محللون: انتهاء تحالف «أوبك +» يهدد بإغراق الأسواق بالمعروض النفطي

  • 3/8/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حذر محللون نفطيون من إغراق الأسواق العالمية بالمعروض بعد أن أخفق تحالف "أوبك+" في الاتفاق على تعميق التخفيضات خلال اجتماعات فيينا. فبعد أربعة أعوام من العمل المضني المشترك لتحالف "أوبك+"، لم تسفر الاجتماعات الدولية في منظمة أوبك عن تقريب وجهات النظر بين الدول المنتجة في المنظمة والمستقلين بقيادة روسيا، وخرج المنتجون دون اتفاق على خفض جديد للإنتاج، بل على العكس أعلنوا عن عودتهم إلى مستويات الإنتاج الطبيعية، ما يعني إغراق الأسواق بمعروض وفير من الإمدادات النفطية في مقابل ضعف الطلب، وهو ما ترجم على الفور إلى تهاو سريع في الأسعار، حيث أغلق خام برنت على أعنف خسارة في 11 عاما. وكان المنتجون في منظمة أوبك يتأهبون إلى تمرير اتفاق جديد يقضي بتعميق خفض الإنتاج بنحو 1.5 مليون برميل يوميا إضافية، على أن تتحمل دول "أوبك" بمفردها مليون برميل يوميا، على أن يتحمل المستقلون 500 ألف برميل يوميا، لكن روسيا حالت دون إتمام الصفقة بعد رفض الخفض الجديد معلنة خروجها تماما من اتفاق خفض الإنتاج الذي ينتهي الشهر الجاري، وهو ما كان قد ألمح إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل بدء الاجتماعات بالإعلان عن رضاه عن مستوى الأسعار الحالي للنفط، رافضا إجراء تخفيضات جديدة. وردا على الموقف الروسي، ألغت دول "أوبك" جميع القيود على إنتاجها وهو ما هوى بخام برنت على أساس أسبوعي بنحو 9.4 في المائة، والخام الأمريكي 10.1 في المائة فيما عدّت الأوساط النفطية الدولية الموقف الجديد للمنتجين بداية لعودة التنافس الشرس على الحصص السوقية خاصة مع تقلص الطلب وضعف الاقتصاد الصيني بشكل رئيس نتيجة سرعة انتشار فيروس كورونا. وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، "إن ما حدث خلال الاجتماعات الوزارية لـ"أوبك+" تحول كبير فى مسار التعاون بين المنتجين، حيث قاومت روسيا لأول مرة الدعوة إلى إجراء تخفيضات أكبر في الإنتاج ما أدى إلى خروج اجتماع المنتجين دون نتائج وهو ما تسبب في تراجع الأسعار بشكل حاد وغير مسبوق". وأشار كروج، إلى أن التخلي التام عن تخفيضات الإنتاج هو بمنزلة صدمة غير مسبوقة للأسواق، وقد حاولت "أوبك" عبر مسيرتها الطويلة تجنيب السوق الصدمات المفاجئة، ولذا فقد نجد توابع مؤثرة بشكل كبير في السوق فى الفترة المقبلة، ما لم يسارع منتجو "أوبك" إلى إقرار تخفيضات مؤثرة من جانبهم تخفف من الضغوط الهبوطية على الأسعار. من ناحيتها، توضح لـ"الاقتصادية"، أرفي ناهار المختصة في شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدر شيب" الدولية، أن السوق مثقلة بالفعل بأعباء جسيمة جراء انتشار فيروس كورونا ما تسبب في ضعف الطلب العالمي، ولم تكن السوق بحاجة إلى أعباء جديدة ناجمة عن خلاف المنتجين، مشيرة إلى أن تهاوي الأسعار إلى أدنى مستوى في 11 عاما ليس في مصلحة أحد، وهو ضربة موجعة للاقتصاد العالمي. ونوهت بعودة شبح التنافس الواسع في السوق بين المنتجين حول الحصص السوقية، وقد يكون السمة المهيمنة في الفترة المقبلة، مشيرة إلى أن حالة القلق صارت سمة الأسواق، موضحة أن توقعات الطلب آخذة في الانخفاض بشكل مستمر، في ظل هبوط سعر خام برنت بأكثر من 20 في المائة منذ بداية العام. من جهة أخرى، ذكرت وكالة بلاتس الدولية للمعلومات النفطية أن انهيار مفاوضات تحالف منتجي "أوبك+" لخفض الإنتاج كانت مفاجأة غير سارة للأسواق النفطية، خاصة