تحقيق: فدوى إبراهيم التمثيل هواية يمكن تعزيزها بالدراسة والممارسة فتتكون التجارب والخبرة، ومحلياً كان المسرح الباب الأول الذي طرقه هواة الجيل الماضي لتمكين قدراتهم التمثيلية، فتدربوا على أيدي كبار رواد المسرح، وظلت الأبواب التدريبية والأكاديمية غير منتشرة حتى وقت متأخر، بينما كان باب «السوشيال ميديا» الأسهل للبعض من هواة الجيل الحالي. فأي باب هو الأجدى طرقاً برأي الفنانين؟يشير الفنان منصور الفيلي إلى أن أي ممثل لا بد وأن يستقى المعرفة بالتدريب على أيدي خبراء في مجاله، وهو ما نشهده محلياً في المسرح بشكل أساسي، مشيراً إلى أنه وكثيراً من أبناء جيله تعلموا على أيدي كبار المسرحيين في الدولة، حتى خرجوا ممثلين قادرين على أداء الأدوار المختلفة.الفيلي، الذي لديه تحفظ على أداء شباب مواقع التواصل الاجتماعي في عدد من الأعمال السينمائية، يقول: «أقحمهم عدد من صناع السينما في الأفلام، فهم لديهم خطهم الذي تبنّوه ولا يصلح أن يشار إلى أنهم ممثلون لأنهم لا يستطيعون أداء مختلف الأدوار وعيش أبعاد الشخصيات والانفعالات الحقيقية وما إلى ذلك، وسيظلون يؤدون ذات النمط الذي يتقنونه سوى غيره، هذا فضلاً عن آخرين غير قادرين على التعبير وهو ما شهدناه في أفلام سينمائية سابقة مما سبب في إخفاقها، لكن يظل تفكير بعض المنتجين والمخرجين محصوراً في الإيرادات، دون الفكرة الفنية والإرث السينمائي الذي سيخلفه العمل، ولا أقلل من قيمة الكوميديا هنا لكنها بلا هدف».لا يختلف معه فنان «السوشيال ميديا» مصبّح بن هاشم، الذي أدى أدواره في جزئي فيلم «هجولة» و«خلك شنب» وحالياً «سوشيال مان»، ويقول: «لا أنكر أن الفنان القادم من مواقع التواصل الاجتماعي يظل محصوراً فيما قدمه بالأصل في مشاهده التمثيلية الكوميدية على تلك المواقع، لكن ذلك يعتمد على رغبته في استكمال هذا النمط من الأداء والتمثيل أو لا، فإن رغب بتطوير نفسه فسيضيف لأدواره نكهة وأداء مختلفاً ويتحدى نفسه ويمثل التراجيديا والأدوار النفسية المعقدة إن رغب بذلك».ولا ينفي بن هاشم أن باب «السوشيال ميديا» مجاني وسهل ويحقق الشهرة سريعاً، بل إنه هو ما جعل المخرجين يتنبهون لتلك المواهب ويستدعونهم في أفلامهم، لكنه أيضاً لا يتفق مع فكرة أن نجاح الفيلم مرتبط بحضور مؤدي مواقع التواصل الاجتماعي، ويضيف: «إذا لم يكن السيناريو والحوار والإخراج والإنتاج بمستوى جيد أو أعلى، فلن ينفع ممثل «السوشيال ميديا» آلاف وملايين المتابعين، ولن يضيفوا لصنّاع الفيلم أي فائدة»، مشيراً إلى أنه حاول مراراً دخول عالم التمثيل الدرامي والسينمائي من بابي المسرح والتلفزيون إلا أنه واجه تحديات فاقت قدراته، فوجد من مواقع التواصل الاجتماعي باباً أسهل للوصول، لكنه لم يغفل اجتهاده في تطوير أدواته وخروجه عن الشكل الكوميدي.يرى أحمد عبدالرزاق أن المسرح هو المكان الأمثل للانطلاقة نحو عالم التمثيل الاحترافي، ويعقب على المؤدين القادمين من «السوشيال الميديا» بأن أغلبهم لن يستطيع الاستمرارية كونهم «مقولبين» على حد قوله بنمط معين من الأداء غير قادرين على الخروج منه.ويؤكد عبدالرزاق فكرته قائلاً: «الممثل الحقيقي الذي استقى المعلومات، الأدوات، والخبرة، من جيل تربى على فنون الأداء التمثيلي الذي يعتمد على الملكة والصوت والأداء الجسدي، أي الذي يعيش تفاصيل الشخصية بكافة أبعادها ورسخ الموهبة، وقادر على تجسيد مختلف الأدوار من كوميدية إلى تراجيدية، هو ليس ذاته الذي اعتمد نمطاً أدائياً واحداً ويظل يعيده ويكرره أي بعض مؤدي «السوشيال ميديا». مسرح وورش فنية يرى الفنان خالد النعيمي أن الطريق للتمثيل الاحترافي يبدأ من خطين، المسرح أولاً، ثم التعلّم المستمر من خلال ورش العمل المعنية بفنون الأداء، ويضيف: «المسرح يمنح الهاوي القدرة على الأداء والتخيل والتجديد وتطوير أدواته وبذلك يتسع أفقه، فالهاوي يتحول إلى ممثل حقيقي من خلال تلك التجارب المختلفة التي يمنحه إياها المسرح، وبذلك فهو الانطلاقة الأمثل لأي هاوٍ كما حدث معي حتى انتقلت للأداء التلفزيوني والسينمائي».ويشير النعيمي إلى الدور الكبير الذي لعبته ورش العمل التدريبية التي حرص على المواظبة عليها منذ العام 2016 في تطوير أدواته، وهذا التجديد فتح له الباب لأن ينطلق بشكل أكبر لفنون الأداء، حتى لا يتحول لمجرد أداة نمطية بيد المخرج، لا تتقن سوى وجه واحد من وجوه التمثيل، مؤكداً أن كل ما تعلمه ويتعلمه يختزله عقله فيما يشبه الصندوق، الذي يستخرج منه ما يريد وقت الحاجة.فارس الخالدي الذي يشارك في الفيلم الجديد «سوشال مان» ودرس الإعلام وعرفه الجمهور من مواقع التواصل الاجتماعي، يؤكد أن بدايته لم تكن من هناك بل كانت من المسرح، وأدى العديد من الأدوار المسرحية والدرامية والسينمائية، مؤكداً أنه تأسس على أيدي كبار الفنانين، ورغم حبه لمواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن المسرح هو الطريق الأمثل لبداية الممثل الفنية بحسب قناعته، ويحتاج إلى جهد صوتي وبدني تعبيري أكبر بكثير من الفنون الأخرى، وهنا على خريج المسرح أن يعرف كيفية التحرر من شكله الأدائي للدخول لعالم الدراما والسينما.ولا يرى الخالدي أن من الخطأ البدء من مواقع التواصل الاجتماعي، على أن يظل يتعلم من كبار الممثلين ودخول «ورش فنية» لتطوير أدواته والخروج من العباءة التي عاشها في فيديوهاته في حساباته، إلا إذا أحب واختار خط الكوميديا ليستمر عليه فقط، ويقول: المخرج أو المنتج بإمكانه اختيار الأصلح من نجوم «السوشيال ميديا» للتمثيل لأنهم لا يتساوون في موهبتهم، وعليهم إخراج طاقاتهم فيما يناسب عملهم الدرامي أو السينمائي، بينما للأسف بعضهم يختار الضعيف منهم أدائياً لأن متابعيه أكثر.
مشاركة :