أوضحت محكمة النقض في أحد الطعون المنظورة أمامها عقوبة إسقاط امرأة حبلي عمدا .جاء في حيثيات الحكم أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما مفاده أنه على إثر مشادة بين الطاعن والمجنى عليها بسبب تبادلها الحديث والرسائل هاتفيًا مع غيره وتفضله عليه ومحاولته رأب ذلك الصدع حماية لمستقبل الجنين الذي تحمله بين أحشائها إلا أنها بادرته بالسب والشتم وقامت بلطمه على وجهه فاشتد غضبه وأخذته الحمية وبدأ التعدي عليها ضربًا فحاولت الاستغاثة إلا أنه استل سكينًا بعد أن ملأ الحقد قلبه وانتوى من فوره قتلها ولم يشفع لها ما تحمله في أحشائها وأخذ يكيل لها الطعنات فأصابت إحداها بيمين العنق محدثة بها إصابتها التي أودت بحياتها ولم يتركها إلا بعد أن تأكد أنها جثة هامدة ، ثم انتهى الحكم من بعد إلى ثبوت جناية إسقاط إمرأة حبلى عمدًا في حق المتهم كظرف مشدد لجناية القتل العمد الذي انتهى إلى ثبوتها في حقه . لما كان ذلك .وكانت المادة ٢٦٠ من قانون العقوبات قد نصت على أن : ( كل من أسقط عمدًا إمرأة حبلى بضرب أو نحوه من أنواع الإيذاء يعاقب بالسجن المشدد) ، وهو ما يدل في صريح لفظه وواضح معناه على أن تحقق جريمة إسقاط الحبلى تلك رهن بأن يكون الإسقاط عمدًا وناتجًا عن ضرب أو نحوه من أنواع الإيذاء ، وهو ما يتعين معه على المحكمة أن تتعرض للقصد الجنائي في تلك الجريمة لإثبات عمديتها وتوافر نية الإسقاط فيها والوسيلة التي استخدمت لتحقيق النتيجة فيها . ولما كان الحكم المطعون فيه - على ما يبين من مدوناته - لم يلتفت لدفع الطاعن بانتفاء نيته في جريمة إسقاط الحبلى عمدًا كظرف مشدد لجريمة القتل العمد ، ولم يتقص أمر ثبوت تلك النية بلوغًا إلى غاية الأمر في ذلك وبما ينحسم به ، فإنه يكون قد تعيب بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة ، ولا يُعترض على ذلك بأن عقوبة السجن المشدد الموقعة على الطاعن مقررة لجريمة القتل العمد دون اقتران بجناية أخرى - وبفرض أن الحكم لم يخطئ في تقدير ذلك - إلا أن عقوبة جناية القتل العمد المقترن بجناية أخرى وفق الشق الأول من الفقرة الثانية من المادة ٢٣٤ من قانون العقوبات هي الإعدام في حين أن العقوبة هي السجن المؤبد أو السجن المشدد إذا كانت جريمة القتل العمد من غير سبق إصرار ولا ترصد - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وبدون توافر ظرف الاقتران لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه - على ما يبين من مدوناته - قد جمع في قضائه بين جريمة القتل العمد بغير سبق إصرار ولا ترصد والظرف المشدد وهو اقتران تلك الجناية بجناية أخرى هي إسقاط امرأة حبلى عمدًا ، وأوقع العقوبة على أساس توافر ظرف الاقتران بين الجريمتين ، وهو ما يجعلها الإعدام ، إلا أن المحكمة وقد رأت أن ظروف الواقعة تقتضي إعمال الرأفة وتطبيق المادة ١٧ من قانون العقوبات - وهو من إطلاقاتها دون رقابة لمحكمة النقض عليها - ونزلت بالعقوبة درجتين وعاقبت الطاعن بالسجن المشدد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد شابه القصور في التسبيب ؛ إذ أغفلت المحكمة بيان مدى توافر ظرف الاقتران بين جناية القتل العمد دون سبق الإصرار أو ترصد والجناية الأخرى - إسقاط امرأة حبلى عمدًا - التي التفتت المحكمة أيضًا عن بيان أركانها ، فإنه لا يمكن الوقوف على ما كانت تنتهى إليه المحكمة في خصوص العقوبة لو أنها بحثت مدى توافر ظرف الاقتران ومدى توافر أركان الجريمة المقترنة في حق الطاعن ، سيما وقد أعملت في حقه المادة ١٧ من قانون العقوبات ونزلت بالعقوبة درجتين رغم أنها لم تبين أساس الاقتران وشروطه ومدى توافره ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبًا بالقصور الموجب لنقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
مشاركة :