ماذا ينقص الثقافة؟

  • 6/15/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

منذ أمد، وعندما بدأت أكتب في هذه المساحة التي حظيت بها وبتقدير من جريدتنا الغراء الخليج، تساءلت إن كانت ثقافتنا تشبهنا أم لا، وجاءت ردود كثيرة حول الأمر المطروح، وأشكر من تفاعل مع السؤال محل المقال، لكن الأمر الذي طرحته لم يكن سؤالاً ينتظر الإجابة، بل منهجياً رغبت في الدخول من خلاله إلى طرحي حول أهمية أن تكون الثقافة ممثلة للواقع وجزءاً منه، ولست أعني التراث، لكن الأمر كان أوسع من ذلك، وأنا اليوم أملك سؤالاً آخر حول الثقافة في ما ينقصها، والإجابة في ظل معطيات الواقع ستكون إن ما ينقص الثقافة كثير، ويكفي أن نقف في مواجهة أشكال متنوعة من التدليس الفكري في الخطاب الديني الظلامي أو في مواجهة الخلاف الإعلامي الثقافي، وقد حضرت أمامي مقولة صدرت عام 1995 في بيان لدائرة الثقافة الإعلام في الشارقة بمناسبة احتفالها بعامها الخامس عشر، عندما قال البيان ضمن ما قال إن الثقافة حرب ضد الشرور والظلامية، وفي مكان آخر قال البيان عن الإعلام إنه لابد أن يعود إلى الثقافة والمبادرة الثقافية من وجهة نظر الثقافة لا من وجهة نظر الإعلام، والحديث كان في منتصف التسعينات، أما الآن ولعل الحال قد تغير كثيراً وحق لنا أن نقف ونعود ليس في أصل السؤال وإنما إلى ما ذهبت إليه، وهو هل نعلم ما ينقص الثقافة؟ وكيف لنا أن نعرف؟ في استبانة حول العمل الثقافي أجريت مؤخراً تبين أن نسبة كبيرة مثلاً ممن أجابوا عن الاستبانة طلبوا أن يذهب النشاط الثقافي إليهم في أماكنهم لضرورات الحياة وانشغالاتهم، وهو أمر قد يتحقق إما من خلال تنظيم الأنشطة في أحيائهم وقريب من سكنهم، أو أن يصلهم النشاط الثقافي عبر الإعلام أو أوعية جديدة كالبث المباشر عن طريق الإنترنت أو الإعلاميات السمعية البصرية أو مثلاً، كما تفعل ثقافة بلا حدود في إيصال الكتاب إلى الأسرة مباشرة، وقال بعضهم إن ما ينقص الثقافة هو الإبداع والتجديد، ويبدو لي أيضاً أن البحث الاستقصائي ومراجعة وتقييم البرامج الثقافية وتأثيرها أمر تحتاج إليه الثقافة، فما تقدمه الصحافة الثقافية من استطلاعات أمر جيد، لأنه يعكس وجهة نظر مهمة، لكنها للأسف وجهة نظر من طرف واحد هي وجهة نظر بعض المبدعين الذين قد لا يلمون بالموضوع إلا من جهة اختصاصهم ورأيهم واحد تجاه ما يعنيهم، أما الإحصاء ودراسة المؤشر واستطلاع الرأي حول ما يقدم من برامج الثقافية فهو من الأهمية بمكان، فمن خلاله نتعرف إلى احتياجات المتلقي إنّما دواء العي السؤال، إن إدراك أهمية المثلث الذي ذكرته للثقافة الفكر، الجمهور، الإعلام من حيث فهم المستجدات والاحتياجات هو ما يصنع التأثير الحقيقي للثقافة، وهو الثغر الذي تضطلع الثقافة بحراسته، وبالتالي دراسته والانتباه إليه، ليس بمعزل عن الواقع، وبأفق مستنير.

مشاركة :