يقول مكسيم غوركي “ جئت الى هذا العالم كي لا أوافق” لو تأملنا تاريخنا البشري سوف نلاحظ انه لم يسبق للإنسانية أن حوت في حقيبتها من الأدوات والوسائل الفنية والمالية والتقنية مثلما تحويه الآن، السؤال: أين يسير العالم العربي في وسط هذه العاصفة الراقصة على أوتار التقدم والتطور المتلاحق ؟ هل نحن نقف على أفواه الجحيم ؟ إن مفتاح التقدم هو العلم، وأن نوافق على وضعنا التعليمي ومستواه الآيل للسقوط في اقتصاد يعتمد على المعرفة، وابتعادنا عن الإنتاج والتطور العلمي، هو جهل بأبجديات التقدم ف بوصلتنا العلمية العربية تدمرت وساءت سبيلا، لن أتحدث عن مصائب الشرق وفضائل الغرب المنقوشة على جدارن التباكي، تعودت قلوبنا العربية أن تكون مكانا غير صالح للفرح، تعودنا أن نرمي بأفكارنا ونجاحنا في “بركة التمنيات ” ونمضي، إن التطورات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية لم تأت من فراغ بل جاءت بعد استجلاء للحقائق والتحقق من الافتراضات والتوصل إلى نتائج واستنتاجات، أي جاءت بعد جهود مضنية من البحث، وللبحث العلمي ثقافة مختلفة تتسم بالاستقلالية والحركة، هناك دراسة موضوعية أعدت من قبل لجان دولية وضحت بأن 500 جامعة دولية ليست من بينها أية جامعة في الوطن العربي، تقوم بدور فاعل ورئيسي من اجل البحث العلمي، إلى هنا انتهى الخبر، وذكر محمد ياقوت في كتابة ” أزمة البحث العلمي في مصر والوطن العربي” المعوقات والتحديات التي واجهت البحث العلمي في العالم العربي، وتطرق إلى افتقار الدول العربية إلى سياسة علمية محددة الأهداف، وعدم وجود استراتيجية واضحة للبحث العلمي، كذلك البيروقراطية الإدارية والتنظيمية، ومشاكل التمويل في مؤسسات البحث العلمي، هذه المعوقات التي تطرق لها “ياقوت” ماهي إلا نقطة في بحر المشاكل والمعوقات التي يواجهها البحث العلمي في الوطن العربي، حيث إن الدول العربية تقتل الإبداع بالأنظمة الإدارية المتهرئة والمترهلة، وتساوي المبدع بسواه من ذوي القدرات المحدودة، وكأن البحث العلمي نوعا من الزيف فتذوي العقول كعشب البحر، وترحل مع المغيب بكامل أناقتها إلى من يثني على هذه الأناقة ويحتضنها ويدفعها للكمال الإنساني عن طريق الدعم النفسي والمعنوي، فنخلق أزمة أخرى متمثلة بهجرة العقول الضاجة بالإبداع الندية بالمعرفة، حيث إن نسبة العقول العربية المهاجرة المساهمة في التقدم العلمي في الدول المتقدمة تصل إلى (2%) من مجموع أصحاب العقول الذهبية فيها، إن الصراع العالمي القائم هو صراع علمي بحت، أين نحن ؟ كيف نحن؟ والى أين نتجه ..الله اعلم..!! يقول هنري كسينجر ” يعتقد البعض أن المسؤولية صعبة الحمل، وهي ليست كذلك، اعتقد انه في بعض الأحيان يكون غياب المسؤولية أصعب بكثير”.
مشاركة :