القدس 17 مارس 2020 (شينخوا) ما زال الجمود السياسي هو سيد الموقف في إسرائيل، على الرغم من الجهود المبذولة من أجل تشكيل الحكومة القادمة، تكون قادرة على إخراج البلاد من المجهول، في ظل إرهاصات باحتمالية توجهها نحو انتخابات رابعة. وتأتي مهمة تشكيل الحكومة الملقاة على عاتق بيني غانتس رئيس حزب أزرق أبيض في وقت حساس للغاية بالنسبة لإسرائيل، خاصة مع الإجراءات المتلاحقة التي تتخذها الحكومة الإسرائيلية في محاولة للحد من تفشي انتشار فيروس كورونا (كوفيد – 19). وأغلقت العديد من القطاعات الحيوية في البلاد، الأمر الذي يجعل المواطنين الإسرائيليين متلهفين لحكومة دائمة. وتسلم غانتس أمس (الاثنين) مرسوم تفويض تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة من الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، بعد حصوله على 61 توصية من نواب الكنيست، مقابل 58 توصية لنتنياهو، وبذلك سيكون غانتس أول من يواجه تحدي تشكيل الحكومة. وسيكون أمام غانتس حوالي ستة أسابيع ( يمنح في البداية أربعة أسابيع وفي حال لم يستطع إنهاء جولات التفاوض مع الأحزاب يتم تمديد أسبوعين آخرين) من أجل تشكيل حكومة إسرائيلية. وفي حال فشل زعيم أزرق أبيض في تشكيل الحكومة المقبلة، فسيقوم ريفلين بإعطاء مهلة 28 يوما لمرشح آخر لتشكيل حكومة، وعلى الأغلب سيكون نتنياهو. وتخضع إسرائيل لحكومة تسيير أعمال منذ أكثر من عام، بعد ثلاث جولات من الانتخابات كان آخرها في الثاني من مارس الحالي، لم تسفر أي من الانتخابات عن تشكيل حكومة. ومع تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا، فإن إسرائيل قد تتجه نحو فرض حجر صحي على كافة قطاعات البلاد، في ظل عدم وجود ميزانية جديدة بسبب الفشل في تشكيل حكومة، حيث يتم توزيع الميزانية على أساس شهري دون مراعاة النمو السكاني والأزمة الأخيرة. ويعتقد محللون سياسيون إسرائيليون بأن انعدام الثقة ما بين نتنياهو وغانتس هائل جدا، حيث تعهد الأخير خلال حملته الانتخابية بعدم الجلوس في حكومة واحدة مع نتنياهو الذي يواجه أزمة قانونية تتعلق بقضايا فساد. ودعا ريفلين الرجلين للموافقة على الجلوس معا في حكومة واحدة، وفيما بعد أعلن الليكود وأزرق أبيض أنهم سيعقدون محادثات من أجل التفاوض على الشروط لتشكيل حكومة. وقال آريه إلداد، عضو الكنيست الإسرائيلي السابق "يعتقد أزرق أبيض أن أغلبية ناخبيه لن يغفروا له الجلوس والتفاوض مع نتنياهو، لكن هذا ليس هو الحال، فالجمهور الإسرائيلي يفهم الكارثة التي تواجهها البلاد وسيسمح للطرفين بالجلوس والتفاوض معا". وأشار المحللون السياسيون إلى أن فرص غانتس في تشكيل حكومة ضئيلة جدا، لأن القاسم المشترك الوحيد الذي يجمعهم هو كرههم لنتنياهو، ولكن الواضح أن مؤيدي غانتس منقسمون بشدة. وحصل غانتس على تأييد القائمة العربية المشتركة من جهة، وعلى تأييد أفيغدور ليبرمان رئيس حزب إسرائيل بيتنا من جهة أخرى. ومن غير المرجح أن يشكل غانتس حكومة بدعم القائمة المشتركة، وتقليديا لم ينضم النواب العرب في الكنيست إلى الحكومات الإسرائيلية لأسباب أيديولوجية ودعمهم للفلسطينيين. ومن جانبها، قالت جوليا إيلاد-سترينجر أستاذة علم النفس السياسي في جامعة بار إيلان "إن إسرائيل ليست مستعدة بالفعل لمثل هذه الحكومة". وسيكون تشكيل حكومة أقلية تعتمد على الدعم العربي خطوة مثيرة للجدل في إسرائيل، وصرح إلداد لوكالة أنباء ((شينخوا)) "أزرق أبيض يعرفون ذلك جيدا، وهم لا يريدون أن يدمروا نفسهم سياسيا بأيديهم". ومن جانب آخر، فإن الدعم الشعبي لنتنياهو واسع النطاق، ولم تغير الأزمة القانونية التي يمر بها من رأي مؤيديه فيه. وقالت إيلاد-سترينجر لـ ((شينخوا)) "بدون الحيلة البرلمانية لن يذهب نتنياهو إلى أي مكان"، مضيفة "الجمهور لن يسقطه، الشيء الوحيد الذي سيضع حدا لحكومته هو مثل هذه الحيل فقط". وصرحت إيلاد-سترينجر إلى أن هناك قانونا يروج له أزرق أبيض وأطراف أخرى تعارض نتنياهو يمنع بموجبه أن يتسلم أي شخص يواجه تهم قانونية منصب رئيس وزراء. ويواجه نتنياهو لائحة اتهام بالفساد في ثلاث قضايا منفصلة وهي الرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال، ولكن القانون الحالي لا يمنعه من الترشح أو حتى تولي منصب رئيس الوزراء. وتمتلك الكتلة التي تعارض نتنياهو غالبية في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، وتستطيع الآن أن تمرر القانون بسهولة بعد التصويت عليه، الأمر الذي سيؤدي إلى تغيير اللعبة والتوجه لانتخابات مستقبلية، والتي لا تزال خيارا مطروحا طالما استمر الجمود السياسي. وقالت إيلاد - سترينجر أن "الانتخابات الرابعة هو السيناريو الأكثر احتمالا". وأضافت إيلاد-سترينجر أنه يجب أن ننتظر ونرى كيف ستجري البلاد انتخابات عامة جديدة في ظل الحجر الصحي في إسرائيل بسبب الكورونا، والذي سيبقي نتنياهو في مكانه. وبينما تتصارع إسرائيل مع الآثار المحلية الناتجة عن تفشي فيروس كورونا، هناك توقعات بين الجمهور الإسرائيلي بأن السياسيين سيضعون مصالحهم جانبا من أجل الصالح العام وتشكيل حكومة وحدة واسعة. وكان نتنياهو قد قدم طلب إلى غانتس للانضمام إليه في حكومة طوارئ وطنية لمدة نصف عام بقيادته، من أجل محاربة فيروس كورونا. واقترح نتنياهو أيضا تشكيل حكومة بالتناوب بينه وبين غانتس يكون فيها نتنياهو رئيسا للوزراء في أول سنتين، ومن ثم يتقلد غانتس منصب رئيس الوزراء، في حين اعتبر أعضاء أزرق أبيض أن عرض نتنياهو "غير صادق وخدعة أخرى من نتنياهو". وفقد أغلبية المواطنين الإسرائيليين اهتمامهم بالحالة السياسية التي تمر بها البلاد، يبحثون حاليا عن حلول لمشاكلهم الحادة التي برزت في ظل تفشي أزمة كورونا، وسيبقى الأمر متروك للسياسيين في إسرائيل للتوصل إلى حل.
مشاركة :