تؤكد الشاعرات السودانيات حضورهن الإبداعي الكبير الذي يتجاوز حدود الوطن، فبعد الظهور الباهر للشاعرة روضة الحاج، في الدورة الأولى من أمير الشعراء، وبعد المشاركة الجيدة للشاعر منى حسن في الدورة الخامسة، كانت المحطة الثالثة للشاعرات السودانيات مع الشاعرة مناهل فتحي التي اشتركت في الدورة السادسة من هذا البرنامج، وكان حضورها قوياً ببطاقات التأهل التي حظيت بها مرات من طرف لجنة التحكيم، ما يعني أنه لا جدال في شاعريتها، وتمكنها من أدوات الإبداع، ومناهل التي تقيم في الإمارات منذ سنوات عدة، أصدرت حتى الآن ديواناً شعرياً بعنوان أوجاع النساء 2014. وهنا حوار معها: * لماذا أوجاع النساء بالخصوص؟ لأنهن فعلاً موجَعات، وأنا منذ صغري مسكونة بهمّ المرأة، وأعيش معها تفاصيل آلامها، فهي مظلومة على مستويات عدة، وسقفها منخفض في قضايا كثيرة، فحتى قضايا العاطفة تظلم فيها، فالمرأة إذا أحبت لا تستطيع أن تعبر عن هذا الحب، وليست دائماً هي التي تختار شريك حياتها، وإذا انتهت علاقة الزواج بين رجل وامرأة لأي سبب، فإنها هي التي تُحمّل سبب ذلك، لذلك كان ديوان أوجاع النساء دفاعاً عن حقها في التعبير عن ذاتها، وفي الوصول إلى حقوقها كاملة، وقد سمّيت الديوان باسم إحدى قصائده التي أقول فيها: وأنا ارتحلتُ بلا هوادجَ منذ آلافِ الحقبْ عزلاءَ مثقلةً بأوجاعِ النساءِ أذودُ عن وطنٍ حدودُ البوحِ في فمِهِ تقاليدُ العربْ تَبّتْ يدا الخوف الذي يغتالُ أسئلتي وتَبّْ أنا لا يشلُّ الثلجُ خاطرتي ولا أخشى اللهبْ. * ألا تخشين أن يؤثر الخطاب النضالي من أجل المرأة، في فنيات القصيدة لديك؟ أنا أرى أن الشعر إن لم يحمل قضية، فهو ليس جديراً بأن يكون شعراً، وهو في جزء من وظيفته أداة إعلامية، لكنه يتخذ لها التقنيات اللغوية الجميلة التي ترتفع به عن الإسفاف، وتجعل منه بوحاً جميلًا. *انصرافك إلى الشعر العمودي وشعر التفعيلة، هل هو موقف إبداعي؟ أنا بالأصل شاعرة تفعيلة، وكنت قبل مسابقة أمير الشعراء مقلة في قصيدة العمود، لكن شروط المسابقة اقتضت مني أن أكتب قصائد عمودية أكثر، فكل القصائد التي شاركت بها هي جديدة تقريباً، وأنا ليس لدي موقف من أي جنس أدبي أو نوع إبداعي، وأعدّها جميعاً جديرة بالاهتمام، لكنني أجد نفسي أكثر مع قصيدة التفعيلة، ولم أجد في قصيدة النثر ما يلمس الموسيقى الشعرية التي في داخلي، فأنا - شاعرةً - تَشكّل وجداني عبر موسيقى الكلمة، ولا أستطيع أن أتجاهل ذلك النسق الإيقاعي في ذاتي عند مباشرة الكتابة. *هناك فترة طويلة بين بداياتك الشعرية 1999، وديوانك الأول 2014، لماذا؟ كانت بداياتي الشعرية في المرحلة الجامعية، وكنت أحضر الأنشطة الثقافية، وأقرأ الحركة الشعرية وأتابعها، وقد أثمرت تلك الفترة بالنسبة لي حضوراً إعلامياً لا بأس به، وكان من نتائجها أن نُشرت لي خمسُ قصائد ضمن كتاب أجمل عشرين قصيدة لشاعرات السودان، لكنني بعد ذلك انشغلت بالزواج والأولاد وبالدراسة للماجستير ثم الدكتوراه، وبعد عشر سنوات من التوقف عدت إلى الشعر، وكان من بين الأسباب التي أعادتني بقوة، وبوتيرة أسرع، أنني حضرت متفرجةً الحلقة النهائية من أمير الشعراء في 2013، فأيقظت تلك الحلقة دوافع الشعر في وجداني، وصمّمت على المشاركة في البرنامج، فعدت إلى قصائدي القديمة ونقحتها، وبدأت أكتب من جديد، وقد نجحت التجربة والحمد لله. * يعني أن المسابقة ساعدتك على استئناف المسيرة؟ بشكل ما هي كذلك، لكنني لم أكن أنوي ترك الشعر نهائياً، والمسألة تتعلق بالوقت، لأن الإبداع يحتاج إلى تفرغ، لم أكن أجده في تلك الفترة التي توقفت فيها، وعموماً فأنا أشكر الإمارات، ومسابقة أمير الشعراء التي تفتح الباب لنا للوصول إلى ملايين المستمعين والقراء في الوطن العربي، وتحفزنا على مواصلة الطريق وتنمية مواهبنا.
مشاركة :