رغم مرور عام كامل اليوم على سقوط مدينة الموصل، ثاني أكبر مدينة عراقية، على يد تنظيم داعش فإن اللجنة التحقيقية التي شكلها البرلمان العراقي للبحث في أسباب السقوط أجلت تقديم تقريرها النهائي إلى مطلع الشهر المقبل بسبب تأخر إجابة رئيس الوزراء والقائد العام السابق للقوات المسلحة نوري المالكي على أسئلة اللجنة. ADVERTISING وفيما لا تزال الشبهات تحوم بشأن مسؤولية ثلاثة من كبار جنرالات الجيش العراقي، وهم الفريق عبود كنبر معاون رئيس أركان الجيش وعلي غيدان قائد القوات البرية ومهدي الغراوي قائد عمليات نينوى، عن سقوط المدينة والتي تبعها سقوط محافظة نينوى بالكامل ومن بعدها محافظة صلاح الدين بالإضافة إلى محافظ نينوى أثيل النجيفي فإن تبادل الاتهامات بينهم وعلى مدى عام كامل لم يحرك القضاء العسكري العراقي لمقاضاة أي منهم طبقا لما أعلنه لـ«الشرق الأوسط» اللواء الركن عبد الكريم خلف المتحدث السابق باسم وزارة الداخلية. ويعزو اللواء الركن خلف السبب الكامن «خلف هذا الإهمال والصمت المريب عن هذا السقوط المدوي لنحو ثلاث محافظات عراقية في وقت قياسي إلى التركيبة الخاطئة للنظام السياسي والتي من شأنها توفير حماية للجميع بمن فيهم من ينبغي ليس إحالته على التقاعد وإنما محاسبته بإحالته إلى القضاء على الرغم من أن التوجه نحو تحميل القادة العسكريين وحدهم كامل المسؤولية أمر فيه ظلم كبير بسبب أن التركيبة العسكرية خاطئة، والأهم من ذلك أن القوات الموجودة في الموصل لحظة سقوطها لم تكن قوات عسكرية بالمعنى الاحترافي لمهمات الجيش وإنما هي قوات سياسية أو ذات تركيبة سياسية بمعنى أدق». وردًا على سؤال بشأن كيف يمكن أن تتحول قوات عسكرية مدرعة إلى قوات سياسية، قال اللواء خلف إن «قوات الموصل كانت منذ البداية قائمة على أساس خاطئ قوامه التركيبة العرقية والمذهبية، وهو أمر يمكن أن يحصل في مجالات سياسية أو اقتصادية، لكنه يتنافى بالمطلق مع الجيش الذي يجب أن يسمو على التركيبات والهويات الفرعية، بينما نجد أن نحو فرقتين عسكريتين هما من البيشمركة الكردية وهذه لا تتلقى الأوامر من القيادة المشتركة التي كان يقف على رأسها الجنرالات الثلاثة (عبود كنبر وعلي غيدان ومهدي الغراوي) وهناك فرقة تتكون من الشرطة المحلية التي تتلقى أوامرها مباشرة من محافظ نينوى أثيل النجيفي». وبشأن الدرجة التي يتحمل فيها القادة العسكريون المسؤولية، قال اللواء خلف: «إنهم بلا شك يتحملون مسؤولية كبيرة سواء لجهة قبولهم مثل هذه المهمات بينما هناك خلل واضح وهم قادة محترفون ويفترض أنهم يعرفون مثل هذه الأمور، يضاف إلى ذلك أنهم كانوا مقصرين على مستوى الأمور الاستراتيجية واللوجيستية مثل التدريب العسكري الذي لم يكن بالمستوى المطلوب وكذلك عدم تجهيز وإعداد الخطط والسيناريوهات المستقبلية وهذا يعود في جانب أساسي منه إلى الفساد المالي والإداري». وأوضح اللواء خلف أن «التقصير يمتد إلى بغداد حيث مكتب القائد العام للقوات المسلحة الذي لم تجر محاسبته وتم الاكتفاء بحله». ورأى أن «الأهم من كل ذلك هو أن القضاء العسكري لم يحرك أية دعوى ضد أي ضابط أو قائد عسكري، وهذه طامة كبرى وهو ما جعل الجميع ينتظرون نتائج لجنة تحقيق برلمانية لإصلاحيات لها وإنما تقدم توصيات فقط وهو ما يعني في النهاية تمييع القضية بالكامل». وفيما صمت الفريق الركن عبود كنبر منذ سقوط الموصل وحتى اليوم فإن كلا من محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي وقائد القوات البرية علي غيدان وقائد عمليات نينوى مهدي الغراوي تبادلوا الاتهامات بشأن مسؤولية كل واحد منهم عن سقوط المدينة. ففي تصريحات تلفازية له كشف الغراوي أنه أبلغ المالكي بشأن مسؤولية غيدان مسؤولية كبرى في سقوط الموصل بما في ذلك عدم تبليغه أمر الانسحاب الذي احتكره غيدان مع كنبر وهو ما كاد يودي بحياته، على حد قوله. لكن غيدان أكد من جانبه عدم مسؤوليته عن سقوط الموصل بسبب الوقت القصير الذي تسلم فيه مهامه هناك، كاشفا للجنة التحقيق البرلمانية أنه أوضح للمالكي مستويات الفساد في المؤسسة العسكرية دون أن يحرك المالكي ساكنًا. المالكي الذي حمى نفسه من خلال منصبه الجديد (نائب رئيس الجمهورية) اكتفى، من جهته، بإحالة كل من كنبر وغيدان على التقاعد، بينما أحال الغراوي إلى محكمة تحقيق عسكرية لم تظهر نتائجها بعد. من جهته فإن محافظ نينوى الذي أقاله البرلمان العراقي مؤخرًا أكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه لا يتحمل أية مسؤولية لأن «الشرطة الاتحادية تتلقى أوامرها مباشرة من الغراوي بوصفه قائد العمليات وبالتالي هي من تتحمل المسؤولية». وأضاف أن «الأمر الآخر المهم الذي لم يكن بيدي أيضا هو انسحاب قوات الشرطة الاتحادية من الساحل الأيمن دون قتال على الرغم من وجود قوات تملك قدرات قتالية، علما أن هذا الانسحاب كان بعلم المالكي».
مشاركة :