«كورونا» هذا الكائن الأصغر من أن يُرى أو يُوصف، يفعل كل ما يفعله بالعالم ولا يتوقف.. صحيح أن تأثيره السلبي كبير - ونأمل ألا يكبر أكثر - لكنه في المقابل يمنحنا المزيد مما كنا بحاجة إليه في حالتنا الاعتيادية.. «كورونا» وفي غضون أقل من شهرين، أثبت كثيراً من النجاعة والشجاعة في تحفيزه العقول، وتكثيفه الأفكار، ومضاعفته الجهود، وتشديده على الحرص، ودفعه الجهات المختلفة إلى اتخاذ المزيد من التدابير الإيجابية، والأهم البحث عن حلول بديلة «الخطة باء» كما يسمونها في علم الإدارة والاستراتيجية. هذه الخطة التي لطالما كنا نتمناها نهجاً عملياً مُستداماً في أجندات العطاء الحكومي والمهني والوظيفي وحتماً التربوي.. «الخطة باء» التي نحن بصددها في الميدان التربوي لا تتجاوز مسمى «التعلّم عن بُعد»، وهذا المسمى يعرفه الجميع منذ سنوات كثيرة مضت، فهو نظام تعليمي عالمي قائم على عناصر وأركان متوافقة، تؤدي مهمة علمية محددة، لها اشتراطات معينة ومؤشرات ونتائج متوقعة.. فأين نحن من كل هذه العناصر؟! بالنظر إلى واقع دولة الإمارات الريادي في مجالات تنموية لا حصر لها، يُفترض أن مدارسنا اليوم أكثر قابلية لتحقيق «التعلم عن بُعد»، وأفضل استعداداً لمواصلة هذه الفكرة المعرفية، واستدامتها في أوقات خارج دائرة الأزمات.. لكن هل الواقع التربوي لدينا يحاكي هذه الصورة النمطية الريادية لدولتنا الطموحة، لاسيما وأننا في عصر باتت فيه التقنية والذكاء الاصطناعي والابتكار هي المحددات الأولى في تقييم تنافسية الدول؟! وهل بيئاتنا التعليمية و«المدرسة الإماراتية» تحديداً؛ تأخذ بعين الاعتبار مخرجات معرفية تَرقَى إلى ما بعد بلوغ دولة الإمارات حدود الفضاء، في ظل وجود ثلاث وزارات لم تعرفها الحكومات من قبل، هي: وزارة اللامستحيل، ووزارة الذكاء الاصطناعي، ووزارة العلوم المتقدمة؟! ما من شك أن العملية التعليمية اليوم لم تعد مرتبطة بالقوالب التقليدية (معلم، طالب، كتاب، سبورة)، وإنما تتخطّى هذه الأركان إلى فضاء أكثر اتساعاً، فمن الممكن تطبيق فكرة «التعلم عن بُعد»، وقياس أثرها بالعديد من الأدوات التقييمية المناسبة، لتحقيق نتائج أسرع وأفضل وأشمل على مستوى مدارسنا.. ذلك وارد في حال كان بإمكان مؤسساتنا التربوية توفير المضمون المعرفي أو على الأقل محفزات البحث عن هذا المضمون، وآليات المواصلة والإبحار في فضاء المعرفة المفتوح، ومن ثم ضبط ورصد ومتابعة إنجاز الطلبة وفقاً لمُحددات وضوابط ومؤشرات أداء ونتائج تُقاس بأساليب مبتكرة، فهل نحن قادرون على كل هذا؟! سؤال لا يجيب عنه سوى المعلم. - العملية التعليمية اليوم لم تعد مرتبطة بالقوالب التقليدية (معلم، طالب، كتاب، سبورة). خبيرة تربويةShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :