يَظنُّ البَعض أنَّ القِرَاءة -في كُلِّ حَالَاتها- هي نَوعٌ مِن التّرف أو التّسلية، أو -في أَحْسَن حَالَاتها- هي نَوعٌ مِن التَّثقُّف واكتسَاب المَعرفة.. ولَكن الدِّراسات أشَارت -مُؤخَّراً- إلَى فَائدة جَديدة مِن فوَائد القِرَاءة، مِن خِلال مَا يُسمّى بـ»العِلَاج بالقِرَاءة»، أو «الببليوثيرابيا Bibliotherapy»..! إنَّ هَذا المَفهوم-وأعنِي بِهِ العِلَاج بالقِرَاءة- وَاضِح، ولَكنّه يَخفَى عَلى الكَثيرين، وأوّل مَا يَخطر عَلى الذِّهن حِين الحَديث عَن العِلَاج بالقِرَاءة، هو العِلَاج بالقُرآن الكَريم، حَيثُ قَال -جَلّ وعَزّ-: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ).. وهَذا ثَابت لَدَى كُلّ مُسلم، ولَكن دَعونا نُكبّر الدَّائِرة في مَفهوم العِلَاج بالقِرَاءة، لنَكتب حَولها مَا يُمكن أنْ يُفيد كُلّ قَارئ وقَارِئة..! يَقول الأستاذ «إبراهيم اليحيى» في كِتَابه «مَنهجيّة القِرَاءة الحُرّة لصنَاعة المُثقف»: (مُعالجة المَريض بمَرض عَقلي أو بَدني؛ بَعد التَّشخيص السّريري «الإكلينيكي»، مِن خِلال وَصف كُتب يَقرؤها، يُسمّى «عِلم» العِلَاج بالقِرَاءة، أمَّا بالتَّوصيّات والمُقترحات مِن خِلال التَّجربَة الذَّاتيّة فيُسمّى «فَنّ» العِلَاج بالقِرَاءة.. والعِلَاج بالقرَاءة هو مَزيج بَين النَّوعين. أمَّا المَهَارَات التي يَجب تَوافرها في مَن يَتعامل مَع العِلَاج بالقِرَاءة كَفَنّ فهي: 1- مَعرفة وَاسِعة ودَقيقة بالنَّاس، وفَهْم لطَبيعة السّلوك البَشري. 2- مَعرفة وَاسِعة بالكُتب. 3- التَّعاطُف مَع الاحتيَاجَات والظّروف الإنسَانيّة. بَعد هَذا أَقول: إنَّني عَلى المُستوَى الشَّخصي؛ مَارستُ العِلَاج بالقِرَاءة مُنذ زَمنٍ طَويل، وأتذكَّر أنَّني في المَرحلة الثَّانوية أُصبتُ بعَاصفة حُزن، نَتيجة لأشيَاء خَسرتها، وإخفَاقَات لَازمتني، فانطَلقتُ إلَى كِتَاب «دَع القَلق وابدَأ الحيَاة»، وأَخذتُ أتّبع مَا جَاء فِيهِ مِن تَعليمات لمُحَاربة القَلَق؛ عَبر وسَائل وقائيّة ذَكَرها المُؤلّف في فصُول ذَلك الكِتَاب.. ومَا هي إلَّا أيَّام، حتَّى أَصبَحتُ مُبرمَجاً عَلى تَجاوز تِلك الأيَّام الحَزينَة، وكُلُّ حُزن يَمرّ بِي حتَّى الآن..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ أُؤكِّد عَلَى أنَّ القِرَاءة عِلاجٌ فَعّال لأكثَر الأمرَاض، وبالذَّات مَرض الانطوَاء والعُزلة، والانكسَارَات النَّفسيّة، وقَد أَردتُ تَوثيق هَذه النَّظريّة ببَيتٍ مِن الشِّعر يَقول: يَا مَنْ تُعِانِي مِنَ الآلاَمِ، عَالِجْهَا بِصَفْحَةٍ مِنْ كِتَابٍ رَائِعِ المِنَحِ!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :