تقاليد الإماراتيين راسخة في الخمسين.. «السنع» يحرس الأخلاق

  • 3/17/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

التحرير: أشرف جبريل الإشراف العام: راشد الزعابي, ناصر الجابري الإخراج: وائل عبدالمجيد يعتبرها الأجداد صمام أمان يحمي أجيال المستقبل. ويستمد منها الشباب خبرات لمواجهة تحديات الخمسين عاما القادمة. وترى فيها الدولة مكونا أساسيا من مكونات الهوية الوطنية. إنها العادات والتقاليد الإماراتية التي تتناقلها الأجيال بفخر مستمد من تفردها وخصوصيتها، واهتمام نابع من قدرتها على رسم صورة ناصعة للإمارات في عيون العالم. عادات يتشربها الصغار وهم يراقبون سلوك الأجداد في البيت والشارع والسوق، وتقاليد تترسخ في نفوس الفتيات وهن يتابعن حكايات الجدات، وشخصيات تتشكل في المتاحف والمراكز الثقافية والفعاليات التراثية، والنتيجة إنسان إماراتي واع منتم، يستند إلى ماض مجيد، فتلهمه مآثر أسلافه للابداع في المستقبل. قيم الأجداد تحصن الأحفاد القيم والعادات والتقاليد، 3 عناصر أساسية يعتبرها الخبراء الآليات الفاعلة والناجعة لتنشئة جيل واع بمسؤولياته وواجباته تجاه وطنه وأسرته ومجتمعه، جيل يستند إلى قاعدة صلدة قوية لا تهتز أمام العولمة ولا تتأثر بتعدد الثقافات، ولكن كيف يمكن ترسيخ هذه القيم وربط الأجيال بها خلال السنوات القادمة. تقول الكاتبة والأديبة نجيبة الرفاعي: لا يمكن اختزال التقاليد في نوعية طعام أو شكل لباس، فالتقاليد مجموعة القيم الثابتة والأصيلة تشمل الكرم والتعاون وإغاثة الملهوف والحرص على حقوق الجار وصلة الأرحام واحترام الكبير، ويجب أن تكون هذه القيم واضحة في نفوس الأفراد، وأن يكون التمسك بها نابعاً من قناعة راسخة بأهميتها وبأنها جزء ديننا الإسلامي، وحضارتنا العربية. وأضافت: التعايش مع العالم ليس معناه أن ننسلخ من عاداتنا وقيمنا، بل العكس، علينا أن نبين للعالم روعة قيمنا وجمالها.. وشددت على أهمية جلسات الآباء مع الأبناء لتعريفهم بعادات وتقاليد الوطن، وضرورة ممارسة تلك العادات فعليا أمام الصغار والحرص على تخصيص كل أسبوع لتعليمهم إحدى القيم، مع الاهتمام بزيارة المؤسسات التراثية، حتى يعرف الأبناء تاريخ الأجداد. وتؤكد الرفاعي أهمية المبادرة بإعادة العلاقات التي انقطعت مع الأهل والأرحام، وإعادة اجتماع العائلة الأسبوعي والرحلات الجماعية والزيارات في الأعياد بدلاً من الاكتفاء برسائل الهاتف.. وطالبت بتكثيف البرامج الإعلامية التي تتناول العادات والتقاليد والمسلسلات المحلية والمسابقات التي تجسد التراث بشرط أن يكون ذلك بأسلوب مبسط ومشوق وعصري. غرس القيم وتشير الباحثة موزة الشحي رئيس «غواشي» للتراث، إلى ضرورة مخاطبة الجيل الحالي والأجيال القادمة باللغة التي يفهمونها، ومن خلال الوسائل التكنولوجية التي باتت أساس حياتهم، ولا بد من تقديم التراث لهم في قلب عصري يناسبهم. وأضافت: الأسرة نواة المجتمع والكيان الأكثر تأثيرا في حياة الطفل، ومسؤولة عن توجيهه وتعليمه وتثقيفه وربطه بالقيم الذي تربى عليها والداه، ولا ننسى أيضاً دور الجدة، في تعليم أحفادها القيم من خلال أبسط التعاملات الاجتماعية، ثم يأتي دور المؤسسات الاجتماعية والثقافية