”إِنّي لأَفتَحُ عَيني حينَ أَفتَحُها …. عَلى كَثيرٍ وَلَكِن لا أَرى أَحَدا” «أمل دنقل» في طرقات مجتمع ثمل بالتسارع والتغير، نُجبَر أن نتواصل ونصل بأقصى سرعة حياتنا اليومية، حتى اننا نصل إلى مرحلة لا نشعر بمدى ألمنا أو سعادتنا حزننا أو شقائنا، نحن نسير بتتالٍ واختلاف، معتكفين بمحراب السرعة والتلاحق، نوغل في فيافي حكايات أرواحنا وقصصنا المختلفة، لديّ مخاوف كثيرة مركّبة مثل الخوف من الموت وغموضه، من الوحدة وقسوتها التي تميتنا قبل أواننا، أغالب تجاوز نفسي بمغامرة تشدني للحياة، ماذا لو منحنا أنفسنا فرص العيش خارج حياتنا العادية ماهي النتيجة؟ أتأمل البشر وأتساءل هل أفرغت قلوبهم في قالب من الكآبة؟ لا أرى أثراً للسعادة على محيّاهم، أرجع ببصري إلى هؤلاء القاطنين في حياة لم يجهدوا أنفسهم بمحاولة التعرف عليها، هناك أشياء تأتي من أعماق لا وعينا، لا عقلانية، سطحية، متناقضة، هل نستطيع تفسيرها؟ قد لا نستطيع تفسيرها ولكن نستطيع أن نتحكّم بها. أعتقد أنها تشبه مشاعر الحب، والكراهية، كلاهما يحملان الغموض نفسه، أحياناً تظهر الكراهية جهرة عنوة، وعلى المستوى نفسه قد تظهر مشاعر حب تتفتح كالأزهار في حدائق النفوس، لنبتعد قليلاً عن صراط التساؤل والحيرة، ولنوغل في أرض الإنسان مع كلمات جُلّ همها الوضوح وإزالة اللبس عن ما نشعر به حتى آخر نسغ. منذ عصر رجل الجليد «اويتزي tzi» وحتى الآن لم تختلف خصائص الإنسان. إننا لا نحاول فهم بعضنا، إننا نتعجب فقط، ونقف عند هذا المستوى من ردة الفعل، لا نُتعِب أنفسنا في البحث عن الآخر واكتشافه، ولا نحاول أن نصنع تحالفات بشرية ضد الحياة وحرارتها اللاهبة، ويمكن تلمس الأفق النفسي لبشريتنا حينما ننتقل من الزهد بأنفسنا، إلى احتوائنا للآخر على طريقة حاتم الطائي، وبطبيعتي القلقة الشغوفة غالباً ما أدقق أكثر في عيون الناس، هي ما يربطني بهم، هي الشفرة التي أفك بها اسرارهم، العيون لها «أرواح»، بعض العيون تحمل كثيراً من التغير تارة تأخذ صفة الحزن، وتارة تأخذ صفة الشرود والرحيل إلى عالم لا يشبه عالمنا، لطالما تعلقت ورغبت أن أسبر غور هذه العيون، التي أحياناً تكون جميلة ثائرة، غاضبة وأحايين أخرى تحمل راية الشقاء والوجع وتغيب في بئر الأسرار متجاوزة حدود الأفق البشري، ويوماً ترفل بحلة السعادة، أو تتلبس روح تمثال شمعي، أشبهها ب البحر عندما يستدير عليه الأفق بحنو، نحن نجرؤ أن نرسم حياة ومعرفة للأشخاص من حديث الناس، ولكن لا نجرؤ أن نرسم قصة حياة إنسان من خلال البحث في رمزه الإنساني «العين». ربما لأننا نخاف مواجهة الحقيقة، وهذه أضيفها إلى كوكبة مخاوفي في الحياة...!! *تجربة مغرية: أن تثق بآخر وتتدفق إنسانيتك دونما ترتيب فيكون باعثه الحب والعودة إلى حياة مضمخة بعطور الإنسانية.
مشاركة :