القدس 11 مارس 2020 (شينخوا) يرى محللون سياسيون إسرائيليون أن حالة الجمود السياسي التي شهدتها البلاد خلال عام كامل ستستمر بعد إجراء الانتخابات الثالثة على التوالي في الثاني من مارس. ولم تسفر جولتين سابقتين من الانتخابات في أبريل وسبتمبر 2019 عن تشكيل حكومة قادرة على قيادة دولة إسرائيل بعد فشل كل من رئيس الوزراء وزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو وزعيم حزب أزرق أبيض بيني غانتس من تشكيل حكومة ائتلاف موحدة. ولم تنتج الانتخابات الأخيرة فائز واضح، حيث ما زال نتنياهو وغانتس يرفضان التحدث مع بعضهما البعض من أجل الوصول إلى اتفاق بتشكيل حكومة وحدة. وفشل نتنياهو وغانتس في الحصول على عدد المقاعد اللازمة لتشكيل حكومة والمتمثلة في 61 مقعدا من أصل 120 مؤلفة للبرلمان الإسرائيلي. وحصل نتنياهو على 36 مقعدا، مقابل 33 مقعدا لحزب أزرق أبيض، وبلغت عدد مقاعد كتلة أحزاب اليمين الذي يقوده حزب الليكود في الكنيست 58 مقعدا، في حين بلغت عدد مقاعد كتلة اليسار- وسط 55 مقعدا فقط. وتلقى الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين اليوم (الأربعاء) النتائج الرسمية لانتخابات الكنيست الإسرائيلي في دورته الـ 23 التي أجريت الأسبوع الماضي، وسط مخاوف من استمرار الجمود السياسي في البلاد. ورجح المحللون أن احتمال استمرار حالة الجمود في إسرائيل وارد جدا، خاصة مع عدم حصول أي من الكتلتين على عدد المقاعد التي تخولها تشكيل حكومة، وأن التوجه إلى انتخابات رابعة هو الخيار الأكثر احتمالا للحدوث. وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس يوناتان فريمان لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن الانتخابات أظهرت حجم الانقسام في البلاد، ليس من حيث السياسة ولكن من حيث الشخصية"، مضيفا بأن "نتنياهو وغانتس يمثلان سياسات متشابهة جداً فيما يتعلق بالسياسة في مختلف القضايا". ويعتبر غانتس سياسي مبتدئ، فهو رئيس أركان إسرائيلي سابق، ومن غير الواضح ما إذا كان يمتلك الشخصية السياسية المناسبة ليستطيع قيادة هذه الكتلة غير المتجانسة. وكانت هناك دعوات لنتنياهو وغانتس لتشكيل حكومة وحدة وبالتالي تخليص إسرائيل من الأزمة السياسة الطويلة التي تمر بها، لكن كلاهما ما زال متمسكا بمواقفه حتى هذه اللحظة. ومن جانبه، قال عساف شابيرا الباحث في معهد إسرائيل للديمقراطية لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن نتائج هذه الجولة من الانتخابات مماثلة لسابقاتها، ولم تتغير الصورة العامة بالشكل المطلوب. ومن المقرر أن تبدأ محاكمة نتنياهو (أطول رئيس وزراء حكما في إسرائيل) في ثلاث قضايا منفصلة متمثلة في الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في 17 مارس الجاري، وفي حال شكل نتنياهو حكومة قادمة سيكون أول رئيس وزراء يحاكم وهو على سدة الحكم. ووفقا للقانون الإسرائيلي فإن رئيس الوزراء غير ملزم بالاستقالة، حتى لو تم اتهامه رسميا بحيث يمكنه أن يبقى في السلطة إلى أن يصدر حكم نهائي في المحكمة العليا باعتباره مذنبا. وكان نتنياهو وغانتس عقدوا محادثات قصيرة بعد الانتخابات السابقة التي عقدت في سبتمبر 2019، إلا أن هذه المرة لا يبدو أن هناك أي أمل أو احتمال لحدوث اجتماع بين الرجلين. ولم يتسلم غانتس بعد التفويض الرسمي من الرئيس الإسرائيلي للبدء