أمجاد يا صحافة «أمجاد» | ابتهاج عدنان المنياوي

  • 6/13/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

أمجاد محمود رضا.. ليست مجرد اسم، بل بصمة لا يمكن تجاهلها لو أردنا التحدث عن الصحافة الاستقصائية التوثيقية النسائية بالمملكة.. فصاحبة هذا الاسم -وبشهادة حق- هي قامة إعلامية بدأت عملها الصحفي الدؤوب في زمن لم يكن الانترنت وجوجل هما الساعد الأيمن لها كما هو الحال اليوم لكثير من الصحفيات. أمجاد أو "الأستاذة" كما كان يحلو لنا أن نناديها، خاصة وأنها تقلدت مناصب إدارية وإشرافية كبيرة في كلٍّ من صحيفتي عكاظ والوطن، ساهمت في صقل مهارات عدد كبير من الأقلام النسائية وتكوين شخصيتهن الإعلامية، وقد أكون واحدة من بنات جيلي ممن تأثرن بها منذ بداياتي في تسعينيات القرن الماضي، فكان لها هدف وضعته أمام عينيها، وخط انتهجته لتحقيق التميز والنجاح الإعلامي، ولم يكن اهتمامها باسمها أهم من اهتمامها برسالتها وقضاياها التي سخرت قلمها لمناقشتها سعيا في بناء مجتمع أفضل، تستطيع المرأة من خلاله أن تحقق النجاح على كافة الأصعدة. إن أمجاد رضا والتي كان التوثيق ودراسة اتجاه الرأي العام من أهم أساسيات كتاباتها، قد تناولت مطالبات مهمة ناقشت فيها قضايا استطاعت من خلالها أن تحقق للمرأة السعودية مكتسباتها التي باتت تتمتع بها اليوم، مثل قضية بطاقة الأحوال الشخصية ومشاركتها في مقاعد الشورى والتقاعد المبكر والسياحة الدينية وقضايا كثيرة لا مجال لحصرها في هذا المقال المتواضع، ولكن لأن ذاكرة الصحافة النسائية السعودية مثقوبة، رغبت أن أخصص هذه المساحة للحديث عن هذه السيدة الفاضلة التي لمعت في زمن كان إنجاز التحقيق الصحفي، وبالمعايير التي كانت تقدم بها مواد الأستاذة، أمرا في غاية التعقيد. ولأن اليوم عملية التميز أصبحت سهلة والألقاب الكثيرة أيضا باتت في متناول الجميع، وكل يطلق على نفسه ما يحلو له منها؛ كأول من أعدَّ، وأول من غطى، وأول من أثار، وأول من كتب، وشغلتنا قضية الأوائل هذه عن الهدف السامي من الصحافة، والرسالة التي لابد أن تتبناها كل إعلامية، لتتحدث عن قضاياها وما يشغل مستقبلها، وكيفية تذليل العوائق عن طريقها وطريق بنات وطنها ليشاركن في التنمية. وهو ما كانت تسعى إليه أمجاد رضا، ولذلك أصبح لمطالباتها وجود، ولمناقشاتها الصحفية في قضايا نسائية مهمة صدى، إلا أن اسمها ظل غائبا عن الجيل الحديث، لأنها لم تسعَ لتلميعه بقدر سعيها للدفاع عن ما تؤمن به. أمجاد رضا التي علمتنا أولى أبجديات الكتابة الصحفية المحترمة دون اللجوء والاعتماد على محرري الصياغة، هي إعلامية عربية وليست فقط سعودية، حيث سبقت الكثيرات من بنات جيلها، فكانت أول صحفية عربية تشارك في تغطية الحرب الأفغانية في ثمانينيات القرن الماضي، فكانت مثال الالتزام والجدية والهمة العالية، حيث كانت تشعرنا بتلك الهمّة أنها "مجندة صحفية" تحلم وتتطلع لتحقيق أهداف رسمتها بوضوح، لتتناولها بسلاحها الوحيد "قلمها". بوركت أمجاد وما حققته من أمجاد صحفية، وبورك الزمن الذي عملت فيه، وجزاها الله خيرا على ما قدمته لبنات جيلها ومهنتها، ووطنها الكبير.

مشاركة :