قال الكاتب الصحفي علاء ثابت رئيس تحرير جريدة الأهرام: إن القيادة المصرية تمضى فى مسار التفاوض لضمان حق مصر فى مياه النيل خلال فترة ملء سد النهضة الإثيوبى، من منطلق قناعتها بأن مصر تريد الخير لإثيوبيا، وأن تحقيق المنافع المشتركة هو أفضل الطرق من أجل ترسيخ علاقات صداقة وتعاون بين البلدين، بشرط عدم تحقيق مصالح طرف على حساب الطرف الآخر، واستمرت الدبلوماسية المصرية تسير على هذا النهج الراقى الذى طالما اتبعته فى علاقاتها الخارجية مع جيرانها وكل الدول الصديقة. وتحملت الدبلوماسية المصرية الكثير من تقلبات السياسة الإثيوبية وتعاملت بسعة صدر وصبر بهدف تجنب أى أزمة فى علاقات بلدين بينهما أواصر صداقة قديمة وقوية. لكن يبدو أن الطرف الإثيوبى لم يقابل المرونة المصرية بالمثل، وبعد ماراثون طويل من المفاوضات حول الجدول الزمنى المناسب لملء خزان مياه سد النهضة الإثيوبى برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، ومشاركة صندوق النقد الدولى إلى جانب مصر والسودان وإثيوبيا، لم يحضر الوفد الإثيوبى للتوقيع على الاتفاق الذى تم التوصل إليه. وهو موقف غريب على الأعراف الدبلوماسية، فقد وافقت إثيوبيا على الاتفاق وتحدد موعد التوقيع برعاية وضمان أمريكى، فكيف لا يحضر الوفد الإثيوبى للتوقيع على ما تم الاتفاق عليه؟.وأكد "ثابت"، فى مقاله المنشور اليوم الجمعة بصحيفة "الأهرام" أن الروح التى ميزت الدبلوماسية المصرية طوال السنوات الأخيرة، وأكدتها مرارا بالقول والفعل، وكان يمكنها أن تعرقل بناء السد عبر اللجوء إلى مجلس الأمن والمحاكم الدولية أو أى طرق أخرى. لكنها رأت أن الحل الودى يؤدى إلى علاقات جيدة وطيبة تعود بالخير على الجميع. لكن إذا انحرف المسار الإثيوبى وتراجع عما تم الاتفاق عليه وآخره الاتفاق الذى جرى برعاية أمريكية، فهذا سيكون له شأن آخر وأدوات أخرى بعد أن تستنفد القيادة المصرية كل الأدوات التى تحفظ الود والعلاقات الطيبة. وفى حالة إصرار القيادة الإثيوبية على تجاهل المصالح المصرية وحقوق شعبها، وتتعدى على شريان الحياة فى مصر، فهذا ما لا يمكن السكوت عليه أبدا، وهو ما تمت مناقشته، ووضع كل السيناريوهات المتوقعة وكيفية التصرف وفق كل سيناريو. ومازالت مصر تأمل أن يتغلب صوت العقل والحكمة على تصريحات وسلوكيات الطرف الإثيوبى، وأن يقابل حسن النية والرغبة المصرية فى الحفاظ على العلاقة الطيبة بالتقدير المناسب. إلى نص المقالتمضى القيادة المصرية فى مسار التفاوض لضمان حق مصر فى مياه النيل خلال فترة ملء سد النهضة الإثيوبى، من منطلق قناعتها بأن مصر تريد الخير لإثيوبيا، وأن تحقيق المنافع المشتركة هو أفضل الطرق من أجل ترسيخ علاقات صداقة وتعاون بين البلدين، بشرط عدم تحقيق مصالح طرف على حساب الطرف الآخر، واستمرت الدبلوماسية المصرية تسير على هذا النهج الراقى الذى طالما اتبعته فى علاقاتها الخارجية مع جيرانها وكل الدول الصديقة. وتحملت الدبلوماسية المصرية الكثير من تقلبات السياسة الإثيوبية وتعاملت بسعة صدر وصبر بهدف تجنب أى أزمة فى علاقات بلدين بينهما أواصر صداقة قديمة وقوية. لكن يبدو أن الطرف الإثيوبى لم يقابل المرونة المصرية بالمثل، وبعد ماراثون طويل من المفاوضات حول الجدول الزمنى المناسب لملء خزان مياه سد النهضة الإثيوبى برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، ومشاركة صندوق النقد الدولى إلى جانب مصر والسودان وإثيوبيا، لم يحضر الوفد الإثيوبى للتوقيع على الاتفاق الذى تم التوصل إليه. وهو موقف غريب على الأعراف الدبلوماسية، فقد وافقت إثيوبيا على الاتفاق وتحدد موعد التوقيع برعاية وضمان أمريكى، فكيف لا يحضر الوفد الإثيوبى للتوقيع على ما تم الاتفاق عليه؟.لا يمكن تفسير تخلف الوفد الإثيوبى عن الحضور إلا فى ضوء المزايدة بين الأطراف الداخلية المتنافسة فى الانتخابات البرلمانية التى حولت قضية سد النهضة إلى مزاد سياسى انتخابى، وكأنها تخوض حربا تحشد لها الجماهير، وهو ما نجده فى تصريحات وزير الخارجية الإثيوبى جيتداحشو أندراجو البعيدة تماما عن الأعراف الدبلوماسية والقانون الدولى وكأنه يشارك فى مظاهرة سياسية داخلية ويقول: «الأرض أرضنا والمياه مياهنا والسد سدنا»، وهو كلام ليس سوى دعاية سياسية رخيصة يجب ألا تصدر من مسئول إثيوبى يتولى وزارة الخارجية. ومن البدهى أنه يعرف القانون الدولى ويدرك معطيات التاريخ والجغرافيا وأهمية مياه نهر النيل لمصر، فإثيوبيا تعتمد على الأمطار بينما النيل هو شريان الحياة لمصر، وهى دولة المصب ولها حقوق راسخة ومعروفة، ولهذا كان لتصريح وزير الخارجية الإثيوبى وقع سيئ على الأجواء الإيجابية التى كانت تسود المفاوضات.