وسط التفاعلات المحلية والإقليمية والدولية والبحث من قبل المجتمعات والشعوب والدول عن الحلول للأزمات الراهنة ولتخفيف حدة التوترات والاضطرابات وكذالك للوصول الى حلول ترتكز الى القيم الحضارية والتاريخية والثقافية لمنطقتنا وتحقق الاستقرار والأزدهار والأمن لمجتمعاتنا ودولنا .وكذالك بعد الأحداث التي حدثت في السنين الأخيرة في المنطقة وظهور مشاريع الهيمنة والتدخلات الإقليمية والدولية في المنطقة وكذالك ظهور أدوات محلية لمشاريع الهيمنة وكذالك ظهور حركات الأسلام الساسي التي تحاول استغلال الدين و مقدسات الشعوب للوصول الى السلطة وبالإضافة الى عدم قدرة الأنظمة التي تشكلت بعد الحرب العالمية الاولى والثانية في المنطقة نتيجة تدخل الاستعمار وتقسيمه للمنطقة لتحقيق غاياته، هذه الأنظمة التي لم تستطيع بقدر المراد تمكين وتمتين الجبهة الداخلية و معالجة قضايا المكونات التي ظهرت نتيجة تلك التقسيمات مما جعل المنطقة معرضة للأزمات المختلفة وكذالك للتدخلات ولمشاريع الهيمنة. هنا يبرز الحاجة الى الحوار الداخلي بين مكونات المنطقة لعدد من اسباب منها:1_الحفاظ على النسيج المجتمعي لدولة المنطقة ومجتمعاتها وتحقيق الاستقرار السياسي والمجتمعي فيهم.2_رفع الغبن وكافة أشكال التعصب والتمييز القائمة على أساس القومية أو الأثنية أو المعتقد أو الدين الذي لحق بالمكونات نتيجة الممارسات الخاطئة.3_ تمتين الجبهة الداخلية لكل مجتمع ودولة وسد الذرائع والحجج أمام التدخلات الخارجية.4_الاستفادة من طاقات وإمكانيات أبناء المكونات المجتمعية وفتح المجال أمامهم في رفد الشعوب والادارة المختلفة بالخبرات والمعارف الذي يمتلكونها بما فيها خير لقوة المحتمعات ورفاهيها وسعادتها.5_تحقيق الأمن الداخلي وتعزيزه ومواجهة الافكار المتطرفة في المجتمعات والدول .6_ تعزيز الإنتماء للوطن الذي يحفظ كرامة وحرية كل أبنائها وبذالك يحقق ذالك الإنتماء حرص المواطن على المجتمع والوطن والذود عنه.7_تجاوز الممارسات والقوانين الأقصائية والأحادية التي تضعف الأنتماء وتخلق درجات بين المواطنيين.8_ تعزيز إعلان الأمم المتحدة الصادر بتاريخ 18_12-1992 م بشان حقوق الاشخاص المنتمين الى المكونات القومية أو إثنية أو دينية أو لغوية.9_ تحقيق تماسك وتكامل الشعوب والمجتمعات على أساس الأحترام المتبادل لكافة الثقافات والقيم المجتمعية.10_إعتبار التنوع والتعدد في الثقافات واللغات نقاط قوة وتعدد لمصارد القوة التي ينبغي المحافظة عليها وتطويرها.11_تعزيز مصادر القوة الناعمة التي تشمل الثقافة والفكر والسياسة للمنطقة ولشعوبها.12_تحقيق التوازن في الحقوق والواجبات بين كل ابناء البلد وبذالك تتحقق العدالة التي تقوي الجبهة الداخلية.13_تحقيق أرضية تسمح للمكونات المجتمعية ممارسة حقوقهم المبينة في الأعلان العالمي لحقوق الإنسان بصفة فردية وكذالك بالاشتراك مع أفراد مجتمعة دون تمييز.14_تهيئة الظروف والامكانيات لتمكين الاشخاص والمجتمعات للتعبير عن خصائصهم المختلفة والعيش بتقاليدهم وعاداتهم في أطار المحافظة على المعايير الوطنية والدولية.15_ضمان هوية وخصوصية المجتمعات المختلفة في أطار الدولة الواحدة و المحافظة على السيادة الوطنية وذالك في إطار التشريعات والدساتير الوطنية المتوافقة عليها من أبناء البلد .