31 مليون مجلد ومادة معرفية في مكتبة الصين الوطنية

  • 3/25/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: عثمان حسن في عام 1909 أعلنت الصين من مقر معبد بويي في بكين، وهو آخر أباطرة سلالة تشينج، عن مسابقة دولية لتصميم مبنى جديد لمكتبة الصين الوطنية، وفاز أحد التصميمات، الذي ظل العمل عليه حتى عام 2008، تقع المكتبة على مساحة تقدر ب 80 ألف متر مربع، وتشتمل اليوم على نحو 12 مليون مجلد. بقي المبنى القديم للمكتبة بمثابة نصب تذكاري تاريخي، ويتصل بالمبنى الجديد باستخدام جسور خفيفة.. جاء التصميم الفائز، ليرمز إلى الماضي والحاضر والمستقبل، في ثلاثة أقسام، يتكون القسم الأول من قاعدة فولاذية صلبة، والقسم الثاني مركزي مزجج يحيط بالقلب الهيكلي يضم منطقة المعلومات العامة، وكافة الأنشطة المتعلقة بالقراءة، والثالث عبارة عن كتلة فولاذية تشتمل على كافة الكتب والوثائق التي تمثل التقاليد الثقافية في الصين، فضلاً عن المكتبة الرقمية. ونحن اليوم، في رحاب مكتبة تحتل المرتبة الخامسة بين أكبر المكتبات الوطنية في العالم، تستوعب تاريخاً حافلاً يضم ملايين الكتب والوثائق والمخطوطات والصور والأطالس، والرسائل، ووثائق علم الأنساب، والسجلات النادرة، التي تؤرخ لتاريخ حضاري وثقافي يمتد إلى آلاف السنين. يرجع المؤرخون ظهور المكتبات في الصين إلى حوالي 3 آلاف سنة، في فترة حكم سلالة شانج (1700- 1046 ق م)، حينذاك بدأ الاهتمام بالمخطوطات وعلم الأنساب وإصدار المراسيم وتسجيل الأحداث المهمة، وفرزها وفقاً لتسلسلها الزمني. ما يعني أن هؤلاء الأباطرة هم الآباء المؤسسون لمكتبة الصين الوطنية التي نشاهدها اليوم. آلاف المخطوطات تضم المكتبة اليوم أكثر من 334 ألف كتاب ومادة نادرة بالصينية واللغات الأجنبية، و270 ألف كتاب صيني قديم ونادر، وأكثر من 167 مليون كتاب صيني كلاسيكي وأكثر من 174 ألف خريطة وأطلس، وأزيد من 164 ألف صورة فوتوغرافية، ونحو 317 ألف وثيقة لكتابات ونقوش و94 ألف مخطوطة ورسالة، وأكثر من 65 ألف وثيقة تختص بعلم الأنساب. وتعتبر مكتبة الصين الوطنية مرجعاً لكافة الوثائق والمواد القديمة والنادرة، وسجلاً للسلالات التي حكمت الصين، كما تحتضن مجموعات ثمينة من الكتب والدوريات والصحف والخرائط والمطبوعات والصور والمخطوطات وشرائط التسجيل والمنقوشات على الحجر والنحاس وقواقع السلاحف، وهي اليوم تحفل برصيد كبير ومتنوع يزيد على 31 مليون مجلد ومادة وفقاً لإحصاءات ديسمبر 2012، وتعد المكتبة الأكبر في آسيا. أدلة تاريخية في عام 2012 عرضت المكتبة أدلة تاريخية تشير إلى أن جزر دياويو هي جزء من الصين، ومن ضمن هذه المعروضات وثائق وأطالس وصحفا قديمة، تبين أن الصين اكتشفت هذه الجزر، في بداية القرن الخامس عشر، ووضعتها تحت ولايتها كجزر صغيرة تابعة لتايوان، ومن بين الوثائق تم عرض أطلس من تصنيف الجنرال هو تسونج شيان والجغرافي تشنج روه تسنج، يظهر جزر دياويو كجزء