والتعليمية، لدعم هذا الجانب ببرامج وأنشطة مؤثرة. وأشارت إلى أنها تحرص على تقديم بعض الورش والمحاضرات حول ماهية العلاقات الاجتماعية، كعلاقة الأبناء بالآباء والأجداد ومحاور التواصل وآدابها، ومفهوم السنع، وفنون تواصل الأبناء مع الضيوف عند غياب الآباء، وقد لمست عدم إلمام بعض الأبناء بهذه الآداب، نظراً لغياب دور الأسرة الممتدة التي كانت تعلم وتربي الأحفاد، والتي نحتاج العودة إليها باعتبارها صمام أمان في ظل انشغال الأسرة الصغيرة في دوامة العمل. وأوصت الشحي بتوسيع نطاق منهج التربية الوطنية ليشمل الأسس والمبادئ والقيم المجتمعية ويسعى لتفعيلها بطريقة عملية.. مع تحفيزهم الأبناء على الحوار ومنحهم الفرصة لإبداء رأيهم في كافة المواقف الحياتية. المجالس مدارس أكد شباب أن المجالس الأسرية التي تجمعهم بالاباء والأجداد مدارس حرة يتعلمون فيها القيم والاخلاق ويستمدون منها الدعم والمساندة في وجه «عولمة» طاغية، لا يصمد أمام موجاتها سوى المجتمعات التي تحتضن أبناءها وتساعدهم في الحفاظ على هويتهم وخصوصيتهم. يقول أحمد الكلباني: تعتبر «المجالس» مدارس نتعلم فيها العادات وتقاليد الأجداد، ومنها تنطلق المبادرات الخيرية والإنسانية التي تنفع المجتمع والوطن، كما نكتسب فيها الخبرة في مواجهة شؤون الحياة. وأضاف: من الضروري أن تسلط وسائل الإعلام الضوء على أهمية التجمعات الأسرية حتى يحرص الجميع عليها، وحتى تمارس دورها في التصدي للثقافات الدخيلة. ويضيف حمد الدرمكي: الأسرة صمام الأمان، واللاعب الرئيس في الحفاظ على العادات والتقاليد من خلال نقل هذه العادات إلى الأجيال الجديدة، ومهمة الآباء في وقتنا الحالي أعظم وأخطر من أي وقت مضى، فهم مسؤولون عن الحد من تأثيرات العولمة، ومضطرون إلى الموازنة بين فوائد التقنية والحفاظ على الموروث. وأضاف: المدرسة مسؤولة عن غرس الأخلاق في الطلبة منذ الصغر، والإعلام مطالب ببث أفلام ومسلسلات تناسب طبيعة العصر. وشدد خالد النعيمي، على أهمية إقامة المهرجانات التراثية لإبراز العادات والتقاليد الإماراتية، وغرس القيم الأصيلة، وتعزيز روح الانتماء لدى أبناء الوطن، مشيراً إلى ضرورة أن يعرف الجيل الجديد، كفاح أجدادنا لتسخير البيئة والتأقلم معها، ليكتسبوا الصلابة في مواجهة التحديات الحالية. الإمارات.. نسيج واحد يؤكد مدير إدارة الأنشطة بنادي تراث الإمارات سعيد علي المناعي أن العادات والتقاليد الأصيلة جزء لا يتجزأ من البيئة الإماراتية وليس غريباً على مجتمع الإمارات الذي ورث عن الآباء والأجداد القيم والتقاليد أن يتمسك على مدار تاريخه بعادات وتقاليد أصيلة تجعله دائماً متفرداً، لافتاً إلى أنه في إطار الاستعداد للخمسين سنة المقبلة، تجدر الإشارة إلى تحديات ومسؤوليات كبيرة تقع على عاتق الجيل الجديد أهمها الحفاظ على العادات والتقاليد وجعلها المحرك الرئيس للإنجاز والتفوق. وأضاف: رغم ضخامة المسؤولية لست خائفا على الجيل الجديد في ظل المد اليومي، والغذاء الروحي الذي يبثه الآباء في نفوسهم، فلا يزال الرجل إذا أراد أن يدخل بيته يقول «هود» استئذاناً، وإذ رد عليه من البيت «هدا»، فمعناه ادخل وتفضل لكون الضيوف في الداخل قد تجهزوا واستعدوا