من الخطأ أن يتصور الوزير الإثيوبى أو غيره أن سعة صدر مصر وصبرها وإصرارها على التوصل إلى حلول تراعى مصالح الشعب الإثيوبى - تراجعت أو ضعفت، لأن الحقيقة هى أن الطرف القوى لا يحكمه الغضب ولا يتفوه بكلام مسيء ولا يتصرف بتلك الطريقة، فمصر تعرف أنها ستحصل على حقوقها، وأنها لن تفرط فيها، وأن مراعاة مصالح إثيوبيا لن تكون على حساب تلك الحقوق التاريخية والقانونية غير القابلة للتصرف أو التفريط، ولأن القيادة المصرية تتسم بالحكمة والصبر وبعد النظر فهى لا تغضب بسهولة، ولا تلقى بالتهديدات جزافا، أو تثير الزوابع وتعمل طوال الوقت من أجل رفع مستوى التنمية المستديمة للقارة الإفريقية، وكثيرا ما وقفت مصر إلى جانب شعوب القارة الإفريقية فى قضايا التحرر والاستقلال والتنمية وتراهن على علاقات أوثق تجعل من إفريقيا قوة اقتصادية مهمة، وكذلك عززت شبكة الطرق من القاهرة حتى جنوب إفريقيا، والطريق الساحلى والسكك الحديدية، والربط الكهربائى، وغيرها من المشروعات العملاقة فى البنية الأساسية والتطوير التقنى والإدارى ورفع الكفاءة الإنتاجية وتبادل الخبرات وتعزيز التجارة البينية، كل تلك المشروعات وضعتها مصر فى صدر أولوياتها، وكانت تتوقع أن تكون دولة مهمة بحجم إثيوبيا شريكا ومستفيدا من النهضة الإفريقية الشاملة وليس النظر إلى المصلحة الضيقة المتعلقة بفترة ملء خزان سد النهضة، وألا تجعل من تلك القضية مجالا للمزايدات الانتخابية والشحن الشعبى ضد مصر، وكأننا ضد تنمية إثيوبيا أو عدم إنتاجها الكهرباء من المياه المتدفقة من الهضبة الإثيوبية إلى النيل الأزرق الذى تأتى منه معظم مياه نهر النيل، فهذا ليس صحيحا، فالشعب المصرى وقيادته يتمنون الخير لإثيوبيا. وأعربت القيادة المصرية عن مساعدة إثيوبيا فى الاستفادة من الموارد وتعظيمها كى تعود بالخير على الجميع.كانت تلك الروح التى ميزت الدبلوماسية المصرية طوال السنوات الأخيرة، وأكدتها مرارا بالقول والفعل، وكان يمكنها أن تعرقل بناء السد عبر اللجوء إلى مجلس الأمن والمحاكم الدولية أو أى طرق أخرى. لكنها رأت أن الحل الودى يؤدى إلى علاقات جيدة وطيبة تعود بالخير على الجميع. لكن إذا انحرف المسار الإثيوبى وتراجع عما تم الاتفاق عليه وآخره الاتفاق الذى جرى برعاية أمريكية، فهذا سيكون له شأن آخر وأدوات أخرى بعد أن تستنفد القيادة المصرية كل الأدوات التى تحفظ الود والعلاقات الطيبة. وفى حالة إصرار القيادة الإثيوبية على تجاهل المصالح المصرية وحقوق شعبها، وتتعدى على شريان الحياة فى مصر، فهذا ما لا يمكن السكوت عليه أبدا، وهو ما تمت مناقشته، ووضع كل السيناريوهات المتوقعة وكيفية التصرف وفق كل سيناريو. ومازالت مصر تأمل أن يتغلب صوت العقل والحكمة على تصريحات وسلوكيات الطرف الإثيوبى، وأن يقابل حسن النية والرغبة المصرية فى الحفاظ على العلاقة الطيبة بالتقدير المناسب. وهذا ما يجرى اختباره من خلال الوسيط الأمريكى الذى اعتبر عدم حضور الوفد الإثيوبى للتوقيع على ما تم الاتفاق عليه إساءة له ولكل الأطراف. وعلى القيادة الإثيوبية أن تسرع لتصلح أو تخفف من الخطأ الكبير الذى ارتكبته، وأن تثبت بالفعل وليس بالقول حسن نيتها، وأن تتراجع عن ذلك النهج المسيء الذى لا يمكن أن يؤدى إلى طريق التنمية والتقدم والسلام لشعوب المنطقة وأن تدرك المخاطر التى تنجم عن الاستمرار فى مثل هذا السلوك فى الوقت المناسب، وألا تراهن على الوقت لأن نفاد الوقت والصبر ليس فى مصلحتها ولا يمكن أن يؤدى إلا لهدر الموارد والسير فى طريق خطير لا يجر إلا الويلات والآلام والدمار الذى يجب أن نتجنبه جميعا، لبناء علاقات تقوم على مبدأ المنفعة المتبادلة والتعاون وحب الخير والتقدم والتنمية للجميع، على أسس من الاحترام المتبادل والرقى الإنسانى والحضارى، واحترام حقوق الآخرين.
مشاركة :