتب الروسي، فبادره بكتابة رسالة إليه كانت فاتحة لرسائل متبادلة بينهما. ويُنقل عن حفيد حفيد محمد عبده، أن رسالتين متبادلتين بين جده وتولستوي مازالتا محفوظتين في متحف تولستوي بموسكو شاهدتين على موقفهما من تسامح الأديان ونبذ التعصب. جاء في رسالة محمد عبده لتولستوي والمؤرخة في 8 إبريل/ نيسان 1904: «لم نحظ بمعرفة شخصك ولكن لم نحرم التعارف بروحك، سطع علينا نور من أفكارك، وأشرقت في آفاقنا شموس من آرائك ألّفت بين نفوس العقلاء ونفسك». وأنهاها بالهامش التالي: «إذا تفضل الحكيم بالجواب فليكن باللغة الفرنسية فأنا لا أعرف من اللغات الأوروبية سواها». وبالفعل أتى الرد من تولستوي، مُستهلاً بالقول: «تلقيت خطابك الكريم الذي يفيض بالثناء عليّ، وأنا أبادر بالجواب عليه مؤكداً لك ما أدخله على نفسي من عظيم السرور حين جعلني على تواصل مع رجلٍ مستنير، وإن يكن من أهل ملةٍ غير الملة التي ولدت عليها وربيت في أحضانها، فإن دينه وديني سواء لأن المعتقدات مختلفة وهي كثيرة، ولكن ليس يوجد إلا دين واحد هو الصحيح، وأملي ألا أكون مخطئاً إذا افترضت، استناداً إلى ما ورد في خطابك، أن الدين الذي أؤمن به هو دينك أنت، ذلك الدين الذي قوامه الإقرار بالله وشريعته والذي يدعو الإنسان إلى أن يرعى حق جاره، وأن يحب لغيره ما يحب لنفسه. وأود أن تصدر عن هذا المبدأ جميع المبادئ الصحيحة، وهي واحدة عند اليهود وعند البرهمانيين والبوذيين والمسيحيين والمحمديين». madanbahrain@gmail.com

مشاركة :