١٦_تمكين المرأة وضمان حريتها ومشاركتها الفعالة في كافة مناحي الحياة والتخلص من القوانين والتشريعات المجحفة بحقها.آليات الحوار:لا شك أن تحويل الافكار والرغبات المبينة في الاعلى الى حقائق ووقائع ملموسة تتطلب القيام بجملة من الأعمال :1_تكوين وعي مجتمعي جمعي بأهمية الحوار وتهيئة الأرضية للبحث عن الحلول لتجاوز القضايا العالقة.2_مشاركة كافة الفئات وخوصًا المتنورة في البداية من المثقفين والمفكريين والاكاديميين في النقاشات والحوارات الدائرة من كافة المكونات المجتمعية.3_ التواصل مع الأحزاب الوطنية المختلفة وكذالك الشخصيات التي لها وزن وثقل في القضايا المجتمعية والوطنية.4_زيادة التعارف واللقاءات بين أبناء المكونات المختلفة مما يحقق الأطلاع وتبادل المعلومات وكسر جدار العزلة والخوف بينهم.5_إقامة النشاطات المختلفة من الندوات والمنتديات والاسابيع الثقافية والمعارض بما يحقق التعرف أكثر على التعدد الثقافي والحضاري للمكونات.6_تسليط الضوء من الإعلام الوطني الرسمي والمجتمعي والشعبي على القيم المشتركة للمكونات وعلى الموروث الثقافي مما يعرف الناس أكثر على بعضهم.7_إقامة مؤسسات وطنية من أبناء المكونات المختلفة تحتضن الحوار وتنظم النقاشات والفعاليات المختلفة وترفع التوصيات الى الجهات المختصة.8_أقامة منصات للتواصل الأجتماعي وكذالك أصدار دورية تختص بشؤون المكونات يكتب فيها الأبحات والتقاير البحثية والمقالات حول قضايا المكونات.9_اقامة المؤتمرات وحلقات البحث والنقاش بشكل دوري في أغلب الدول والمناطق .ومن هذه الأسس والآليات نستطيع مناقشة أهمية الحوار المختلفة بين المكونات المجتمعية وحتى الدول ومنها الحوار العربي_الكردي:بعد أتفاقية سايكس بيكو عام1916 ولوزان عام تم تقيسم مناطق تواجد الكرد بين أربعة دول هي سوريا والعراق وإيران وتركيا وبذالك تم ضم عدد من المناطق الكردية الى سوريا والعراق المشكلتين بعد الحرب العالمية الاولى في العشرينات من القرن العشرين وبذالك وجد حوالي 7 مليون كردي في العراق وحوالي أربعة ملاييين في سوريا ونتيجة للفكر والمشاريع الهيمنة المختلفة من قبل النظام العالمي تم تصدير نموذج الدولة القومية التي تعتمد على قومية واحدة وتقصي باقي المكونات والقوميات لوجود أوراق ضغط دائمة بوجه السلطات وللحفاظ على بؤر التوتر والفتن لم تستطع السلطات في البلدين تجاوز وحل القضية الكردية في البلدين مما جعلها قضية تنزف وتهدر طاقات كبيرة من الدولتين وكذالك يعيش الشعب الكردي في حالة من الأقصاء والعزلة ومنع اللغة والثقافة الكردية وحتى إطلاق الأسماء الكردية على الأولاد وتغير أسماء القرى والمدن الكردية وتهجير الكرد من مناطقهم وأسكان الغير بدلًا منهم في سياسة خاطئة لم تكرس غير الفرقة وتقسيم المجتمع والمكونات الى درجات وفتح الأبواب أمام كافة التدخلات والاحتمالات والكل يعرف تعامل الحكومات العراقية المختلفة وكرد العراق مع بعضهم والحروب بينهم والتي في النهاية لم تجلب الخير والسلام للطرفين بل استغلت دول المنطقة من إيران وتركيا هذه الحروب وعززت نفوذها في العراق على حساب الشعب العراقي بعربه وكرده.