أن دول "أوبك" كانت تستعد لإجراء خفض بشكل أعمق تفاعلا مع تراجع الطلب النفطي الناجم عن انتشار فيروس كورونا المستجد، مشيرة إلى أن الوضع الجديد للسوق قد يدفع أسعار النفط إلى ما دون 40 دولارا للبرميل. وقال تقرير حديث للوكالة الدولية، "إن تراجع الأسعار المتوقع سيتسبب بدوره في انخفاض إنتاج النفط الصخري الأمريكي في وقت لاحق من هذا العام، وهو الإنتاج الذي يقود وفرة المعروض حاليا في الأسواق العالمية". وأشار إلى أن "أوبك" كانت قد أوصت بتمديد خفض الإنتاج الحالي البالغ 1.7 مليون برميل يوميا حتى نهاية عام 2020، مع خفض إضافي قدره 1.5 مليون برميل يوميا حتي نهاية حزيران (يونيو) المقبل، ومع ذلك رفضت روسيا الموافقة على الاقتراح، ما تسبب في انخفاض العقود الآجلة للنفط بنسبة 10 في المائة في يوم واحد. ونوه تقرير الوكالة بأن منتجي النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة، الذين سجلوا نموا واسعا في الإنتاج النفطي على مدى الأعوام الأخيرة، بدأوا في تسجيل تباطؤ في الأشهر القليلة الماضية وقد ينتهي بهم الأمر إلى تقليص النشاط أكثر من المتوقع نتيجة لتعثر استمرارية تعاون تحالف "أوبك+". وأشار إلى أن الأسعار قد تتحرك في نطاق تداول يراوح بين 35 دولارا إلى 45 دولارا للبرميل ما لم تقرر "أوبك" بمفردها إجراء تخفيضات جديدة لفترة ما بعد نهاية الشهر الجاري، متوقعا أنه بحلول منتصف العام الجاري سيبدأ الإنتاج الأمريكي في الانخفاض مرة أخرى تماما كما رأينا بعد انهيار أسعار النفط في عام 2016، حينما انخفض كل من خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط لفترة وجيزة إلى أقل من 30 دولارا للبرميل بسبب حالة الإنتاج الزائد وتخمة المعروض. ورجح التقرير أن يتضرر بشكل رئيس منتجو النفط الصخري الصغار في الولايات المتحدة على نحو واسع، حيث إن ميزانيات رؤوس أموالهم متوترة ولديهم قدرة أقل على الحصول على التمويل في سوق إقراض ضيقة حاليا. ولفت إلى تسبب أسعار النفط التي انخفضت أواخر عام 2014 إلى نحو 50 دولارا للبرميل في تراجع نشاط النفط الصخري الزيتي في العام التالي، لكنه عاد وسجل مستويات قياسية عند 5.6 مليون برميل يوميا في النصف الأول من عام 2015 - وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية - منوها بتسجيل إنتاج النفط الصخري حاليا نحو 9.1 مليون برميل يوميا. وتوقع التقرير استمرار انكماش الطلب العالمي وانخفاض إنتاج الولايات المتحدة من الخام إلى 9.75 مليون برميل يوميا في عام 2020 من مستوى حالي يبلغ 12.95 مليون برميل يوميا. ونوه بأن النفط غير التقليدي المرتفع التكلفة سيكون أول ما يتأثر إذا انخفضت الأسعار إلى أقل من 50 دولارا لفترة ممتدة من الوقت، وهو الأمر المرجح حاليا في ضوء الموقف الروسي الذي نسف أي فرصة لاستمرارية اتفاق خفض الإنتاج. وعدّ التقرير أنه إذا استمر السيناريو الحالي المتمثل في انخفاض أسعار النفط فإن منتجي النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة يمكنهم تقليص ميزانيات رأس المال مرة أخرى بناء على تخفيضات النشاط المتوقعة بالفعل على غرار ما يحدث هذا العام. من ناحية أخرى، وفيما يخص تداولات ختام الأسبوع الماضي، تهاوت أسعار خام برنت مسجلا أكبر خسارة يومية في أكثر من 11 عاما، بعد أن رفضت روسيا مقترح "أوبك" بتنفيذ تخفيضات كبيرة لإنتاج النفط لتحقيق استقرار الأسعار المتضررة بفعل التبعات الاقتصادية لفيروس كورونا، وردت "أوبك" بإلغاء القيود على إنتاجها. وجرى تداول ما يزيد على مليون عقد للخام الأمريكي خلال