دولة الإمارات التي أظهرت قدرا كبيرا من الحزم والمرونة في مواجهة جائحة كورونا ذات البعد العالمي، تطمح إلى أبعد من مجرّد مواجهة الظرف الاستثنائي وتجاوزه دون أضرار، لتستثمر هذه التجربة الاستثنائية وتحولها إلى أساس لبناء استراتيجية يتم من خلالها دعم القدرات وتوفير ما يلزم من وسائل مواجهة أي طوارئ ومستجدات قد تحدث مستقبلا. أبوظبي- تتجه دولة الإمارات العربية المتّحدة نحو تجاوز الطابع التكتيكي والظرفي للمواجهة التي تخوضها في الوقت الحالي بنشاط وحيوية ضدّ جائحة كورونا وتحويلها إلى استراتيجية أوسع نطاقا وأبعد مدى استعدادا لأي ظرف طارئ قد يستجدّ مستقبلا. وآثرت الدولة التي أظهرت حرصا على إضفاء طابع مستقبلي وبعد استشرافي على مختلف سياساتها، أن توجّه جزءا من جهدها ضمن استراتيجية استباق الأزمات والكوراث، نحو قضية تأمين الغذاء بشكل مستدام. وتجلّى ذلك في سنّها تشريعا خاصّا بتنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية أُعلن الإثنين عن اعتماده من قبل رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان. وكانت قضية تأمين الغذاء والدواء قد أثيرت بقوة في دولة الإمارات، كما في سائر بلدان العالم، وذلك بسبب الظرف الحرج السائد في مختلف البلدان بفعل تفشّي فايروس كورونا وما خلّفه من تأثيرات ضارة على مختلف نواحي الحياة الصحية والاجتماعية والاقتصادية. وبدت الإمارات وهي تعلن اعتماد القانون الجديد بصدد استكمال تجسيد التعهّد الذي قطعته قيادتها بمواصلة تأمين الغذاء والدواء لكل المواطنين والمقيمين على أرضها، في كلّ الظروف. وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، خلال اجتماع انعقد في وقت سابق بحضور مجموعة من الشيوخ والمسؤولين الحكوميين لتدارس الإجراءات الإماراتية في مواجهة جائحة كورونا “أريد أن أطمئن كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة أن دولة الإمارات قادرة على تأمين الدواء والغذاء إلى ما لا نهاية”، مؤكّدا على اعتبار “الدواء والغذاء خطا أحمر في دولة الإمارات يجب تأمينهما لأهلنا إلى ما لا نهاية بغض النظر عن أي تحديات سواء كورونا أو غيره”. الجميع سواسية الجميع سواسية وقالت وكالة الأنباء الإماراتية “وام”، الإثنين، إن القانون الاتّحادي الجديد الذي تمّ اعتماده من قبل رئيس الدولة ويحمل الرقم 3 لسنة 2020 يتعلّق بتنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة ويهدف إلى تنظيم ذلك المخزون في حال حصول أزمات وطوارئ وكوارث، وتحقيق الاستدامة في مجال الغذاء. وحدّد القانون الذي تسري أحكامه على المزوّد والتاجر المسجّل، عددا من الالتزامات لتطبيق إجراءات القانون، كما حدّد اختصاصات وزارة الاقتصاد لغايات تنفيذ أحكام القانون، والتي تتمثل في اقتراح السياسات والخطط والبرامج المتعلقة بالمخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية بالتنسيق مع الجهة المختصة وعرضها على مجلس الوزراء للاعتماد، والتنسيق مع اللجان الاقتصادية المشتركة للدول المزودة للسلع حول البرامج المتعلقة بالمخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية، ووضع الخطط والبرامج الخاصة بحجم وكمية مخزون الأمان وما يتعلق بزيادة سعة المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في حالة زيادة الطلب على السلع الغذائية على مستوى الدولة. كما تختص الوزارة حسب ما حدده القانون بإعداد التقارير والدراسات والإحصائيات والتقييم الاقتصادي بشأن السلع الغذائية وتقدير حجم الاستهلاك وتحديد الفائض والعجز، وإعداد قواعد بيانات عن إنتاج وتوفر السلع الغذائية في الدولة وبلدان المنشأ ومتابعتها لدى المزودين، إلى جانب تنسيق وتنفيذ سياسات تأمين وإدامة وسلامة المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية، بالتنسيق مع الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث والجهة المختصة، لتحقيق مخزون استراتيجي آمن من السلع الغذائية. وأضافت “وام” أنّ القانون حدّد للوزارة المراجعة الدورية مع الجهة المختصة للتحقق من الرصيد القائم من السلع الغذائية لدى التاجر المسجلة، والإشراف على إعداد قواعد البيانات والربط الإلكتروني بشأن المخازن والمخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية ومتطلبات تخزين السلع الغذائية، والرقابة على التزام المزودين والتجار المسجلين بالأنظمة والتعليمات المتعلقة بتنفيذ أحكام هذا القانون، وتحديد قائمة بأسماء السلع الغذائية وتحديثها، وتحديد حجم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية ونسبة مخزون الأمان، إلى جانب رفع تقارير بشكل دوري لمجلس الوزراء بشأن المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة، كما حدد القانون بأنه يجوز للوزير تشكيل لجنة فرعية أو أكثر لتنفيذ الاختصاصات المشار إليها في هذه المادة. القانون الجديد تجسيد لمنظور القيادة الإماراتية إلى الدواء والغذاء كخط أحمر، ويتوجب تأمينهما إلى ما لا نهاية كذلك حدد القانون ضمن مواده قيام الوزارة، بعد التنسيق مع الجهة المختصة، بإنشاء سجل لقيد المزودين والتجار وتصنيفهم، ويحدد بقرار من الوزير شروط وإجراءات التسجيل، كما تم تحديد التزامات المزود والتاجر المسجل بحيث يلتزم بالمحافظة على مخزون الأمان وفقا لأحكام القانون، وتوريد المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية عند الطلب، والربط الإلكتروني مع الجهة المختصة والهيئة لضمان استمرار متابعة كميات وأصناف وحالة المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية، وتنفيذ القرارات الصادرة من الجهة المختصة. كما تتضمن الالتزامات توزيع المخزون الاستراتيجي السلعي في حالة حدوث طوارئ أو أزمات أو كوارث وفقا لخطط التوزيع التي يتم إعدادها من الهيئة بالتنسيق مع الجهة المختصة. ويقصد بالمزود المنتج أو المستورد الذي يوفر السلع الغذائية للموزعين والتجار سواء من داخل الدولة أو خارجها، والتاجر المسجل الشخص الذي يباشر نشاطا تجاريا يتعلق بالسلع الغذائية، ومرخصا له في الدولة لغرض تطبيق هذا القانون. وألزم القانون التاجر المسجل بإدارة المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية والمخزن، بتحديد موقع ومساحة وحجم المخزن المخصص للمخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية، على أن يكون داخل الدولة، وإخطار الجهة المختصة بموقع المخزن، إلى جانب حفظ وإدارة المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية وفقا للمواصفات والمقاييس المعتمدة في الدولة.
مشاركة :