وكذالك في سوريا تعامل السلطات السورية بنوع من الاقصاء والاحادية التامة حتى أنه تم سحب الهويات السورية من بعضهم وتغير أسماء الاماكن والقرى وتهجير الكرد من مناطقهم وكذالك منع اللغة والثقافة الكردية وحتى الأعياد الكردية الأجتماعية وكذالك منعهم من ادارة مناطقهم مما جعل الكرد السوريين يعيشون بحالة من العزلة والحصار المفروض على خصوصياتهم.ومازال تلك العقلية سائدة لدى السلطات السورية وحزب البعث الذي يعتبر كل من يعيش في سوريا هو عربي رغم وجود الكثير من المكونات والقوميات والاديان .وخلال أحداث الأزمة السورية ونتيجة لضعف الدولة وسحبها كافة المؤسسات العسكرية والامنية والمدنية من المناطق الكردية لتقوية نفوذه في المناطق المهمة للنظام السوري وجد الكرد أنفسهم وحدهم بدون الدولة السورية ونظامها أمام منظمات أرهابية مثل داعش وجبهة النصرة وغيرها تحاول قتلهم وسبي نسائهم فماكان من المكونات في الشمال السوري إلا أن جمعت نفسها وأقامت قوات سوريا الديمقراطية لمقارعة الأرهاب والدفاع عن أنفسهم وعن وحدة الأراضي السورية في وجه الاحتلالات التركية . وبعد تحرير العديد من المناطق من تنظيم داعش الإرهابي تم بناء الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لتنظيم حياة الناس وتلبية متطلباتهم المعيشية والصحية والتعليمية والأمنية بالأضافة الى الخدمات الاساسية من تأمين الطعام والماء والكهرباء بالاصافة الى تمكين المرأة ومشاركتها في كافة مجالات الحياة في ظل تماسك وتوحد المجتمعات والمكونات تحت عقد أجتماعي يعترف بكل اللغات والخصصيات للمكونات و ينظم علاقة الادارة الذاتية بالشعب المتواجد في مكان سيطرة قوات سوريا الديمقراطية ، تلك الادراة التي تستطيع ان تكون نواة لحل الازمة السورية واقتراح لنموذج الدولة الوطنية تعترف بفسيفساء مكوناتها المجتمعية والتي تجسد الارادة والذهنية المشتركة في العيش المشترك والتكامل والوحدة التي تحقق الاستقرار والسلامة الاقليمية لمناطقها ولكل دول الجوار.وكذالك لتواجد الكرد في الجهة الشمالية للأمة العربية كانوا دومًا بمثابة الدرع الشمال الشرقي للامة العربية حتى أن نابليون وسليمان الفرنساوي وكذالك أبراهيم باشا لهم كلمة واحدة " الامن القومي المصري والعربي يبدأ من الحدود الشمالية السورية "أي من المناطق الكردية سواءً في سوريا أو تركيا وكذالك العراق وأيران،من هنا يظهر أهمية الحوار العربي_الكردي في تأمين المنطقة من التدخلات وكذالك في خلق جبهة وتحالف لمواجهة مشاريع الهيمنة والتسلط والتدخل في المنطقة حيث أن التقسيم والتجزئة أكثر ما يعاني منها هم الشعبين العربي والكردي وكل تقارب أو حوار هو تعزيز لروح وشخصية المنطقة وشعوبها التي عاشت في تراحم وتلاحم واعتراف متبادل طوال التاريخ المشترك من أيام الفراعنة والميتانيين الى أيام صلاح الدين الأيوبي ومحمد علي وابراهيم باشا الى أيام الراحل جمال عبد الناصر الذي كان يجسد القومية العربية الحقة ويعترف بحقوق كل مكونات المنطقة في التعبير والعيش يخصوصيتها وهويتها ضمن وحدة الدولة وسيادتها الوطنية وكذالك الى سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أكد أيضًا على أن لن يستيطيع أحد من محو الهوية الكردية وتأكيده على حق الكرد في عيش خصوصياتهم وثقافتهم ضمن وحدة الدول وسيادتها.
مشاركة :