الجلسة، في الوقت الذي تحول فيه اتفاق استمر لثلاثة أعوام بين "أوبك" وروسيا إلى اختلاف. وبحسب "رويترز"، سجلت العقود الآجلة لخام برنت أكبر انخفاض يومي بالنسبة المئوية منذ كانون الأول (ديسمبر) 2008، لتنخفض 4.72 دولار أو 9.4 في المائة وتبلغ عند التسوية 45.27 دولار للبرميل، وهذا أدنى مستوى إغلاق لبرنت منذ حزيران (يونيو) 2017. وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 4.62 دولار أو 10.1 في المائة إلى 41.28 دولار للبرميل وهو أقل مستوى إغلاق منذ آب (أغسطس) 2016 وأكبر خسارة يومية بالنسبة المئوية منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014. وجرى تداول ما يزيد على 4.58 مليون عقد للخام الأمريكي لشهر أقرب استحقاق هذا الأسبوع، وهو أكثر الأسابيع كثافة لحجم تداولات ذلك العقد على الإطلاق. وانخفض برنت وغرب تكساس ما يزيد على 30 في المائة منذ بداية العام الجاري، وتجاوز عدد المصابين بفيروس كورونا في أنحاء العالم مائة ألف مع وصول التفشي إلى مزيد من الدول وتصاعد حدة الأضرار الاقتصادية، وبدأت أحياء الأعمال تخلو وتراجعت أسواق الأسهم. وتتخوف الأسواق من شبح انهيار أسعار النفط في 2014، حين تنافس المنتجون على الحصص السوقية مع شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة التي لم يسبق لها مطلقا المشاركة في اتفاقات الحد من الإنتاج. وطالبت "أوبك" بخفض إضافي 1.5 مليون برميل يوميا حتى نهاية 2020، وكانت تتوقع أن يسهم المنتجون المستقلون بواقع 500 ألف برميل يوميا من إجمالي الخفض الإضافي، وكان هذا سيعني للاتفاق الجديد أن تخفيضات إنتاج "أوبك" ستبلغ إجمالا 3.6 مليون برميل يوميا أو ما يعادل نحو 3.6 في المائة من الإمدادات العالمية. وقال محللون لدى "إيه.بي.إن أمرو" في تقرير "اعتبارا من أول أبريل مسموح لجميع منتجي النفط الإنتاج بقدر ما يرغبون"، وخفض البنك الهولندي توقعاته لسعر خام برنت لعام 2020 بنسبة 15.5 في المائة إلى 49 دولارا للبرميل من توقع سابق عند 58 دولارا. وألمح محمد باركيندو أمين عام "أوبك" إلى أنه سيكون هناك مزيد من الاجتماعات غير الرسمية بشأن التخفيضات المقترحة في الأسابيع المقبلة. ورفعت شركات الطاقة الأمريكية عدد الحفارات النفطية العاملة للأسبوع الرابع في خمسة أسابيع، على الرغم من أن شركة إكسون موبيل تعتزم الانضمام إلى منتجين آخرين بتقليص عمليات الحفر الجديدة هذا العام. وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقريرها الذي يحظى بمتابعة وثيقة، "إن شركات الطاقة أضافت أربعة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في السادس من مارس، ليصل إجمالي عدد الحفارات العاملة إلى 682 حفارا وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر". ويمثل هذا انخفاضا بنسبة 18 في المائة مقارنة بالأسبوع ذاته قبل عام، حين كان عدد الحفارات العاملة 834 حفارا. وقالت "إكسون" - التي يقول محللون إنها تشغل معظم حفارات النفط الأمريكية - "إنها ستخفض نحو 20 في المائة من 58 حفارا تقوم بتشغيلها في الحوض البرمي هذا العام، الواقع غرب تكساس وشرق نيو مكسيكو، وهو أكبر حوض للنفط الصخري في البلاد". وفي 2019، تراجع عدد الحفارات النفطية، وهو مؤشر مبكر للإنتاج في المستقبل، بواقع 208 حفارات في المتوسط، بعد أن ارتفع بمقدار 138 في 2018 مع قيام شركات التنقيب والإنتاج المستقلة بخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة، مع سعى المساهمين إلى عوائد مالية أفضل في ظل وضع تنخفض فيه أسعار الطاقة.

مشاركة :