حكومة الوفاق تقر موازنة تقشفية: ماذا عن جبهات القتال

  • 3/17/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ينذر تجاهل حكومة الوفاق للغضب الشعبي من سوء إدارتها لموارد البلاد المالية وتبديدها للأموال في استجلاب المقاتلين ونجدة البنك المركزي التركي على حساب الداخل المأزوم باندلاع احتجاجات اجتماعية هدد سكان طرابلس بتفجيرها إذا ما مضت الحكومة المحاصرة في طرابلس باتباع سياسة تقشف قد تصل إلى رفع الدعم عن الوقود وهو ما تتجلى ملامحه في خفض موازنة 2020 مقارنة بـ2019. طرابلس - قال مصدر بحكومة الوفاق في طرابلس الاثنين إن الحكومة أقرت موازنة العام 2020 بإنفاق قدره 27.9 مليار دولار مقابل 33.67 مليار دولار للعام 2019 ، فيما ذكر ما يسمى بالمجلس الرئاسي على صفحته بالفيسبوك أنه تمت الموافقة على ميزانية دون ذكر أرقام أو تفاصيل. وفي وقت يعيش فيه الليبيون أوضاع اجتماعية مأزومة، تمضي حكومة الوفاق في فرض موازنة تقشفية، تثقل كاهل المواطنين، في حين تصرف الأموال في دعم جبهات القتال بالمال والسلاح والمرتزقة. ومن المتوقع أن تتصاعد الأزمة بين حكومة الوفاق وموظفي القطاع العام، بعد إقرار موازنة تقشفية تشمل تخفيضات في رواتب الموظفين وحجب المكافآت والعلاوات والتقليص في عدد موظفي القطاع العام، إلى جانب التلويح برفع الدعم عن الوقود. ولوّح وزير الاقتصاد المقرب من حزب العدالة والبناء الإخواني علي العيساوي في وقت سابق هذا العام برفع الدعم عن الوقود. وزعم العيساوي أن نظام الدعم الحالي هو تشويه للاقتصاد الوطني لوجود حوالي ما نسبته 40 في المئة يهرّب خارج الحدود. وتربط حكومة الوفاق هذه الإجراءات بتراجع العائدات المالية بفعل استمرار إيقاف ضخ وتصدير النفط من الموانئ النفطية شرق وجنوب البلاد، فيما يتم توجيه الموارد المالية للإنفاق على الحرب واستقدام المقاتلين الأجانب. وتواجه حكومة الوفاق صعوبة في التصرف في خزينة الدولة ما بين ضخ الأموال الليبية على أفراد الميليشيات المسلحة وعلى جلب المقاتلين الأجانب والأسلحة والذخائر أو دفع رواتب الموظفين. ويأتي إقرار موازنة تقشفية جديدة في ظل استمرار القبائل شرق البلاد وجنوبها في إيقاف ضخ النفط احتجاجا على ما يعتبرونه توزيعا غير عادل للثروة إضافة إلى استعمال عائدات النفط الذي ينبع من مناطق في الشرق والجنوب في تمويل المرتزقة والميليشيات الموالية للجماعات الإسلامية التي تصر على استمرار التحكم في الثروة لذلك تبذل كل ما في وسعها لمنع سيطرة الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على العاصمة طرابلس. ويعتبر إغلاق الحقول والمنشآت النفطية أخطر ضربة توجه لسلطات طرابلس منذ العام 2011، خصوصا وأنها ناتجة عن حراك شعبي تقوده القبائل المؤثرة في مواقع الإنتاج والتصدير، والتي تتهم حكومة فايز السراج والأجهزة الخاضعة لها بتبديد إيرادات النفط في استجلاب المرتزقة وتهريب السلاح وتمويل الميليشيات وأمراء الحرب في محاولتها التصدي لتقدم الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يتشكل في أغلبه من أبناء تلك القبائل. 27.9 مليار دولار نفقات الموازنة الليبية 2020 مقابل 33.67 مليار دولار للعام 2019 ويتمسك شيوخ القبائل بقرار غلق الحقول والمصارف والموانئ النفطية لحين تشكيل حكومة موحدة قادرة على حماية مقدرات الليبيين وضرورة وضع حد للعبث القائم بمؤسسات الدولة المالية، وعلى رأسها مصرف ليبيا المركزي وجهاز الاستثمارات الخارجية. وطالب شيوخ القبائل الليبية الأمم المتحدة بسحب اعترافها بما يسمى المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة، في وقت يسيطر فيه الجيش الوطني الليبي على مناطق واسعة من مدن طرابلس. وأيد الجيش الليبي على لسان المتحدث باسم عملية غلق الموانئ النفطية والحقول ومنع تصدير النفط. وأعلن اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الليبي، أن إقفال موانئ وحقول النفط “خطوة جبارة من الشعب الليبي”. وأضاف “الشعب الليبي هو الذي أقفل الموانئ النفطية والحقول ومنع تصدير النفط. نحن ما علينا إلا حماية شعبنا، حماية كل مكونات الشعب الليبي وعدم السماح لأي أحد بتهديد الشعب الليبي”. وأثّرت ورقة الضغط، المرتبطة بإنتاج النفط، التي حركتها مجموعة وازنة من القبائل في ليبيا في مجرى التعامل الدولي مع الأزمة في بلادهم. ولا يمكن ربط قرار مجلس الأمن الدولي، بضرورة وقف إطلاق النار والتوصل “في أقرب وقت ممكن” إلى حلّ يتيح إحياء العملية السياسية، فقط بمخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا، بل يمكن تنزيله أيضا في إطار جدية الحراك القبلي الشعبي. ويرى المراقبون أن إغلاق الحقول والمنشآت النفطية جاء ليلفت نظر العالم إلى أن حكومة السراج ليس لها تأثير على أكثر من 90 في المئة من مساحة البلاد، وهي غير قادرة على الإيفاء بأيّ التزامات تبرم معها، بما في ذلك العقود المتعلقة بالصناعة النفطية، عكس الحكومة المؤقتة المنبثقة عن مجلس النواب، التي تعتبر الغطاء السياسي للجيش الوطني، وتبسط نفوذها على الأغلبية الساحقة من مساحة البلاد، باستثناء بعض مدن الساحل الغربي كمصراتة وزليتن والزاوية وزوارة وأحياء من طرابلس. وأمام هذا المأزق، لم تجد حكومة الوفاق والمؤسسة الوطنية للنفط غير اتهام القيادة العامة للقوات المسلحة بالوقوف وراء الحراك الشعبي، من أجل الحصول على مكاسب سياسية، وهو ما نفته القبائل.

مشاركة :