قطعت اليونان خطوة جديدة على طريق إعلان إفلاسها ومعها الخروج من منطقة العملة الأوروبية الموحدة اليورو، بعد فشل المفاوضات الحاسمة وتوقفها مساء أول من أمس الأحد، بين أثينا ودائنيها الدوليين، وبعد رفض الوفد اليوناني المطالب بإصلاحات عميقة تم وصفها بغير المنطقية. وأكد متحدث رسمي باسم المفوضية الأوروبية فشل المفاوضات، مشيرًا إلى أنها توقفت بسبب خلافات وتباينات عميقة في وجهات النظر، مما منع الطرفين من التوصل إلى اتفاق، مضيفًا أن «المقترحات اليونانية، غير مُرضية وغير مكتملة»، من وجهة نظر الدائنين الدوليين، ولكن شدد على أن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر: «يأمل في التوصل إلى مخرج للأزمة قبل آخر يونيو (حزيران)، وهي المهلة التي حددتها الجهات المانحة لليونان لسداد التزامات مالية كبيرة لفائدة صندوق النقد الدولي. من جانبه، أكد وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس أن التوصل إلى اتفاق بين أثينا والجهات الدائنة لا يزال ممكنا وأنه يمكن إبرامه في ليلة واحدة بشرط وجود المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، موضحًا أن أثينا لم تفقد الأمل في التوصل لاتفاق مع مقرضيها. وجدد الوزير اليوناني مطالبته دائني بلاده بإعادة هيكلة ديونها، وقال: «بهذه الطريقة فقط يمكن أن نضمن سداد دين ضخم إلى هذا الحد». ووجه رئيس الوزراء اليوناني رسالة إلى شركائه الأوروبيين، مفادها أنه لا ينبغي اعتبار أن رغبة حكومته الصادقة في التوصل إلى حل هو ضعف منها، وأن الخطوات المتخذة من جانب اليونان لتضييق هوة الخلاف لا ينبغي اعتبارها عجزًا، مشددًا على أن حكومته لا تملك الحق في وأد الديمقراطية الأوروبية في البلد الذي نشأت فيه الديمقراطية، وهو اليونان. وأشار تسيبراس إلى أن الأغراض السياسية هي الدافع الوحيد وراء إصرار المؤسسات الدائنة على فرض تخفيضات جديدة للمعاشات التقاعدية في اليونان، بعد خمس سنوات نهبت فيها بلاده بواسطة برامج الإنقاذ المزعومة، موضحًا أن الحكومة اليونانية قد تقدمت خلال المفاوضات بمشروع محدد يتضمن إجراءات بديلة، وأن أثينا سوف تلتزم بالصبر حتى تستجيب المؤسسات الدائنة إلى الحلول الواقعية. وشدد رئيس وزراء اليونان أن حكومته تحمل مسؤولية الحفاظ على كرامة الشعب اليوناني وإعطاء الأمل لشعوب أوروبا، وهي مسؤولية كبيرة لا يمكن تجاهلها، فهي ليست مسألة جدل آيديولوجي ولكنها مسألة تتعلق بمبادئ الديمقراطية. وقد توقفت المفاوضات في بروكسل، بعد انسحاب فريق التفاوض اليوناني وعودته إلى أثينا، نتيجة لعدم إيجاد أرضية مشتركة للمحادثات مع ممثلي المؤسسات الدائنة، وتتجه الأنظار الآن إلى اجتماع وزراء مالية مجموعة اليورو، يوم الخميس المقبل في لوكسمبورج. وقد حمّل الوفد اليوناني المكون من نائب رئيس الحكومة واثنين من الوزراء، حمل المقرضين الدوليين مسؤولية فشل المفاوضات في بروكسل، لإصرارهم على أن تقتصر إجراءات تغطية الفجوة المالية في الموازنة اليونانية، على خفض المعاشات التقاعدية بنسبة 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وصرح نائب رئيس الوزراء اليوناني يانيس دراغاساكيس، أن الوفد اليوناني تقدم للمؤسسات الدائنة بمقترحات إضافية على النحو المتفق عليه، تغطي الفجوة المالية والفوائض الأولية المطلوبة، وهي مقترحات كانت تمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق نهائي وتغطي المحاور الثلاثة الأساسية وهي الموازنة العامة والتمويل والتنمية، ولكنهم أصروا على توفير الأموال المطلوبة عن طريق خفض المعاشات التقاعدية وزيادة الضرائب فقط، دون غيرها من الإجراءات. من جهته، قال وزير الطاقة والاقتصاد الألماني زيجمار غابرييل، إن برلين وأوروبا لن تسمحا لأثينا بأن تبتزهما بالخروج من منطقة يورو، وقال جابرييل: «ليس فقط الوقت يمضي، بل وبرأيي، فإن الصبر نفذ في كثير من الدول الأوروبية»، وحسب قوله أيضا، فإن أعضاء في الحكومة اليونانية يعتقدون أن خشية أوروبا من خروج أثينا من منطقة اليورو ستدفع الدول الأوروبية لعمل كل ما تريده اليونان «لكن الأمر ليس كذلك». مع ذلك، أكد غابرييل أن أوروبا وألمانيا مستعدتان في الظروف الحالية لتقديم مليارات اليورو لليونان، «لكننا نريد أن تنفذ الحكومة اليونانية التزاماتها». وأضاف أن أثينا لم تقدم حتى اللحظة خطة «فعالة وأمينة» للإصلاحات، ولذلك «فعلينا ألا نجعل أنفسنا أضحوكة أمام الناس». وتطالب المؤسسات المالية رئيس الحكومة اليونانية ألكسيس تسيبراس بإصلاحات تتعارض مع وعوده الانتخابية المعادية للتقشف والتي يعارضها جناح كبير من حزبه اليساري الراديكالي «سيريزا»، وهناك ثلاث نقاط أساسية تتأرجح عندها المفاوضات بين أثينا ومقرضيها، هي إصلاح نظام التقاعد ومعدل الضريبة على القيمة المضافة والتزام اليونان، أو عدم الالتزام بخفض الدين العام. وبالتحديد تطالب المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، اليونان بالالتزام بتقليص نفقات الحكومة بما لا يقل عن 2 مليار يورو سنويًا لضمان الحصول على تمويلات وسيولة نقدية جديدة، ويتحتم على أثينا دفع 1.6 مليار يورو، في أجل أقصاه 30 يونيو (حزيران) لفائدة صندوق النقد الدولي، للحصول على تمويلات جديدة بـ7.2 مليار يورو، وهي التمويلات التي جمدها الدائنون منذ صيف 2014. وتسببت عملية وقف المفاوضات في تراجع اليورو على نطاق واسع خلال تداولات أمس الاثنين، بعد أن انتهت المحادثات الأخيرة بين اليونان ودائنيها، وسجل المؤشر العام لبورصة أثينا أمس هبوط بأكثر من 7 في المائة بسبب شروع المستمرين في بيع جماعي للأسهم، مسجلة قيمة تعاملات 12.7 مليون يورو عند نحو 718.46 نقطة، كما انخفض مؤشر الأسهم الممتازة بقيمة 6.17 في المائة.
مشاركة :