الشورى بين النقد و«الشخصنة» - أيمـن الـحـمـاد

  • 6/13/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

النقد وتبادل الآراء والتشاور ظاهرة صحية في كل المجتمعات، وسبيل لتطوير العمل، وتصويب الأخطاء وتداركها من أجل عدم الوقوع فيها مرة أخرى، يتم ذلك في جوّ تسوده قيم الحرص والرغبة في الإصلاح والبعد عن تصيّد المثالب والفرح بها والتشمت بصاحبها، بما يخرج تلك الظاهرة من حالتها الصحية إلى وضع يستوجب المعالجة. يشهد مجلس الشورى من وقت إلى آخر مناوشات شد وجذب وأخذ وردّ، وإن كان الأمر في ظاهره ينبئ عن وعي بالمسؤولية واستشعار لحجم الأمانة وحرص على الوطن، إلا أنه وفي بعض الأحيان يأخذ المشهد "الشوري" مساراً مختلفاً في طبيعة الانتقاد، فتلك المناوشات تأخذ شكلاً آخر خصوصاً بين الأعضاء في المجلس والوزراء في الحكومة، فالتقارير السنوية التي تصل إلى المجلس من الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية أصبحت فرصة سانحة لبعض الأعضاء من أجل توجيه سهام نقدهم، واستعراض قدراتهم على التصيّد، لاسيما إن كان ذلك التقرير يقع في دائرة إما اهتمامات العضو الاكاديمية أو من واقع خبرة عملية سابقة له في نطاق تلك المؤسسة، وأحياناً يتعدى النقد التقرير المنظور بين الاعضاء إلى استهداف الوزير أو المسؤول الأول في تلك الجهة و"شخصنة" الأمر، واتهامات بالتقصير، تكشّف لاحقاً أن بعضها غير صحيح، كما رأينا في تقرير اللجنة المحايدة التي شكلت لتقييم جودة مستشفى الملك خالد للعيون، لتصل إلى نتيجة مفادها أن مستوى الأداء في المستشفى جيد، ونسبة المضاعفات والاختلاطات مماثلة للمستشفيات وأقسام العيون المعروفة عالمياً. وفي الأسبوع الماضي تم استعراض تقرير قديم لإحدى الجهات الحكومية وهو ما أثار حفيظة بعض الأعضاء، وفي خضم مناقشة ذلك، وصف أحد "الشوريين" الوزير المسؤول عن تلك الجهة والذي عين قبل شهرين ب"الفشل" في مهامه السابقة، مما جعل أحد اعضاء الشورى يستهجن موقف زميله في المجلس. وربما يتناسى بعض الأعضاء أن هناك كثيراً من الوزراء في الحكومة أتوا من المجلس، وعندما اتيحت لهم الفرصة لمعالجة بعض المشاكل التي تعتري وزارتهم فشلوا، فالعمل شيء والتنظير شيء آخر. إن من المجدي لأعضاء الشورى صياغة واقتراح قوانين تطوير العمل الحكومي، وتقديم استشارات موثوقة وفق معطيات واضحة، بوصفه مكاناً تلتقي فيه الخبرات وتجتمع، إلا أن بعض المنضوين إلى المجلس، بدأ يمارس مهام رقابية وهو مالا يعتبر من صميم عمله ومهامه التي نصت عليها المادة الخامسة عشرة من نظامه. إن حجم المسؤولية المعطى لعضو مجلس الشورى يستوجب منه أن يراعي في انتقاده الموضوعية والدقة والبعد عن التعميم دون معطى واضح ودقيق، إذ إن موقعه حساس وكلامه إن كان ايجاباً أو سلباً سيؤخذ على محمل الجد في كلتا الحالتين.

مشاركة :