يعود تواصلي مع الزميلة الأستاذة كوثر بنت موسى الأربش إلى فترة ليست بالطويلة، وسر وسبب هذا التواصل الاهتمام البحثي والكتابي لدى كوثر، حيث أبدت رغبتها في القراءة في موضوع محدد سلفاً ومن ثم الكتابة فيه، وقد لاحظت أنها تكتب وفق منهجية علمية صارمة ألزمت بها نفسها، فهي إذا أرادت الكتابة في موضوع تطلب كل ما يمت لهذا الموضوع بصلة، وتطلع على الكتب والدراسات التي تختلف وكأنها تطالع الكتب والدراسات التي تتفق معها نفسها. عرفت ذلك من خلال لقاءات متعددة معها، وهي تبحث في بعض الموضوعات التاريخية والفكرية العميقة، وهي تمتاز بطول النفس والسؤال والبحث حتى ترضي نهمها المعرفي . وهنا أنا لست بصدد الحديث عن كوثر كاتبة أو باحثة، بل حديثي سيكون عن موقف أصيل لدى الأستاذة كوثر، أكدت فيه أنها لا تتاجر بالشعارات أو تدغدغ مشاعر الناس حين كانت تنبذ الطائفية والمذهبية والعصبية من أي شخص كائناً من كان، فهي لها سنوات تتحدث عن هذا الموضوع، وقد يقول البعض قول إنها تكتب وتتحدث عن هذه الموضوعات بلغة تخاطب عواطف المجتمع أو بعض شرائح المجتمع، إلا أن حديث كوثر النظري أصبح واقعاً ملموساً حين أتت نار الفتنة إليها فأصبحت أماً مكلومة تفقد ابنها في ريعان الشباب وعمر الزهور، فما ازدادت إلا رسوخاً في موقفها السابق في نبذها للعنف والتطرف كائناً من كان، ولم تستمع لدعاة الطائفية من الطرفين، بل كان العقل والتعقل والحكمة سيد الموقف لديها. هذا الموقف لكوثر يذكرنا بقصص لسيدات من تاريخنا العريق صبرن وتحكمن في عواطفهن ومشاعرهن وعلى رأسهن الخنساء ذائعة الصيت. كم نحن بأمسّ الحاج لدراسة المواقف القديمة والحديثة في نبذ الطائفية والحث على الوحدة الوطنية. هذه الدروس الوطنية تحتاج إلى نماذج تطبيقية وعملية أكثر من الحديث النظري وطرح الشعارات على أهميتها في مخاطبة الرأي العام.
مشاركة :