حينما نسمع بعض النقاشات والحوارات الدائرة وفقًا لاسقاطات إعلامية، بعضها موجه وربما مؤجند باتجاه معين، نعتقد أن حربا عالمية ومجاعة وباء وموتا وخطرا محدقا يحيط بالعالم والكرة الأرضية وسكانها من كل مكان، إثر اجتياح مرض كورونا -وقانا الله وإياكم شروره-. الملاعب في أغلب الدول والاتحادات التي نعتقدها ما زالت بخير برغم التهويل والتضخيم الذي يظهر في بعض مفاصله وكأنه متعمد ومطارد للنشاطات الجمعية، ضاربًا إياها بالصميم برغم كون التجمعات تعد من أهم سمات العالم المتحضر ونشاطه الدال عليه والمتأثر به.. وقد اتخذت أغلب الحكومات والجهات المعنية في مواقع الحدث والميادين المستهدفة والمسجل فيها وجود المرض وفقًا لتقاريرهم الصحية عددًا من القرارات، التي بعضها أوقف النشاطات الرياضية كافة كما في إيطاليا.. فيما بعض الدول أخذت تقيم مبارياتها دون جمهور، وقد بدت بعض الملاعب والمدرجات خاوية إلا من بعض الأصوات المحيطة بالملعب، ما يدل على أن الجماهير لم تنصاع وربما لم تقتنع تمامًا وهي ما زالت تلاحق فرقها وتلتصق بها رغم خطر وتهديد كورونا، إذ إن بعضهم لم يلتزم بالقرارات والتوصيات الحكومية بهذا الشأن وظلوا مرابطين على تجمعاتهم ضاربين الخطر عرض الحائط تحت تأثير الوله والجنون العشقي لكرة القدم، كما حدث في مباراة فالنسيا الاسباني واتلنتا الإيطالي، إذ أخذت أصوات الجمهور تغطي حتى على صوت المعلق وهي تشاهد المباراة خارج المعلب وتتغنى وتدعم فريقها، وكأنها تعد حضورها تحديًا للمرض وإصرارًا على الوقوف مع اللعبة بكل الظروف.. مع أن الأرقام حتى الآن لم تدخل حيز الخطر الأكبر، والإحصاءات تشير الى إمكانية السيطرة، وأن الرئيس الصيني زار مدينة واهان معقل ومنشأ المرض المفترض.. كما أن منظمة الصحة العالمية عدت المرض دخل مرحلة الوباء، إلا انها أضافت إمكانية السيطرة عليه، وبرغم كل ردات الفعل والخشية والاعلام المتدفق الصاب بالتحذير الذي بلغ به الحال الى إلغاء حتى التجمعات المقدسة من قبيل الصلوات والزيارات، وغير ذلك مما يمتلك حصانة وقداسة تاريخية عصية المس.. إلا أن الجهات المعنية انصاعت للأوامر وبدأت تنفذ المطلوب كأنها خشية على الناس وتبعاته التي ما زالت تنذر بخطر.. في الجانب الرياضي عامة، والكروي خاصة الذي يهمنا هنا... يبدو أنه تأثر بصورة وأخرى بما حدث، وأن الاتحادات القارية والمحلية بدأت تتخذ قرارات تعد قاسية من قبيل توقيف النشاطات او إقامة المباريات بلا جمهور، أو إلغاء أو تأجيل بطولات مجدولة منذ سنوات، بما قد يعرقل المنظومة الكروية وأجنداتها السنوية بشكل مرعب.. ما يتطلب عقد اجتماعات تأخذ بنظر الاعتبار جميع الملفات المرتبطة ومدى تأثيراتها على المستوى الفني للعبة، فضلاً عن التأثيرات المتعلقة بالناحية الاستثمارية والاقتصادية والمالية والعقود الاحترافية والتنظيمية والإدارية التي قد تتأثر بشكل تدهوري غير مسيطر عليه إن لم تدرس الأمور بعناية وبمعية جميع الملفات المترابطة، وليست منفردة، مع تقديمنا لحماية حياة الإنسان من الخطر بصورة لا تقبل اللبس.. هنا نعتقد أن اتخاذ القرارات بالشأن الرياضي والكروي لا تتعلق بجانب الحكومة أو الجانب الفني والإداري وحدهما كل على حدة.. بل إن الضرورة تحتم تعاون الجهات المختصة والمعنية من كلا الجانبين، وتقديم مصلحة الانسان أولاً ومن ثم البحث عن مخارج علمية وتوصيات خبيرة مشبعة بالرأي والبحث والاقتراح والمعلومات، بما يضمن سلامة الجميع والحرص على المؤسسات الرياضية الكبرى من الانهيار خلال مدة وجيزة لا سمح الله إذا ما أصابها العطل والتوقف والتأجيل لمدد طويلة.. لذا فإن اللعب بلا جمهور ونقل المباريات تلفازيا يعد -مع اتخاذ الاحتياطات والاجراءات الاحترازية الصحية اللازمة- حلاً وسطًا قد نلجأ إليه.. في ظل محنة مهما قيل عنها تبقى مصدر خطر عام يجب التعاطي معه علميًا وليس ارتجاليًا أو شخصيًا أو عشوائيًا أو تهويليًا، فإن المخاطر لا تقف عند حدود صحية، بل قد تتعداها الى أبعد من ذلك، والله ولي التوفيق..
مشاركة :