لقد وعد الله عز وجل أمة رسوله صلى الله عليه وسلم أن لا يصيبهم جوع عام يقضى عليهم، وهذه العطية الإلهية خص بها المولى عز وجل أمة سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم استجابه لدعوته، فمن حديث امِرُ بْنُ سَعْدٍ، برواية مسلم، أن رسول الله r قال: ".. سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لاَ يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا ،.." أي: بالجَدبِ. هذا وعد الله عز وجل لأمتنا المحمدية.وقد تكفل الله تعالى لجميع خلقه بالرزق، قال تعالى: «وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»(هود:6)، «وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»(العنكبوت:60). وهذا وعد الله عز وجل لجميع خلقه.أما ما وعد الشيطان به الخلق، فهو الفقر والخوف من المستقبل والشرك بالله، قال تعالى: "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " (البقرة: 268).تلك الوعود الربانية وغيرها مما لم نذكر، ونقيضهما في وعد الشيطان؛ هما مدخلنا للشخصية المؤمنة التى قد تحتاج إلى التذكير من حين لآخر لأن صعوبة الأحداث قد تُنسى الإنسان ثوابت لابد أن تكون نصب عينيه دومًا.وبدون الدخول في التفاصيل التى تخص ذلك الإبتلاء الخفيف الذى منحه الله تعالى لنا والمسمى "كرونا" فالعالم كله على دراية بمستجدات الأمور وتفاصيلها؛ أقول قول الحق الذى ينبثق من قناعاتى: لقد اعتاد الإنسان على النعمة، وتخيل أنه مَلك زمام الأمور ولا شيئ يخرج عن نطاق العلم والقوة التى تلوح بها الدول المستبدة، وتناسى الإنسان أن الأمر كله بيد الله عز وجل، ولو كانت تلك عقيدته لما هرع إلى الشوارع يأخذ من هنا وهناك ويجمع من المؤن والأدوية كأنه يعد العتاد لحياته الآخره فيما بعد الموت. ألا يذكرها هذا المشهد بقصة صاحب الجنة من سورة الكهف إذ قال لصاحبه في قوله تعالى" فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا" أنظر ما كان وصف هذه الحالة التى لا تختلف كثيرا عن ذلك المشهد، في قوله تعالى: " قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا".تعالى عزيزى القارئ أذكرك بما هو أكبر من هذه المسرحية الهزلية التى ما هي إلا سيناريو مصغر لما بعد ذلك:ألا ترى أيها المبصر بعين البصيرة أن العالم كلة قد تم تشكيل وعيه وسلوكه فى فترة لا تتجاوز الأسبوعين؟ألا ترى أيها المبصر بعين البصيرة أن وسائل الإعلام العالمية والمحلية للدول قد أخذت مهمة لا تنفك عنها، حتى أنك لا تغير قناة إلى أخرى أو تنتقل من وسيلة إعلامية إلى أخرى إلا والجميع على نفس واحد يتحدثون عن "كورونااااااا".ألا ترى أيها المبصر بعين البصيرة أن العالم قد توجهت وجهته إلى ربته المزعومة أمريكا ورئيسها انتظارًا للعلاج أو التعليمات أو الغذاء، حتى وصل الأمر إلى الشرك البين، ففى سؤال لرئيسها: متى تنتهى كورونا؟ أجاب شهر 7 أو 8!! ونحن نسألك: ألهذه الدرجة استطعت أن تحدد متى ينتهى وباء عالمى على مستوى العالم وكأن الأمر لك من دون الله عز وجل .. قل لى أيها المبصر بعين البصيرة أين هذا المشهد العالمى من قوله تعالى: " فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (الأنعام:43).دعنى أزيدك من الشعر بيتا:هذا السيناريو الصغير هو الإعداد للدجال!! العالم تتوحد وجهته إلى جهة واحدة؛ تملك الدواء، والغذاء والمال، ويطلب القطيع حاكما واحدًا يقودهم ويوفر لهم ما فشلت حكوماتهم عن فعله، والآلة الإعلامية ستقود هذا السيناريو ببراعة متناهية، فقد تدربت عليه كثيرا حول العالم.الدجال أيها المبصر بعين البصيرة الذى كف معظم الدعاة عن ذكره إما جهلًا أو عمدًا أو مسايرة للحداثة.أنا لا يعنينى في مقالى ما ستؤول إليه الأمور فى هذا الشأن، فالأمر بيد الله، ولا يملك أحد فيه لا ناقة ولا جمل، فالعقيدة الصحيحة فى تلك الأمور هى التسليم لله عز وجل بقول "لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم" والأخذ بالأسباب ما تيسر منها، واليقين التام أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واحتساب الأمر لله عز وجل، فهنا التوحيد والإيمان.قيل للشيخ ابي مدين -رحمه الله- : يا سيدي، ما لنا نرى المشايخ يدخلون في الأسباب وانت لا تدخل فيها؟فقال: "يا أخى، أنصفونا: الدنيا دار الله، ونحن فيها ضيوفه، وقد قال عليه السلام: (الضيافة ثلاثة أيام) .. البخارى، فلنا عند الله ثلاثة أيام، وقد قال تعالى: (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) الحج ٤٧, فلنا عند الله ثلاثة آلاف سنة ضيافة، مدة إقامتنا في الدنيا منها، وهو مكمل ذلك بفضله في الدار الآخرة، وزائد على ذلك الخلود الدائم". (من كتاب:التنوير فى اسقاط التدبير .. لابن عطاء الله السكندري)أختم كلامى بتذكير نفسى وتذكيركم بقوله تعالى:" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" (البقرة:155). اللهم اجعنا من الموحدين الموقنين الصابرين واكشف عنا الضر يا أرحم الراحمين.
مشاركة :