في أواخر شهر ديسمبر من العام المنصرم، وأوائل شهر يناير من العام الحالي، عطست مدينة ووهان عاصمة مقاطعة هوبي في الصين، عطسة مدوِّية، نشرت إثرها البلايين من فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، فأصابت العالم كله تقريبًا بزكام حاد إلى (144) دولة، مما أوقع نحو (400,000) مصاب، فيما أودى الفيروس بحياة نحو (15,000) مصاب في العالم حتى هذه الساعة، (90%) منهم في إيطاليا، الصين، أسبانيا وإيران على التوالي؛ بلغت الجرأة بهذا الفيروس الخطير للتشبث برقاب بعض أصحاب الوظائف المرموقة في البيت الأبيض، كما دخل دهاليز القيادات العليا في كندا و البرازيل وألمانيا وغيرها، والله وحده علاَّم الغيوب هو الذي يدري إلى أين سينتهي به الأمر، وكيف ينتهي؛ وإن كنت أتمنى السلامة للجميع. تتوقع أمريكا أن يصاب بين (60 – 70) مليون من مواطنيها؛ والأمر أكثر فداحة في إيران التي تتوقع أن يصاب بين (50 – 75%) من مواطنيها بفيروس كورونا المستجد، هذا إذا وضعنا في الحسبان قدرات إيران الطبية المتواضعة، مقارنة بما لدى أمريكا من تقنية طبية متقدمة على مستوى العالم. الأمر الذي دفع أمريكا والصين لتبادل الاتهامات بينهما بتحضير هذا الفيروس ونشره. ومن البديهي أن تهوى أسعار النفط وتخسر البورصات على امتداد العالم تريليونات الدولارات، وتتأثر الحكومات والأفراد. فكان طبيعيًا أن يكون للملهم والقائد السعودي قصب السبق كعادته دائماً؛ فأقرت القيادة الرشيدة ممثلة في سيدي الوالد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وأخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، تدابير عاجلة ناجعة لتخفيف الآثار، وقد أكد هذا سيدي الوالد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في خطابه الشهير للأُمَّة يوم الخميس 24/7/1441هـ، الموافق 19/3/2020م، الذي جاء فيه: (المملكة حريصة على توفير ما يلزم المواطن والمقيم من دواء واحتياجات معيشية)، مؤكدًا -حفظه الله- أننا: “سنواجه المصاعب بالإيمان، والعمل بالأسباب، وبذل الغالي والنفيس للمحافظة على صحة الإنسان”. وصحيح أن ما قدمته مملكة الخير والإنسانية للمواطن والمقيم من دعم سخي لمواجهة المحنة في الداخل، أمر تقاصرت عنه حتى ما قامت به دول عرَّفت نفسها بـ (الدول العظمى). من جهة أخرى، اتسم خطاب سيدي الوالد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بالشفافية، إذ أكد لشعبه: (نمر بمرحلة صعبة والقادم أصعب)، مؤكدًا في الوقت نفسه عزم القيادة على مواجهة الأمر. وعليه أرى من خلال هذه المحنة التي أسأل الله أن يحمي الجميع منها: 1. ضرورة التنسيق بين مختلف دول العالم، لاسيَّما الدول المقتدرة منها، ونبذ كل الاختلافات السياسية. 2. ضرورة تفعيل دور المؤسسات الدولية المعنية، وتمكينها من أداء رسالتها على أكمل وجه. 3. على إفريقيا التي نهشت جسدها أعداء الإنسانية من جهل وفقر ومرض أن تعلق الجرس، وتستعد من الآن لليل طويل، ربَّما لا يعقبه صبح، قبل فوات الأوان. أخيراً وليس آخرًا، لا أملك غير رفع الأكف إلى الله القوي المتعال القادر على كل شيء، أن يزيل الهم، ويكشف الغم، ويحفظ الأُمَّة من كل مكروه. بقلم : اللواء الركن م. الدكتور بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود
مشاركة :