بكين 3 إبريل 2020 (شينخوا) تم تداول بعض صور الأقمار الصناعية المأخوذة فوق الصين على نطاق واسع في الأيام الأخيرة على الإنترنت، والتي تظهر إعادة فتح المصانع وانتعاش حركة المرور في البلاد. وهذا يعني أن القوة الصناعية الهائلة في الصين مستعدة للتعافي بالكامل بعد أسابيع من التباطؤ بسبب تفشي كوفيد-19 المفاجئ. في الآونة الأخيرة، عندما كانت الصين في خضم المعركة ضد الفيروس، وصف بعض المشككين إزاء الصين الدولة الآسيوية بأنها حلقة ضعيفة ضمن سلسلة التوريد العالمية، وألمحوا إلى أن العالم قد اعتمد عليها بشكل أكثر من اللازم. وحقيقة أن الدولة الآسيوية تمكنت من السيطرة على الوباء على أرضها في وقت قصير نسبيا واستئناف الإنتاج وإعادة فتح الأعمال بطريقة منظمة أثبتت خطأ هؤلاء المشككين. بل على العكس من ذلك، أظهرت مرونة الاقتصاد الصيني. في الواقع، تتمتع الصين بمكانة فريدة في الاقتصاد العالمي شديد التعقيد والمتكامل للغاية. لم ذلك؟ السبب الأول هو حجمها. تمتلك الصين أكبر سوق استهلاكية في العالم من حيث عدد السكان، مع أكثر من 400 مليون شخص يكسبون دخلا متوسطا. في غضون ذلك، فإن الاستهلاك بات أكبر محرك للاقتصاد الصيني طيلة ست سنوات متتالية، حيث ساهم بنسبة 76.2 في المائة من النمو الاقتصادي في الصين في عام 2018. وبالتالي، من الصعب على الشركات خارج البلاد تجاهل الفرص الوفيرة هناك. إضافة إلى قوتها الاستهلاكية، تعد الصين أيضا دولة إنتاجية. وهي الوحيدة في العالم التي تضم جميع الفئات الصناعية ضمن تصنيف الصناعة في الأمم المتحدة، ويمثل تصنيعها ما يقرب من 30 في المائة من الإجمالي العالمي. وأحد العوامل الرئيسية الأخرى هو نظام الحوكمة الاقتصادي والاجتماعي في الصين، الذي يمكن أن يوفر، كما اتضح خلال فترة الوباء، ضمانا ثابتا للاستقرار واليقين في وقت الأزمات. وفي وقت يحذر البعض فيه من وضع كل البيض في سلة واحدة، فإن الصين ليست الوحيدة لكنها الأفضل، كما أن تغيير السلال معقد ومكلف لأنه ينطوي على مجموعة من العوامل، منها الضرائب والعمال والخدمات اللوجستية وبيئة الاستثمار وغيرها. خذ إنتاج منتجات شركة ((آبل)) الإلكترونية على سبيل المثال. إذ ما فتئت الإدارة الأمريكية الحالية في محاولة تشجيع الشركة على تصنيع منتجاتها محليا، لكن هذه الجهود حتى الآن ذهبت سدى. ويمكن أن يكون السبب بسيطا كبرغي صغير. وفقا لتقرير نشرته صحيفة ((نيويورك تايمز))، عندما حاولت شركة ((آبل)) تصنيع "ماك برو"، الكومبيوتر الشخصي الأكثر تطورا بالشركة، في مصنع بولاية تكساس الأمريكية، عانت لإيجاد ما يكفي من براغي نظرا لأن متعهد التصنيع الخاص بها لم يكن قادرا إلا على إنتاج ألف قطعة على الأكثر يوميا. ولكن هذا الأمر ليس بمشكلة في الصين. وخلال جولته التفقدية في مقاطعة تشجيانغ بشرق الصين من الأحد إلى الأربعاء، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى بذل الجهود لجعل سلاسل التوريد العالمية سلسة لضمان الأنشطة الاقتصادية والتجارية الطبيعية. ويمكن اعتبار دعوة الرئيس الصيني بمثابة تذكير حصيف وحسن التوقيت في هذه اللحظة الحرجة. إن المهمة الأكثر إلحاحا التي تواجه المجتمع الدولي الآن ليست البحث عن سلال، بل التأكد من عدم كسر البيض. وهذا يتطلب من البلدان في جميع أنحاء العالم مقاومة الإغراء الزائف للحمائية واتخاذ تدابير متضافرة للحيلولة دون حدوث ركود تام آخر. لحسن الحظ، وخلال قمة استثنائية لمجموعة العشرين بشأن كوفيد-19 عقدت الأسبوع الماضي، تعهدت الاقتصادات الكبرى في العالم في بيان مشترك بتشكيل "جبهة موحدة" ضد التهديد المشترك الذي يشكله الوباء، والتزامها "بتحقيق بيئة تجارية واستثمارية حرة ونزيهة وغير تمييزية وشفافة وقابلة للتنبؤ ومستقرة". إن روح العمل الجماعي تلك هي ذات السلاح الذي طوعته الدول في جميع أنحاء العالم لمحاربة الأزمة المالية العالمية في عام 2008. ومن المستحسن لها استخدامه مرة أخرى.
مشاركة :