..“اَللّـهُمَّ اِنّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء“جاء في الخبر: فما مفهوم هذه الرحمة عندنا؟ هل للجنة والنار وبئس القرار؟ أم للتصرف والسلوك ونجوى الفلوك؟ دع عنك كلامي، والتفت إلى مآسي الأخبار، وتدني الأسفار لاتخاذ القرار.. فتلك تُودع زوجها صبيحة كل يومٍ بحُبٍ وشوقٍ، لتُصيبه نائبة غربان القدر بأجنحة المنون المحتوم بتوقيت الضُحى بالغرق في أداء عمله، وهي في انشغالٍ تامٍ، ومرام عامٍ لشؤون البيت والعيال! وما إن يستقر الوقت بها للراحة، إلا ويُجلجل هاتفها النقال برنين الرسائل، ودموع النوازل، في مجاميع أخبار البلدة: (فلان الفلاني)، والد كلٍ من محمد وخالد وحسن وماجد مات! هذا من واقع الحقيقة، وأزيد على ذلك بتواتر الروايات، وعلم الرجال قبل عدة سنوات كانت الأُمٍ فرحة مسرورة لوظيفة ولدها الجديدة، وكما هي العادة الكل ينتمي لأخبار بلدته، ومدينته، وقريته.. إلا وتُصعق بخبر موت ولدها الوحيد واليتيم يوم الأمس لمشقتها في تربيته، وعفتها في رعايته بعد سويعاتٍ من وداعه بالتقبيل، ودعاء الأُمهات المتعاهد عيله فيما بيننا! نعم، يُصاب جاري المعروف بوعكةٍ صحية، وتُسعفه سيارة الإسعاف لأقرب مشفى لبيته.. ولم يُمهله أجله ساعة، إلا ويفارق الدنيا وملذاتها.. الغريب في أمر ذلك الوجع، أن نتناقل خبر موته كالبرق، وكأنها بهجة مغمورة، ستفرح البعيد والقريب.. على الرغم من دخوله غرفة الانعاش بساعةٍ مُتأخرةٍ.. ليُشاع حينها السبق بخبر موته تمام الساعة الثانية فجراً (بالبشارة البشارة يا قوم).. (ويُزاد على ذلك بأن يتم الاتصال على أهله للتأكد من موته)!! فمن سرب هذا الإشعار المُفجع؛ وما وقعه على أُسرته وعزوته ومحلته؛ فهل تم تمهيد هذا النبأ لهم؛ أم أن زوبعة التصوير وكتابة التقرير أولى بالاتباع بين الإشاعة والإثبات؟!! هذا بخلاف تصرُّفاتنا القاصرة ساعة الحُزن نتفنن بالتصوير، والتقاط الدموع، وتوثيق الآهات على حافة اللحد وأطراف الكفن، وعناق الوداع بكل المقاسات (والبنرات) والصرخات!! وساعة العرس والولائم، نختلق من (علبة عصير السن توب).. مواطن/ مواطئ (الشره، والزعل، والتجييش، والتعبئة المُبطنة، والتبعية العمياء بأفواه المصالح والتطبيل)!! ختاماً: من الجميل توثيق سويعات البهجة ومعاني المودة.. فهل أقبل، وترضى، وتُوافقون على حُزني (وترويعك) بالرسائل والوسائل (لموت أُمك، ووالدي، وأبنك، وجدتك لأبيك)؛ أم أننا نقبلها على السائر؛ ونمحقها على المواسر والمآسر؟ حرسكم الرحمن بعين الرعاية والتوفيق، ولا أفجعكم الإله بقريبٍ أو بعيدٍ آمين يا رب العالمين..
مشاركة :