كم من آمال وأهداف وطموحات رسمناها لأنفسنا وسعينا من أجل تحقيقها ولكن لم نحققها أو أخفقنا فى تنفيذها، كم تألمنا من عدم النجاح والفشل المتكرر في مواقف متعددة أو متتالية، وعدم القدرة على فعل ما نريد، كأن مثلا نبحث عن عمل ولا نجد ما يناسبنا، أو نحبط نتيجة عدم التوصل لحلول للمشكلات التي نواجهها نحن ومجتمعنا، بالإضافة إلى تعرضنا لظروف أقل ما يمكن أن توصف بأنها سيئة أو محبطة.في هذه اللحظة تسيطر علينا مشاعر الإحباط واليأس ويختفى بريق الأمل والطموح فى أعيننا ونصاب بالضعف والوهن النفسى فى مواجهة ذلك الشعور البغيض. وليس نحن فقط كأفراد من نصاب بالإحباط واليأس، بل أحيانًا شعوب بأكملها تصل لحالة الإحباط فخروجها من مأزق ودخولها في مأزق آخر وسوء الأحوال الاقتصادية والاجتماعية وعدم شعور الفرد بما يحدث حوله أو يسمعه من إنجازات وتقدم لا يعود عليه بأى نفع مادي أو اجتماعى أو معنوى، وكذلك عدم إيجاد حلول لمشاكله اليومية، وعدم استطاعته مواجهة المعوقات التى تجعله يعيش حياة اجتماعية سليمة ينعم فيها بأمان وسلام ورخاء وصحة وتعليم ووظائف مناسبة، كذلك ما يلاقيه الفرد فى المجتمعات المختلفة من الطبقية والعنصرية والتميز يتسبب كل ذلك في توليد مشاعر الإحباط واللاأمل .إحساس الإحباط واليأس يعتبر مرض العصر وما يحدث اليوم في عالم الواقع من خلافات ونزاعات عربية وأخبار يومية مؤلمة والتي لا يُعرف منتهاها وأوباء وأمراض منتشرة وفيروس رغم صغره إلا إنه يهدد ويرعب العالم أجمع يثير الكثير من مشاعر الحيرة والإحباط وفقدان الأمل، وكأن باب الأمل بات مغلقًا، وأن ما بُني في سنوات كثيرة قد يهدم في لحظات أو أيام قليلة. ولكن هذا الشعور القاتم يهلك حياة الانسان ويصيبه بأمراض عديدة إن لم تكن نفسية تكون عضوية إذا ترك نفسه وتمادى فى الشعور بذلك . وهنا يأتى إلينا النور من الله فى آياته الكريمة التى تنهانا عن الإحباط واليأس قال تعالى :(وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )وكذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم نهى الأمة نهيًا عظيمًا عن الوقوع في مرض الإحباط، وحذرها تحذيرًا كبيرًا من اليأس والقنوط، وفتح لها أبواب الرجاء والأمل، وبشرها بكثير من المبشرات والخيرات ، فكيف ينهانا الله ورسوله عن الانسياق لذلك الشعور ونشعر به ونفقد الامل فى الله ، نحن نعلم أن الطريق ليس خاليًا من المكدرات والمنغصات والمصاعب، فلا نيأس منها إذا واجهتنا، بل على كل منا أن ينتزع المنح من وسط المحن، ويأتي بالأفكار والحلول من داخل المشاكل والمصاعب، ويستثمر الموجود ليصنع منه المستحيل، ويصر على تحدي الصعاب، ولا يستمع لكلام المحبطين وأقوال المرجفين، وليطرد اليأس والإحباط، فإن العباقرة والكبار لم يخلقوا كبارًا، ولم يصلوا إلى الدرجات العالية في لحظة، وإنما هي تجارب ومصاعب، وحركة مستمرة، ونشاط متواصل، وتقويم مستمر، وفشل يعقبه نجاح، وعسر يتبعه يسر.أي فشل نمر به ، علينا أن نتعلم منه مواقف جديدة للنجاح والتقدم نحو الأمام وتجاوز الواقع ، فلا ترتكب الأخطاء نفسها، ولا ندع الزمان يكرر نفسه، بل نبحث عن حلول جديدة تعينا في واقع حياتنا، وفي تحسين ظروف مجتمعنا.. فالناجح يرى من كل عقبة فرصة للتعلم والتقدم والنجاح .إن الله خلق لنا الدنيا بما فيها من حياة وسخر لنا فيها كل السبل وكل وسائل العيش وأمدنا بروح منه وأمل جديد مع كل يوم تشرق فيه الشمس علينا أن نتيقن بأن الغد أفضل بإذن الله وعلينا ان لا نمل ولا نجعل لليأس مكان فى قلوبنا ، حينما تشعر بالإحباط فقط تحدث مع من تحب، ومن يحب لك الخير ومن يدفعك للأمام، فلا تجلس مع المحبطين والمهبطين للعزائم والمدمرين الذين لا يرجون لك الخير، حتى إن كنت تحسبهم من أعز أصدقائك أو أقربائك وعليك بالجد والتعب والإصرار لتقف على أرض خصبة من جديد وعلينا ان نتمسك بقوله تعالى (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللّه) .. و"مازال فيه أمل" .
مشاركة :