للاستقبال، وهذا ضرب من الفضائل التي يتعلمها الصغار في بيوتهم وتترسخ في نفوسهم. وأشار إلى أنه من الضروري أن يلم الأبناء بقواعد أخلاقية كثيرة، مثل كيفية التعامل في المجالس، وتعلم السنع الإماراتي الذي يعد ثقافة رفيعة ينشأ في ظلها كل إماراتي، مؤكداً أن كبار السن كنوز بشرية فهم الذين يؤصلون في عقول الصغار المفاهيم الأخلاقية والإنسانية مثل احترام الكبير وتوقيره والوفاء والصدق والكرم والتسامح وغيرها من الشيم التي نشأ عليها المجتمع الإماراتي. وأكد أهمية ترسيخ هذه القيم في نفوس الأجيال الجديدة، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب جهداً كبيراً من البيت باعتباره الحاضن الأول للأبناء، ثم المدرسة، والمؤسسات الوطنية التي تقدم دعماً علمياً وعملياً وتفاعلياً للنشء والشباب، موضحاً أن الشعب الإماراتي بفضل تسامحه يتعايش مع أبناء كل الجنسيات، ورغم تسارع التقدم وتداخل القيم والمفاهيم، ظل المجتمع الإماراتي صاحب هوية واضحة ونسيج الواحد. أضاف: لكي تظل هذه السمة هي الواجهة في المستقبل، من الضروري أن يظل النهج القيمي مترسخا في البيوت والمدارس والجامعات وفي المؤسسات الإعلامية والفضاءات المجتمعية للحفاظ على اللهجة الإماراتية والتمسك بكل ما تركه الآباء والأجداد من قيم نبيلة وتحويلها إلى سلوكيات تعكس الخلق الكريم والتكافل الإنساني واحترام الآخر والتسامح معه. 80 فعالية يعمل نادي تراث الإمارات على نشر وترسيخ التراث، وتأهيل قطاع الشباب والناشئة ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع، مدركين لخصوصية وتفرد ثقافة وتراث دولة الإمارات، وفي الوقت نفسه مواكبين لطبيعة العصر متفاعلين مع توجهاته وأدواته، وقدم النادي على مدار العام الماضي أكثر من 80 فعالية ونشاطاً جمعت أبناء الوطن على القيم الرشيدة مثل ملتقى الثريا التراثي، وملتقيات السمالية، والمهرجانات التراثية التي تعمل على ترسيخ قيم الولاء والانتماء. 200 جنسية أكدت فاطمة عبيد خبيرة التراث أن الإمارات نجحت في تحقيق التوازن بين طرفي معادلة صعبة، تتمسك بتراثها العريق وتاريخها الأصيل، في الوقت الذي تساير فيه العالم وتوظف أحدث ما أنتجه العلم لخدمة شعبها وإسعاده، ومن الطبيعي في هذه الحالة أن يفتخر الإماراتيون بتراثهم ونهضتهم وحضارتهم وتقدمهم وقدرتهم على الحفاظ على هويتهم وخصوصيتهم وهم يتفاعلون مع أبناء أكثر من 200 جنسية، يعيشون بينهم، على أرض الإمارات. متحف زايد الوطني يعد متحف زايد الوطني تحفة معمارية في قلب المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات، ويتميز بإطلالته الرائعة على مدينة أبوظبي والخليج العربي. وتتسع رسالة متحف زايد الوطني لأكثر من مجرد مكان لعرض التحف والمقتنيات إلى كونه مركزاً للتعليم يتيح لزواره التعرف على مجموعة من الفنون من الإرث الحضاري الإنساني من المنطقة العربية والعالم، مع التعريف بالتراث والعادات والتقاليد الإماراتية من خلال زاوية تتيح للضيوف الاستماع إلى سرد روائي معبر ومؤثر عن تراث الدولة. يقع متحف زايد الوطني في المنطقة الثقافية في السعديات المخصصة لإثراء الحراك الثقافي والفني والإبداعات المعمارية في القرن الـ 21.

مشاركة :