من الدفاعات الساحلية للصين في عام 1562 في أقدم سجل للولاية القضائية الرسمية للدولة الصينية على الجزر. شهدت فترة أواخر القرن التاسع عشر، إبان حكومة سلالة كينج، بدايات التفكير بإنشاء مكتبة حديثة في الصين، في العاصمة بكين، فوقع الخيار على معبد جوانج هوا موقعاً لها، حيث بقيت هناك حتى عام 1917. فتحت المكتبة أبوابها للجمهور في 27 أغسطس 1912، بعد أشهر قليلة من تنازل الإمبراطور بوي (1908-1912) آخر أباطرة سلالة كينج عن السلطة، فتولت وزارة التعليم في جمهورية الصين (1912-1949) إدارتها. تتولى المكتبة اليوم مسؤولية حفظ كل الوثائق الرسمية والمطبوعات الصادرة في الصين، حيث يقوم موظفون مختصون على مدار الساعة، بجمع وفرز وتخزين هذه الوثائق، التي تشكل قاعدة بيانات ومعلومات لا غنى عنها للباحثين والمختصين، وتعتبر المكتبة كذلك مركزاً وطنياً للسجلات البيبليوغرافية، ومركزاً للمكتبات الرقمية وللبحوث والتطوير في علوم المكتبات وتطبيق التكنولوجيات الحديثة. في عام 1916 باشرت المكتبة استلام نسخ من المطبوعات الصينية، وبدأت عملها كمكتبة عامة وطنية تحوي حالياً المخطوطات القديمة، وفي عهد الجمهورية الشعبية الصينية أعيد تسميتها في عام 1949، باسم (مكتبة بكين الوطنية)، ثم (مكتبة الصين الوطنية). الآداب الأربعة تحتضن مكتبة الصين الوطنية ما يعرف ب (المجموعات الأصلية) المجمعة من مصادر عدة، ومن بينها ما تم وراثته من كتب وأرشيف المكتبة الإمبراطورية العائدة لسلالة كينج (1644- 1912)، وتتضمن ما يسمى النسخة الكلاسيكية النادرة «سي كو تشوان شو» أي (الفروع الأربعة للأدب)، وتم جمعها في عام 1782. ومنها أيضاً (مجموعة الجامعة الإمبراطورية) التي أغلقت في عام 1905، والتي تشتمل على مخطوطات تعود إلى سلالة سونج الجنوبية (1127-1279). وهناك أصول مخطوطات كهوف دانهوانج، وعدة مسكوكات ونقوش نادرة، تضمنتها المكتبة اليوم بينها عظام الحيوانات المنقوشة في عهد سلالة شانج التي تعود إلى 3 آلاف سنة، وأيضاً النسخة الصينية المتبقية من التعاليم البوذية، وهناك لوائح حجرية للعالم كاي يونج (132-192) من سلالة هان الشرقية (25-220 م)، والأشعار الكاملة لسلالة سونج وسلالة تانج، بما فيها الكتب الكاملة للطاوية.. وغيرها الكثير. تطوير بدأت مكتبة الصين الوطنية في سبعينات القرن الفائت، باتباع خطة للتطوير، وفي 1995، تطورت الشبكة الإلكترونية للمكتبة، وأصبحت في 2003 إحدى أكثر المكتبات تطوراً في العالم. حيث تتعاون اليوم مع أكثر من 100 مكتبة محلية، وأكثر من 1000 مكتبة ومؤسسة علمية في نحو 120 بلداً. مع إنشاء المكتبة الرقمية، الذي بدأ مشروعها التجريبي في عام 1997، دخلت الصين إلى كافة أنحاء العالم، كما عبر عن ذلك «تشانج تشي تشينج» نائب مدير المكتبة الوطنية بقوله: «إن الحلم الصيني يعني تقوية بلادنا، وتحقيق نهضة الأمة الصينية، التي لا تتمثل في الاقتصاد فحسب، بل تتمثل في الثقافة أيضاً».

مشاركة :