في تشكيل ائتلاف، لكنه بدأ بالفعل بالتفاوض مع حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان. وحصل حزب "إسرائيل بيتنا" على سبعة مقاعد في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، في حين حصلت القائمة العربية المشتركة برئاسة أحمد عودة على 15 مقعدا. وقال المحللون إنه يتعين على غانتس اللجوء إلى القائمة العربية المشتركة من أجل الحصول على أغلبية في الكنيست، في حين قال حزب "أزرق أبيض" بأنه لن يشترك مع القائمة المشتركة، لكن غانتس أدرك أن هذا هو الخيار الوحيد له، فقد اتخذ منعطفا وهو الأن يتفاوض معهم مما أثار استياء بعض أعضاء حزبه. ولم ينضم النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي على مدار التاريخ إلى الحكومات الإسرائيلية لأسباب أيديولوجية وطبيعة الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، حيث أن الواقع الإسرائيلي المعقد يجعل الشراكة مع الطرف العربي مسألة حساسة ومثيرة للجدل. وأشار شابيرا إلى وجود بعض الفرص لهذه الحكومة إذا وافقت الأقلية العربية على المبادئ التوجيهية للحكومة، مقابل منح الحكومة الإسرائيلية مزايا مدنية للسكان العرب، مضيفا أن هذا الأمر لن يكون سهلا في بلد مثل إسرائيل. وهناك أيضا انقسامات داخل الحزب العربي وليس من الواضح ما إذا كان جميع الأعضاء سيدعمون حكومة بقيادة غانتس، وفقا لشابيرا. وفي تطور حديث، قالت عضو الكنيست أورلي ليفي أبو كسيس من حزب العمل-جسر-ميرتس أنها لن تدعم حكومة تعتمد على القائمة المشتركة، الأمر الذي اعتبره محللون سياسيون ضربة كبيرة لغانتس في محاولته لتشكيل حكومة أقلية. وقال يائير لابيد الرجل الثاني في حزب "أزرق أبيض" لدينا اختيار بين أمرين إما حكومة أقلية أو التوجه إلى انتخابات رابعة". ومن المقرر أن يبدأ الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين يوم (الأحد) المقبل مشاوراته مع قادة الأحزاب السياسية الإسرائيلية لاختيار رئيس حزب لتفويضه بتشكيل الحكومة المقبلة. وعادة ما يقوم رئيس الدولة بمنح مرسوم التفويض لرئيس الحزب الذي حصل على أكبر عدد من المقاعد وتكون أمامه ستة أسابيع لتشكيل ائتلاف. وفي حالة فشل المرشح، فإن رئيس الدولة يكلف مرشح آخر بمهلة 28 يوما لمحاولة لتشكيل حكومة، وفي حال فشل الاثنان فسوف تتوجه إسرائيل إلى الانتخابات مرة أخرى. ومن المقرر أن يعلن ريفلين عن المرشح الذي حصل على معظم التوصيات من الأحزاب السياسية لتشكيل حكومة، وهو نفس اليوم الذي ستبدأ فيه أولى جلسات محاكمة نتنياهو. ويبتعد نتنياهو بثلاثة مقاعد عن عدد المقاعد اللازمة لتشكيل حكومة، ولكن إذا حصل غانتس على التوصيات من قبل قادة الأحزاب، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد يمنحه المحاولة الأولى لتشكيل حكومة. وقال شابيرا: "يبدو أن تشكيل حكومة وحدة بين نتنياهو وغانتس أمر مستبعد للغاية، وسيكون من الصعب للغاية تحقيق حكومة أقلية، وبالتالي فإن المسار الافتراضي هو الانتخابات الرابعة وفقًا للإجراءات وإذا فشلت محاولات تشكيل حكومة، سيتوجه الإسرائيليون تلقائيًا إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى". وتشير التقديرات في إسرائيل بأن نتنياهو بدأ بالفعل يجهز نفسه لحملة انتخابية رابعة، في حين يبدو أن الإسرائيليين أصبحوا غير مبالين بهذا الخيار على الإطلاق.
مشاركة :