حرم سكان دول عربية كثيرة من متعة التواصل الاجتماعي في الحياة الواقعية بسبب فرض الحكومات إجراءات العزل المنزلي، فبعد إغلاق المقاهي والمطاعم ومنع التجمعات والمجالس والديوانيات يعتبر التسوق آخر الفرص الباقية للقاء الأصدقاء والجيران. تونس – فقد كثيرون في شتى أنحاء العالم العربي فرصة الالتقاء بأصدقائهم وجيرانهم في المجالس والمقاهي والمطاعم والديوانيات، بعد أن شملت الإجراءات المشددة التي اتخذتها الحكومات غلق كل أماكن الترفيه والأماكن العامة، إلى جانب فرض العزل المنزلي. بعض الأصدقاء المصريين الشباب وجدوا حلا في الالتفاف على قرار العزل المنزلي بترتيب مواعيد شبه يومية عند محل بيع السجائر الموجود في آخر الحي. ويفيد أحمد “نتفق مسبقا على ساعة لقائنا هنا. وعندما نجتمع نحاول أن نبقى متباعدين بحوالي متر أو مترين على بعضنا البعض لكن في الحقيقة أحيانا كثيرة ننسى ذلك. هناك دائما أحد الأصدقاء يذكرنا بضرورة عدم الاقتراب من بعضنا كثيرا”. وبعد أن كان التسوق عبئا على كثيرين باعتبار أنه ليس من بين الأمور الممتعة بالنسبة لهم، أصبح الخروج من المنزل لشراء الخضراوات وغيرها من المواد الغذائية ذا أهمية كبيرة بالنسبة إلى الكثير من الناس وفرصة التسلية الخارجية الوحيدة، إلى جانب أنه الإمكانية الوحيدة المتوفرة للقاء الأصدقاء والجيران. تستعد أمينة، وهي أم لطفلين تعمل موظفة في شركة اتصالات، بكل سعادة للخروج. من يرى غبطتها يعتقد أنها ذاهبة للتنزه مثلا، لكن الحقيقة أن سبب خروجها من منزلها هو شراء الأغراض والمواد الضرورية لإعداد وجبات الطعام أو لتنظيف المنزل. تقول أمينة “هذه فرصتي الوحيدة للخروج من المنزل. أنتظر هذا الموعد بفارغ الصبر لأخرج قليلا إلى الشارع. أنا لست معتادة على المكوث في المنزل لفترة طويلة”. في فترة العزل المنزلي، تعدّ الإنترنت الوسيلة الوحيدة للبقاء على تواصل مع العالم الخارجي ومعرفة الأخبار المحلية، إذ أصبح المعزولون ممتنين لشبكات التواصل الاجتماعي لأنها النافدة التي تبقيهم مطلعين على ما يدور حولهم. PreviousNext لكن ريم، التي تعيش مع والديها المسنين وبالتالي هي المسؤولة عن التبضع، تقول إن وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة للتسلية والحصول على الأخبار المحلية، لكن الكثير من المعلومات والأخبار الصغيرة والمهمة لها لا تتوفر في تلك المنصات الافتراضية وتوضح “عندما أزور الفضاء التجاري الموجود في الحي الذي أعيش به أستقي الكثير من الأخبار المفيدة لي، فمثلا عندما وقفت بالأمس في الطابور أخبرتني سيدة من أين يمكن أن أشتري مادة الطحين التي تشهد الأسواق في تونس نقصا كبيرا في التزوّد منها”. ولا يختلف الوضع كثيرا في مناطق أخرى من العالم، إذ تعد متاجر البقالة الفرصة الوحيدة المتبقية للاختلاط. وحاليا، أصبح متجر السوبر ماركت المحلي شريان حياة شخص واحد على الأقل من سكان روما، وهو ماسيمو موي البالغ من العمر 56 عاما. وقال موي الذي يخطط للتسوق مرتين في الأسبوع في حي مونتي في روما منذ أن فرض إغلاق في البلاد في وقت سابق من هذا الشهر للحد من تفشي فايروس كورونا “إنه المكان الوحيد الذي أرى فيه الناس في الحياة الواقعية”. ويرتب هو وثلاثة أو أربعة من أصدقائه رحلاتهم مسبقا ويلتقون في المتجر. بمجرد دخولهم، يسير الأصدقاء في خط مستقيم بفارق متر واحد من بعضهم البعض ويعودون للالتقاء عند الخروج ليودّعوا بعضهم البعض. في إسبانيا حيث أودى الوباء بحياة أكثر من 3400 شخص، يطلب من الزبائن أحيانا تطهير أيديهم ووضع القفازات وترك ممتلكاتهم الشخصية عند المدخل قبل بدء التسوق. وفي مدريد، قال القصّاب سيليستينو لوبيز من خلف المنضدة إن “المحادثات مع الزبائن أصبحت الآن أقصر بكثير”.
مشاركة :